الشعب الإيراني يرفض مسرحية انتخابات نظام الملالي

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
أعلنت وزارة الداخلية في نظام الملالي الحاكم في إيران قائمة في 25 مايو 2021 بأسماء المرشحين لمسرحية الانتخابات التي وافق عليها مجلس صيانة الدستور، والتي بموجبها تم إقصاء العميد الحرسي علي لاريجاني، الرئيس السابق لمجلس شوري الملالي، وجهانكيري، مساعد رئيس الجمهورية الحالي، بالإضافة إلى جميع المرشحين المقربين من حسن روحاني، رئيس جمهورية الملالي المحتال، ويعتبر هذا الإقصاء في حد ذاته عملية جراحية خطيرة في نظام الملالي، ويشير إلى الدخول في مرحلة جديدة من الانهيار وتأزم الأوضاع في هذا النظام الفاشي. 
وعلى الرغم من أن منصب رئاسة الجمهورية في إيران هو منصب دستوري لا قيمة له تحت وطأة حكم الملالي، وأن جميع شؤون البلاد والصلاحيات في يد الولي الفقيه، بيد أن الانتخابات ما هي إلا مسرحية ترمي إلى تَضليل الرأي العام، والانتخابات في إيران تحت وطأة حكم الملالي أمر لا معنى له وبدون محتوى على أرض الواقع.  
والجدير بالذكر أن الولي الفقيه في إيران الحالية هو الحاكم الأوحد في النظام الديكتاتوري الديني، وطالما أن النظام قائم على مبدأ ولاية الفقيه، فإن أي منصب يفتقر إلى الشرعية الشعبية، نظرًا لأن الولي الفقيه من حيث المبدأ لا يستمد شرعيته من الشعب، بل من الغيب، فضلًا عن أن المناصب الأخرى أيضًا دمية في يد الولي الفقيه بأشكال مختلفة ومتحمسة لنصرته، ولم يختارها الشعب. 
والجدير بالذكر أنه بعد مرور 40 عامًا وبضع سنوات على السلطة الدينية في إيران، لم تشهد طبيعة نظام الملالي الفاشي وخططه وسياساته أي تغيير فحسب، بل إنها لا تزال قائمة على نفس المبادئ التي أسسها سارق إنجازات ثورة الشعب الإيراني ضد الملكية، ألا وهو خميني الملعون. فهذا النظام الفاشي قائم على الدين وقمع الحريات وإشعال الحروب والتدخل في شؤون الدول بغية استعمارها، والممارسات الإرهابية وتصدير التطرف والسعي لامتلاك السلاح النووي ليكون قادرًا على التحكم في مصير شعوب المنطقة والعالم. 
وتجدر الإشارة إلى أن التيار الإصلاحي في إيران تحت وطأة سلطة الملالي ما هو إلا خدعة كبيرة. ويدرك الإيرانيون الآن بوضوح أن هذا النظام الفاشي مُستعصي الإصلاح، وأن التيار الإصلاحي ما هو إلا واجهة للولي الفقيه لتضليل المواطنين في إيران والحكومات الأجنبية. وهذا هو السبب في أن أبناء الوطن لا يرضون الآن بما هو أقل من الإطاحة بهذا النظام الفاشي للتخلص من الاستبداد وحل مشاكلهم المتراكمة. وهذا تطور كبير نحو تحرير وطنهم. والإيرانيون متفقون الآن على ضرورة الإطاحة بهذا النظام الفاشي برمته واستبداله بسلطة وطنية ديمقراطية شعبية قائمة على فصل الدين عن السياسة. ويمكننا التيَقُّن من هذه الرغبة جيدًا في انتفاضات الشعب الإيراني التي اندلعت في الأعوام القليلة الماضية. إذ أنه من بين الهتافات التي رددها أبناء الوطن في انتفاضتي يناير 2018 ونوفمبر 2019 “لقد انتهت اللعبة أيها الإصلاحي ويا أيها الأصولي”. وبناءً عليه، ندرك أن الإيرانيين بعد أن أطاحوا بالنظام الملكي في عام 1978، يسعون الآن إلى الإطاحة بأسوأ أنواع الديكتاتورية التي فرضها الملالي على إيران. والكلمةالأولى والأخيرة للشعب الإيراني هي: “إيران ملك للإيرانيين فقط”. 
والجدير بالذكر أن هذه الدولة الآسيوية التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة حافلة الآن في عام 2021 بأحداث كبيرة ومصيرية بما فيه الكفاية بالنسبة للإيرانيين والمنطقة. وبفضل الانتفاضات الشعبية، ومأزق الولي الفقيه الحاكم في البلاد في مواجهة الأزمات المستعصية الحل، يعيش النظام الديني الديكتاتوري في أضعف نقطة ممكنة في تاريخه الأسود. ويبحث نظام الملالي في ظل الظروف الحالية عن مخرج من أجل الحفاظ على بقائه. فعلى سبيل المثال، يخوض قادة نظام الملالي الذين يرون أن بقاء نظامهم الفاشي يكمن في إخماد الانتفاضة الشعبية والقضاء على مقاومة الشعب الإيراني بالتوازي مع الافتراء على خصمهم الرئيسي الأوحد، ألا وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية؛ مسار التفاوض مع أمريكا بحثًا عن نافذة يلتقطون منها أنفاسهم. ولكن هل سينجح قادة نظام الملالي في إيجاد قنوات يلتقط فيها نظامهم الفاشي أنفاسه؟ ولماذا يشير لنا الوضع المتفجر في إيران إلى أنه من رابع المستحيلات أن ينجحوا في ذلك؟ 
وتزداد النسبة المئوية لقمع الحريات والاعتقالات والتعذيب والإعدام في إيران الحالية يومًا بعد يوم، وتم إعدام أكثر من 120,000 شخص حتى الآن. وحطمت إيران الرقم القياسي العالمي للإعدامات من حيث عدد السكان. والجدير بالذكر أن تولي رئيس جمهورية جديد ورحيل رئيس سابق لم يسفر عن تحسين أوضاع المجتمع فحسب، بل زاد من ضخامة سجل جرائم هذا النظام وعمقها ليس إلا، نظرًا لأن منصب رئاسة الجمهورية تحت وطأة سلطة الملالي ما هو إلا ألعوبة للولي الفقيه المتسبب الرئيسي في مثل هذا المشهد في إيران. وكل مرشح من المرشحين في كل دورة متورط في سفك دماء أبناء الوطن وضياع مصيرهم وسلب ممتلكاتهم. ولا تزال الوعود التي يقطعها المرشحون على أنفسهم والصراعات بينهم في مثل هذه الأيام ترمي إلى الحصول على المزيد من حصة السلطة ليس إلا. وعلى حد قول قادة نظام الملالي، فإن الحاكمين في البلاد هم مجموعة نسبتها 4 في المائة من مجتمع يعيش فيه أكثر من 50 في المائة من السكان تحت خط الفقر. هذا وتزداد الفجوة اتساعًا بين المجموعة الحاكمة والشعب الإيراني يومًا بعد يوم أكثر فأكثر.  
والجدير بالذكر أن الإيرانيين غاضبون جدًا الآن من نظام الملالي برمته ويبحثون عن فرصة للإطاحة بهذا النظام الحاكم. وهذه هي الحقيقة التي يضطر حتى قادة هذا النظام الفاشي إلى الاعتراف بها في كل مكان، وينتابهم الرعب من حلول يوم الإطاحة الناري، خاصة وأن قوات المقاومة الإيرانية المنظمة منتشرة في المجتمع على نطاق واسع لقيادة الانتفاضة والاحتجاجات الشعبية لتؤتي أكلها. ومن هذا المنطلق يعتبر أبناء الوطن أنفسهم أقوى ويتمتعون بمعنويات عالية. 
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقطات من المسافة صفر: يقف عند باب منزله في الشيخ مقصود، ذات صباح أسود، وهو يحدق في الجدران التي شهدت تفاصيل حياته. على هذا الحائط علّق صورة عائلته الصغيرة، وعلى ذاك الركن كانت أول خطوات طفله. كل شيء هنا يروي حكاية وجوده، لكن اللحظة الآن تعني الفقد. جمع بضع” حاجيات” في حقيبة مهترئة، نظراته ممتلئة بالحزن، وكأنها تقول…

