الشعب يريد الحقيقة وقيادات الاحزاب تراوغ.. قضية للنقاش (234)

صلاح بدرالدين

  تمخضت عن احداث ، وتطورات الأعوام العشرة الأخيرة في بلادنا عامة ، وفي مناطقنا خصوصا معادلة بغاية التعقيد تعبر عن نفسها بالشكل التالي :  شعبنا الطيب المسالم بين نارين ، فمن جهة نظام الاستبداد كعدو أساسي منذ عقود ، والسبب المباشر في حرمان الكرد من الأرض ، والحقوق ، ومعاناتهم من الظلم ، والاستبداد ، وهجرتهم ، ونزوحهم ، ومن الجهة الأخرى الافة التي ابتلوا بها من أحزاب ( ذوي القربى ) بطرفيها  التي ولت نفسها اما ( ممثلا شرعيا وحيدا ) ليس استنادا الى التخويل الشعبي ، او النضال ، والفداء ، والماضي المجيد ، بل اتكاء على امجاد آلاخرين ، أو  قسرا ومن دون ارادتهم الديموقراطية الحرة ، الآمر الناهي في مناطقهم ، التي شملتها العسكرة ، والتعبئة الآيديولوجية النقيضة لولادة نواة المجتمع المدني ، وحرية الفكر ، والموقف ، والتنظيم ، وقطع الطريق امام الابداع الإنساني ، وتفجير الطاقات الخلاقة في صفوف الجيل الناشئ الجديد من الجنسين  .
  شعبنا الذي قدم الغالي والرخيص منذ ان اصبح جزء من الكيان السوري ، منذ حركة – خويبون – مرورا بقيام التنظيم السياسي الأول ، وانعطافة الخامس من آب عام ١٩٦٥ ، التي صححت المسار ، واعادت تعريف الشعب والوطن ، والقضية ، والأصدقاء ، والاعداء ،  والمهام ، وبعد تقديم التضحيات الجسام ، من الشهادة ، والملاحقة ، والسجن ، والحرمان من الجنسية ، والحقوق المدنية ، والاحكام الجائرة في محاكم امن الدولة العليا ، والعسكرية ، وفي كل صنوف المخابرات ، استطاع مناضلو شعبنا تقديم القضية الكردية السورية الى الساحة السياسية ، والرأي العام الوطني ، والكردستاني ، والإقليمي ، والاممي ، كقضية شعب من السكان الأصليين في سوريا ، يرنو الى استعادة الحقوق ، وإزالة الاضطهاد ، هذه القضية التي تشكلت من خلال عذابات نحو سبعة عقود ، تعبث بها الأحزاب الان لتصفيتها ، عبر تشويه مضمونها الديموقراطي القومي ، وتجزئتها بين المناطق ، وربطها باجندات خارجية وبالمال السياسي ، وتقزيمها الى مسائل جغرافية مناطقية خالية من المضمون القومي الديموقراطي لارضاء نظم المنطقة خاصة نظام دمشق المستبد ، وتحويل اعدائها الى أصدقاء ، وحرف وجهتها التاريخية نحو المجهول .
  
