غلطة الشاطر بـ «كفرة» يا أبا شاور

عمر كوجري

في معرض رده الانفعالي على ” بعض ” الموقف الكردي في مؤتمر استنبول، وانسحاب الوفد من المؤتمر بسبب إصرار المعارضة السورية ذات الصبغة الدينية الواضحة للأسف على الإبقاء على الجمهورية السورية في عروبتها الباذخة، كتب الكاتب والروائي الفلسطيني رشاد أبو شاور مقالة نشرها في صحيفة القدس العربي، ونقلتها بعض المواقع الالكترونية، حيث عنونَ مقالته ” سورية عربية عربية عربية” وكأن يشعر في قرارة نفسه خلاف ذلك، لأن التأكيد المبالغ فيه يعطي انطباع الشك والريبة!!
ورأى أن سورية ستبقى” قلب العروبة النابض رغم أنوف أعداء الأمة العربية”
لكن وفي ذروة انفعاله وقع في بعض الأخطاء رغم أنه قامة أدبية وصحفية كبيرة، وقرأنا له في يفاعة الشباب بعض الأقاصيص والروايات التي تحضُّ على النضال والمقاومة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ومن ضمنها شعبه الفلسطيني.
  وأتذكر أنني قرأت له – الأشجار لا تنمو على الدفاتر- قصص – بيروت 1975.

وكذلك – الرب لم يسترح في اليوم السابع – رواية 1986.

لكن هذا لا يشفع له أن أدحض بعض ما دُرج في مقالته.


ومن ضمن المغالطات التي وقع فيها أستاذنا أبو شاور أنه أراد أن يقول إن الكرد في سورية ضد العروبة، وهذا محض افتراء وتخيل منه،  فالكرد لا في سورية ولا في أي مكان آخر لا يناصبون العداء للعرب والعروبة، هذه العروبة التي أعلى من شأنها الكاتب إلى درجة الاستعلاء القومي البغيض الذي نعاني منه جميعاً نحن شعوب هذه المنطقة، وقد برر هذا الاستعلاء بأنه ” صون للنفس، وامتلاك للدور بين الأمم المتصارعة على السيادة في زمن العولمة”
بعض الكرد، ولا أقول الكرد بتمثيلهم السياسي كانوا هناك، وهذا البعض القليل وغير المعبر آثر الانسحاب حينما رأى، وشعر أن الإخوة في المعارضة ينغصون على هؤلاء البعض حقهم في المشاركة والصياغة وغيرها، وحينما شعروا أن هناك من يبغي استبدال  الدولة الدينية محل الدولة الأمنية، ” وكلاهما شر وإثم” وبالتالي تذهب دماء كل هؤلاء الضحايا هباء منثوراً، فالشعب السوري بكل مكوناته والذي قدم كل هذه الأضاحي لن يقبل عن الدولة المدنية الديمقراطية بديلاً، حيث تتعايش كل المكونات في وئام وتفاهم، ولا يؤكل حق أحد.
من الطبيعي أن شعب سورية ورغم تقديرنا لوضوح وغلبة النسب العربي” عدداً”  غني وثري في مكوناته الإثنية والقومية، وهذا سر قوته، إلا أنه من الجلي والمبسط القول إنه يعيش على هذه الأرض شركاء آخرون مثل ” الكرد” ثاني قومية في البلاد، وكذلك الأشوريون والأرمن والتركمان والشاشان والشراكس وغيرهم، وليس إجحافاً بحق سورية، ولا بحق القومية العربية إن سميت سورية المستقبل بـ ” الجمهورية السورية”
الحضور الكردي لم يحتج على هوية سورية وانتسابها للعروبة كما ادّعى كاتبنا الذي نجلُّ كتاباته، ونذكره بالدماء الكردية التي أريقت على أرض لبنان وفلسطين كرمى لعيون فلسطين.


 لقد وقع الأستاذ أبو شاور في مغالطة كبيرة حينما أكد أن نسبة الكرد في سورية لا تزيد عن 4% وزعم أن عدد الكرد لا يزيد على المليون نسمة، وحتى لو كانوا كذلك عدداً ألا يحق لهم أن يشاركوا في حراك بلدهم، وتقرير مصيره باعتبارهم شركاء حقيقيين وأصلاء في هذا الوطن؟؟
ولو كان أبو شاور غراً في مجال الكتابة والبحث” وهو السياسي العلماني النحرير” لغفرنا له هذه ” السقطة” لكنه يعلم، والجميع يعلم أن نسبة الكرد في سورية تزيد على الـ 14 بالمئة من مجموع الشعب السوري، وبالتالي يربو تعداد سكانه على الأربعة ملايين نسمة، رغم عدم وجود أرقام إحصائية دقيقة ومحايدة.
 ويبقى حديث أبي شاور عن ” أكراد العراق” وتخوينهم، واعتبار أن الكرد انتزعوا ” مناطق الشمال وسموها: كردستان العراق، والاستئثار بالرئاسة العراقية ووزارة الخارجية” كلاماً للاستهلاك الرخيص والمجاني والمتباكي عن حقبة سوداء في تاريخ العراق والمنطقة، وهي حقبة صدام الآفلة إلى هامش التاريخ البشري، فكرد العراق لم يأخذوا هذه المناصب عنوة بل انتخبوا من قبل مجموع الشعب العراقي وعبر صناديق الاقتراع التي أشرفت عليها منظمات دولية محايدة، ورغم أن معظم دول العالم تقر، وتتحدث عن “كردستان العراق”، إلا أن الشوفينية التي كبلت قلم وعقل الكاتب أبت إلا أن ينعتها بـ “شمال العراق”.
وحقيقة، لم تشفع للأستاذ أبي شاور، في خواتيم مقالته حديثه عن إنه كان دائماً مع “استقلال وحرية الأكراد، فهم شعب مظلوم، مضطهد، وليس من العدل أبدا أن يحرموا من التعبير عن هويتهم”
أعود فأطمئن أبا شاور: الشعب السوري بمجموعه مع نضال الشعب الفلسطيني في سبيل إنشاء دولته على ترابه الفلسطيني، وعاصمة فلسطين الأبدية هي القدس أولاً وثانياً وثالثاً، فلا داعي من الخوف، وكأن السوريين يتخلون عن فلسطين ونضالات شعب فلسطين.


وأذكره ثانية بالدماء الكردية التي امتزجت مع دماء شباب فلسطين من أجل الحرية والكرامة الإنسانية التي تحققت بأبهى حللها في أكثر من معركة وواقعة بين أهل فلسطين وأحبة هذا الأهل، ضد الغاصب الإسرائيلي.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…