عبدالرحمن كلو يبدو أن منطقة الشرق الأوسط أمام معادلة توازنية جديدة وخارطة علاقات أساسها أنقاض المشروع الشيعي العقائدي المهزوم. ويمكن تسمية المرحلة على أنها مرحلة ما بعد هزيمة دولة ولاية الفقيه. فحرب غزة التي أشعلتها إيران نيرانها أشعلت المنطقة برمتها، ولم تنتهِ بصفقة أو صفقات كما توقع البعض، إذ خابت كل التوقعات والمراهنات بما في ذلك مراهنات البيت…

قهرمان مرعان آغا تقع موصل على خط العرض 36.35 على إمتداد إحداثيات موقع حلب 36.20 بالنسبة للحدود السياسية التركية جنوباً ، والنظر إلى الخريطة تفيد إنها تقع على خط نظري واحد و تعتبر تركيا هذه المساحات مجالها الحيوي منذ تشكلها كدولة إشكالية سواء من حيث الجغرافيا أو السكان وتتذرع بحماية بأمنها القومي و ضرورة رسم منطقة آمنة لها ، لكنها…

إبراهيم اليوسف إلى أين نحن ذاهبون؟ في الحرب الغامضة! ها نحن نقف على حافة التحول المباغت أو داخل لجته، في عالم يغمره الغموض والخداع، في مواجهة أحداث تُحاك خيوطها في غرف مغلقة لا يدخلها إلا قلة قليلة. هذا الزمن، بملامحه الغامضة، رغم توافر أسباب وضوح حبة الرمل في قيعان البحار، ما يجعلنا شهودًا على مأساة متكررة…