سوريا.. قاعة مزاد علني في سوق المصالح

عزالدين ملا
أرض سوريا باتت ساحة صراع بين قوى عالمية كبرى، النفوذ والمصالح الاقتصادية يتصدر مشهد الصراع، وقطباه الرئيسيان أمريكا وروسيا، وكل منهما تحركان أدواتهما وحلفاءهما في المنطقة، لزيادة الضغط وكسب المزيد من النفوذ.
إيران التي انتعشت اقتصاديا وأصبحت قوة اقتصادية مهمة في المنطقة، سعت إلى توسيع أطماعها في المنطقة، فقامت بدعم ميليشيات وجماعات عديدة وجعلهم أدوات وأجندات تنفذ خطط إيرانية في المنطقة، فكان شعار المقاومة ومحاربة اسرائيل عنوان تدخلاتها في المنطقة، من خلال تلك الشعارات حركت المشاعر الاسلامية ودعمت ومولت تحركاتها، حتى أصبحت كـ الأخطبوط، تمتد أذرعها في كل الاتجاهات، 
تدخلت في سوريا بشكل مباشر عن طريق إرسال العديد من عناصر الحرس الثوري الايراني بالإضافة إلى إعطاء ضوء أخضر لدخول حزب الله والوقوف إلى جانب النظام، فعاثت في سوريا دمارا وخرابا وقتلا، حتى جعلت من سوريا أرض أشباح ومستنقعاً مرعباً، فرأت روسيا في ذلك دعما وقوة لها، هي أيضا تدخلت ووقفت إلى جانب حلفائها- إيران والنظام السوري-، فكانوا الثلاثة، وحوشا مفترسة بلا رحمة ولا شفقة.
أمريكا التي تدخلت في سوريا بعد أن سيطر داعش على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وشكلت تحالفا لمحاربة التنظيم المتطرف، وكان ذلك السبب القريب من تدخلها، أما السبب البعيد هو تخوفها من التمدد الايراني في المنطقة وخطرها على أمن اسرائيل وعلى مصالح أمريكا في المنطقة.
تركيا الطامحة بالتوسع، كان لها حصة في الكعكة الدسمة، واستغلالها حلفها مع أمريكا، التي بدورها ترى في تركيا الحليفة الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، وتدخلت تركيا في سوريا تحت حجج وذرائع واهية، وأهمها تخوفها التاريخي من المشروع الكوردي في المنطقة.
أما المعارضة والنظام فهما أدوات تنفيذ لسياسات تلك الدول، دون الاكتراث إلى معاناة السوريين، ويعملان على إرضاء أسيادهما، وذلك لكسب بعض الفتات وترك مصير الشعب للنهب والسلب.
لذلك نرى ان كل من أمريكا وروسيا تتحركان في اتجاه واحد ولغاية واحدة، أمريكا التي تحاول إشباع سياسة مصالحها ومصالح طفلتها المدللة إسرائيل، ونفوذها من جهة، وإرضاء حلفائها – تركيا، فرنسا، بريطانيا- من جهة أخرى. روسيا التي تعمل على استعادة قوتها السابقة وفرض هيمنتها على العالم واشباع سياسة تمددها، بالاستفادة من عنجهية حلفائها- إيران، حكومة العراق، النظام السوري- وشوفينتهم.
سوريا باتت المحطة الرئيسية ونقطة انطلاق للتمدد في جميع الاتجاهات، وعلى أرض سوريا تتم الصفقات والمساومات، وتعقد بازارات سياسية واقتصادية وحتى ثقافية وبالمعنى العام سوريا قاعة مزاد علني في سوق المصالح الدولية، والسوريون هم الجمهور الحاضر الغائب في تلك المزادات. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خورشيد شوزي في ظل الأوضاع المعقدة التي تشهدها سوريا، يبقى النهج الإقصائي الذي تمارسه سلطات الأمر الواقع أحد العوامل الأساسية في تعميق الأزمات بدلاً من حلها. فالتهميش المستمر ورفض التعددية السياسية يضعف أسس الاستقرار، ويؤدي إلى إعادة إنتاج أخطاء الماضي. أي سلطة تسعى إلى بناء دولة قوية ومستقرة لا بد أن تعتمد على مبدأ الشراكة الوطنية، وتعزز التعددية…

نارين عمر   يبدو أنّه علينا كشعب أن نعيش عمرنا بين تساؤلات واستفسارات موجّهة إلى مختلف قيادات الحركة الكردية والأطراف التي ترى نفسنا أنّها تمثّلنا في سوريا دون أن نتلقى إجابات واضحة منهم تهدّئ من صخب فكرنا وتنعش النّفس ببعض الآمال المحققة لطموحاتنا وحقوقنا. في اتفاق أسموه بالتّاريخي بين “قسد” وحكومة دمشق تمّ طرح عدّة بنود منها: (( دمج قسد…

درويش محما قد تصبح الامور عصية على الفهم في بعض الاحيان، وضبابية غير واضحة، حينها يجد المرء نفسه في حيرة من امره، ازاء سلوك او تصرف معين يقدم عليه شخص ما، والسبب بكل بساطة، يكمن في عدم معرفتنا للهوية الحقيقية للشخص صاحب التصرف والسلوك. اما ماهية الهوية كمفهوم، فهناك اجماع على تعريفه، بمجموعة السمات والخصائص المميزة لفرد ما بعينه،…

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…