تجيش أم تهويش على حدود غرب كردستان

أحمد عبدالقادر محمود 

 ” إن بلاده مستعدة لشن عملية عسكرية جديدة في سورية ضد وحدات حماية الشعب  ، وإن هذا القرار سيتخذ في حال  اقتضت الضرورة ولن يتم التراجع عنها ” .
هذا التصريح من أردوغان قبل أسبوع يحمل في طياته احتمالات شن الهجوم من عدمه ، سنبحث في الاحتمالات من خلال مؤشرات ظاهرة وواضحة وانطلاقا من تصريحه ، بداية لو وقف الأمر على أردوغان ما أنتظر ساعة واحدة على أتخاذ قرار العملية ، فهو بحاجة لانتصار خارج حدوده تحت ذريعة الأمن القومي التركي لتعزيز موقفه وبالتالي حزبه في الإنتخابات التركية المقبلة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى إنهاء تواجد قوات قسد المتواجدة على  مقربة من حدود تركيا وبعمق مريح . إذا هو خاضع لإرادة قوتين فعالتين هما الروس والامريكان  ، وما ذكره جملة ” في حال اقتضت الضرورة ” إلا إذعانا لإرادتيهما ،
 فالضرورة تعني  الضوء الأحضر الذي حصل عليه في عملياته السابقة كغصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام ، والتي أعقبها أتفاق روسي تركي جرى في سوتشي أواخر تشرين الأول من عام 2019 م  وبمباركة من أمريكا ، نص الأتفاق على إنسحاب قوات (قسد) إلى عمق ثلاثين كم عن الحدود التركية ، نشر الشرطة العسكرية الروسية مشاركة مع قوات حرس الحدود السورية على الجانب السوري من الحدود التركية ، دوريات مشتركة تركية و روسية على نطاق 10 كم ، وضم الإتفاق أيضا على تسهيل تنفيذ أتفاقية أضنة التي جرت في العام 1998م بين تركيا وسوريا بموجبها يحق لتركيا ملاحقة مقاتلي  ال pkk لمسافة 5كم داخل الأراضي السورية دون البقاء لفترات طويلة . 
منذ عامين و أردوغان يردد  أن الإتفاقية في سوتشي بما يخص إبعاد قوات قسد إلى عمق 30 كم لم تدخل حيّز التنفيذ ، وأن على روسيا تنفيذ ما أتفقت عليه ، الحقيقة أن روسيا حاولت جاهدة وفي أكثر من مناسبة إقناع قوات قسد بالإنسحاب إلى هذا العمق وإحلال قوات النظام السوري محلها ، على الرغم من موافقة و أرتياح (قسد) لهذه الخطوة وهي من ضمن ألأجندة المتفق عليها أصلا مع النظام السوري ، لكنها مثل أردوغان لا تستطيع الرفض أو القبول دون الرجوع لأوامرأمريكا  الداعمة المادية واللوجستية والحكمية ، والملاحظة أن أمريكا رافضة لوجود قوات النظام السوري محل (قسد ) وأعتقد أنه تم الحديث بهذا الشأن في  لقاء بايدن وأردوغان الذي جرى  في قمة العشرين في روما . فضرورة أردوغان هو الضوء الأخضر وما حشده للقوات على الحدود وأستنفار الفصائل السورية الموالية له المنضوية تحت ما يسمى الجيش الوطني السوري إلا ورقة ضغط للحصول على مكسب سياسي على الأقل . 
على جانب أخر من المشهد نجد أن روسيا أيضا تعزز تواجدها في المنطقة من خلال مناورات جوية بذريعة الحفاظ على خفض التصعيد ، وهي رسالة ليست لتركيا كما أرى إنما هي لأمريكا كي توافق على مقترحها السابق بتسليم المنطقة  للنظام السوري ضمن رؤية الحل في الملف السوري ولا أستبعد تفاهم روسي تركي بإحداث هذا التوتر على الحدود ، وأيضا يصب تصريح ألدار خليل ضمن هذا التفاهيم حيث قال : أنهم مستعدون للحوار مع دمشق وبشكلٍ مباشر ، وان الحل في دمشق وليس في جنيف  فلماذا لا نذهب إلى دمشق عوض  أن نذهب لجنيف بمعنى أن الحل ليس في قرار مجلس الأمن 2254 ، فهو لا يعنيه بشيئ . 
عادت وكما في عُرف الحروب العسكرية  لشن  أي هجوم وتحديد صاعة الصفر  تسبقه تحضيرات بعدة أشهر ، غرفة عمليات ، تحضير الجيش معنويا وعتادا ولوجستيا ، وتتم  دراسة خرائط المواقع المستهدفة ، وإلى ما هنالك من تحضيرات شن الحرب . لم نسمع أو نلاحظ أي من هذه الإجراءات حصلت إنما هو أستنفار على الحدود لا أكثر ولا أقل وهو يشبه تماما ما جرى في عهد سليمان ديمريل عندما وضع جيشه على تخوم الحدود السورية مهددا الأسد بشن هجوم إذا لم تتخلا عن دعمها لل pkk , والتي أنتهت بطرد عبدالله أوجلان من سوريا بعد الوساطة الإيرانية المصرية بين تركيا وسوريا . 
كل هذا لا يؤشر لوقوع اي هجوم في المدى المنظور أو على الأقل حتى أنسحاب أمريكا في  العام القادم من غرب كردستان ، وهذا إن تم سنرى قوات النظام السوري وقد عادت محمولة على أكتاف قسد ومسد . 
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   قبل سنوات- عشية الريفراندوم في إقليم كردستان2017- أقيم احتفال تضامني بهذه المناسبة، في بلد أوروبي، وظهرت في مقطع فيديو لقطة لشخص يرفع علم إسرائيل. التقط العشرات، بل المئات، من الكتاب والسياسيين، وأصحاب منصات التواصل الاجتماعي- ممن يعادون الكرد- هذه الصورة، ليجعلوا منها ذريعة للهجوم عليهم، واتهامهم بالأسرلة والانفصال لا السعي لإحقاق الحق بعد تنكر الشريك القسري للرابط…