     ينتظر شعبنا الكردي السوري بترقب  نوعا من الانفراج ، والتقدم نحو الأفضل اقتصاديا ، معيشيا ، امنيا ، وعودة المهجرين الى ديارهم ، وقبل هذا وذاك إعادة بناء حركتهم السياسية وتوحيدها ، ومعالجة ازمتها من خلال مشروع واضح متوافق عليه ، لتقود النضال ، وتعزز دورها القومي والوطني السوري، والكردستاني  ، وينبري البعض  من المجموعات ، والافراد  من النخب الوطنية المستقلة ، والشبابية من النساء والرجال للتصدي للمهام  الفكرية ، والثقافية ، وتعميق النقاش والحوار ، وعقد ، وتوسيع اللقاءات ، وطرح المشاريع ، والمقترحات ، وفي مقدمة هؤلاء ناشطو ، وجمهور حراك ” بزاف ”  .
  حراك ” بزاف ” ليس تجمعا حزبيا ، او مناطقيا ، او منصة موسمية ،  ولا طرفا منشقا من هذا الحزب او ذاك ، ولا رد فعل على هذا الطرف او ذاك ، وهو خارج كليا عن دائرة الصراعات الحزبوية ، والشخصية ، والفئوية ، أو على النفوذ ، واقتسام المال السياسي ، اوحول موقع  وحصة ، في سلطة الامر الواقع او – الانكسي – ، وليس ملتزما او منخرطا في أي كيان سياسي ، او عسكري ( معارض ! )  انه ضمير الشعب ، وصوته ، انه جهود فكرية ، وثقافية ، وسياسية ، عبر الحوار ، والنقاش ، والتشاور ، بين مختلف الاعمار ، والاجيال من النساء ، والرجال ، ومن جميع مناطقنا الكردية ، والمختلطة ،انطلق من عقد عشرات ” اللقاءات التشاورية ” ، في اقليم كردستان العراق ، وأوروبا ، وبلدان أخرى ، واستمر في بناء ” لجان المتابعة ” في الوطن وجميع أماكن التواجد الكردي السوري ، وانتقل لعقد العشرات من اللقاءات المنظمة ، وهو مستمر بذلك في اطار غرفة ” دنكي بزاف ” ، انه يربط الحاضر بالماضي بامانة ليكون المستقبل زاهرا واصيلا ، ويلتزم الوفاء لتاريخ حركتنا ، وانجازاتها ، ورموزها ، وتقاليدها الديموقراطية .
   بالمقابل نلحظ محاولة مراكز القوى المتنفذة في أوساط  أحزاب طرفي الاستقطاب ، الهروب من حلبة الصراع الفكري – الثقافي الخلاق ، وتجاهل كل المشاريع ، والمبادرات الانقاذية ، والخوف من الحوار وجها لوجه مع مخالفيها ، والتشويش ، وحرف الأنظار عن الأساسي في المهام الفكرية – الثقافية المطلوبة بإلحاح ، والمضي قدما الى درجة التنافس في التودد لنظام الاستبداد ، واذا كان وضع – ب ي د – بهذا الشأن بات اكثر من واضح فان آخر تسريبة جديدة بهذا الصدد هو ابلاغ قيادة – الانكسي – المسؤلين الروس عن استعدادهم للتفاهم مع دمشق عن طريقهم ولكن ليس مع ممثلي – ب ي د – . 
   وهنا نستغرب تسخير أحزاب الطرفين  ماكينتها الإعلامية للتركيز على صغائر الأمور التي لاترقى الى مصاف قضايانا المصيرية  ، مثل إقرار توزيع – هاشتاغات – غامضة ومضللة ، واخفاء الحقائق ومنها اين وصلت عملية الاندماج بمؤسسات السلطة ؟ حتى تتكاثر الشائعات ، والتكهنات ، وينتشر القلق ،  ثم اطلاق الوعود المعسولة عن مؤتمر – الانكسي – حتى قبل الانعقاد وصدور النتائج .
  في مثل هذه الظروف يجب الحذر ، والمزيد من اليقظة ، حتى لايكون القادم اعظم ، ونحذر البعض الذي يندفع في الدفاع المستميت عن أخطاء وخطايا القيادات المتنفذة لدى أحزاب طرفي الاستقطاب لدوافع مصلحية شخصية ، وانتظار وعود سخية !!  في حين تبقى هي ( القيادات المتنفذة ) ساكتة منتظرة تسعير الخلافات الجانبية ، وتنأى بنفسها ؛كما هي عادة من لايثق بالنفس ، ويتهرب من أداء الواجب ، ويسخر الاخرين لقاء الرشاوي ، والوعود .
  نحن في حراك ” بزاف ” ليس لدينا مانخبؤه عن انظار شعبنا ، وننتهج الشفافية ، والوضوح ، ولدينا السلاح الأقوى : المشروع الفكري ، السياسي ، الثقافي ، ونبحث عن الحقيقة كاملة ، ومن هذا المنطلق نتوجه الى كافة الفضائيات ، والمواقع الإعلامية ، بمافيها الحزبية ، والمستقلة ، وغيرها باننا في ” بزاف ” على استعداد كامل للمناظرة حول قضايا الشعب ، والوطن مع مسؤولي أحزاب الطرفين ، بكافة المستويات ، وخاصة قيادات ب ي د ، والانكسي ، في أي وقت كان ، لنثبت للجميع اننا أصحاب فكر ، ومشاريع ، ومواقف مبدئية ، وجادون لحل ازمة الحركة الكردية السورية ، ولدينا تصورات حول ذلك ، وأصحاب نهج ومواقف ليس من اجل المزايدة ، واكتساب الأصوات ، والاستهلاك المحلي – الحزبي ، او اية استحقاقات أخرى ، بل في سبيل تحقيق اماني غالبية شعبنا بإعادة بناء حركتنا من جديد ، وتوحيدها  .
    والقضية قد تحتاج الى نقاش 
   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف توطئة واستعادة: لا تظهر الحقائق كما هي، في الأزمنة والمراحل العصيبةٍ، بل تُدارُ-عادة- وعلى ضوء التجربة، بمنطق المؤامرة والتضليل، إذ أنه بعد زيارتنا لأوروبا عام 2004، أخذ التهديد ضدنا: الشهيد مشعل التمو وأنا طابعًا أكثر خبثًا، وأكثر استهدافًا وإجراماً إرهابياً. لم أكن ممن يعلن عن ذلك سريعاً، بل كنت أتحين التوقيت المناسب، حين يزول الخطر وتنجلي…

خوشناف سليمان ديبو بعد غياب امتدّ ثلاثة وأربعين عاماً، زرتُ أخيراً مسقط رأسي في “روجآفاي كُردستان”. كانت زيارة أشبه بلقاءٍ بين ذاكرة قديمة وواقع بدا كأن الزمن مرّ بجانبه دون أن يلامسه. خلال هذه السنوات الطويلة، تبدّلت الخرائط وتغيّرت الأمكنة والوجوه؛ ومع ذلك، ظلت الشوارع والأزقة والمباني على حالها كما كانت، بل بدت أشد قتامة وكآبة. البيوت هي ذاتها،…

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…