المحامي عبدالرحمن محمد القضية الكردية ليست قضية لغوية أو ثقافية أو متعلقة بالمواطنة، بل هي قضية سياسية وحقوقية تتطلب حلا سياسيا وفق مبدأ حق تقرير المصير للشعوب والقانون الدولي. صراعنا مع الدول التي تحتل كوردستان هو صراع على الانتماء والأرض والحق والهوية والحرية والاستقلال والدولة. ومن وجهة نظر القانون الدولي، فإن القضية الكردية ليست مسألة تتعلق بالمواطنة أو حقوق المواطنين،…

خالد بهلوي يستقبل السوريون عيد الفطر السعيد بفرح وسعادة تغمران الأجواء، حيث لا يزال الناس يتمسكون بالعادات والتقاليد التي توارثوها عبر الأجيال. يبدأ التحضير للعيد منذ الأيام الأخيرة من شهر رمضان، إذ يتم تنظيف المنازل، وشراء الملابس الجديدة للأطفال والكبار، وتحضير الحلويات التقليدية مثل المعمول بأنواعه (بالعجوة، أو الجوز، أو الفستق الحلبي) إلى جانب الحلويات الأخرى كالغريبة…

إبراهيم اليوسف   لطالما كان الكرد جزءًا لا يتجزأ من النسيج السوري، حيث ساهموا بفعالية في مختلف مفاصل الدولة منذ تأسيسها، فقد تقلد العديد منهم مناصب رفيعة، بما في ذلك الرئاسة، ورئاسة الحكومة، الوزارات، رئاسة الأركان التي كان أول من تولاها كردي، حتى صعود التيارات القوموية العروبوية الناصرية والبعثية، التي سعت إلى تهميش الكرد وتذويب هويتهم. ورغم ظروف القمع، لم…