شرق الفرات بانتظار صيف ساخن

 بهزاد عجمو سليفاني
في الشرق الأوسط من يستولي على السلطة لا يتركها إلا الى القبر لأن البلد الذي يحكمه طرف ما يعتبره غنيمة ومزرعة له ولأحفاد أحفاده لذا نرى  كل الصراعات في الشرق الأوسط هي على السلطة والثروة فعندما اندلعت الثورة السورية عام 2011 م أنخدع بعض الشباب والبسطاء والشرفاء بان هذه الثورة هي من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولكن سرعان ما تبين بأنه صراع على الغنيمة بين النظام والمعارضة وكانت النتيجة وصول الطرفان الى حالة الإنهاك والضعف وخروج الامور من أيديهما فأصبحت سوريا لقمة سائغة يسيل لعاب الكثيرين لها وأولهم الأتراك لغنى سوريا بحقول النفط والغاز وافتقار تركيا لهذين المادتين لذا بدأت في الآونة الأخيرة تروج بأن قسد تشكل خطراً على أمنها القومي وهذه الذرائع هي كاذبة لأن قسد لم يطلقوا رصاصة واحدة عليهم ثم أن في عام 2015 م كان صالح مسلم يزور تركيا باستمرار يلتقي بالمسؤولين الأتراك وعندما كان يسافر الى أوربا كان يسافر من مطار استانبول 
لماذا في تلك الفترة لم يرجوا ان قسد تشكل خطراً على أمنهم القومي لان داعش كان يسيطر على مناطق شاسعة من شمال سوريا وكان النفط يتدفق الى تركيا عبر الصهاريج ولكن عندما أندحر تنظيم داعش الإرهابي وتوقف تدفق النفط عليهم جن جنونهم ويريدون ان يعوضوا عن ذلك باحتلال حقول النفط واطلاق العنان لأعوانهم ومرتزقتهم من قطاع الطرق ما يسمى بالجيش الحر لذا فإن اجندتهم واضحة وهي الحصول على حصة من الغنيمة السورية لنفترض جدلاً بأن الأتراك لم يستطيعوا احتلال شرقي الفرات سواء بضغط امريكي او روسي أو الاثنان معاً فهل الأزمة ستنتهي الى هذا الحد نقول لا فالجو لا زال فيها سخونة لان النظام يعتبر حقول النفط الذي سلمها في بداية الثورة الى قسد يعتبرها بصفة أمانة سلمهم وأن عليهم الأن أعادة هذه الامانة لان النظام يعتبر هذه الحقول وهذه الثروات هي ملك شرعي له لذا سيحاول بشتى الطرق العسكرية وغير العسكرية استعادة غنيمته أو مزرعته فأن لم يستطع التحرك نحو شرق الفرات بسبب التهديدات الامريكية فهنا سيسلح العشائر العربية وما يسمى بالدفاع الوطني وسيحرضهم ضد قسد وهنا سيدخل شرقي الفرات في أتون حرب أهلية عربية كوردية أما قسد  فيعتبر حقول النفط حق مكتسب له حصراً ولا يريد ان يتخلى عنها وقدم الآلاف من الشهداء من أجلها ومن أجلها دخلوا في معارك ضارية مع أرهابي داعش في دير الزور وحقل العمر وباغوز لذا فلن يقدموا هذه الحفول والآبار للأتراك ولا النظام على طبق من ذهب ولو اقتضى الأمر تقديم آلاف أخرى من الشهداء ولكن لا ننكر بأن موقف قسد هي الان صعب للغاية لان الاستقواء بأمريكا كمن يستجير في الرمضاء بالنار لان أمريكا سياستها براغماتية وهدفها الوحيد هي حماية اسرائيل ولا شيء أخر ولم تعتبر يوماً ما الكورد اصدقاء لها ولا نريد ان نعدد عدد المرات التي تخلت فيها عن الكورد وأدارت ظهرها لهم وتركتهم لمصيرهم الاسود واخرها ما حدث في كركوك لذا نتوقع ان يبدأ ارتفاع درجة الحرارة بعد الانتهاء من الانتخابات التركية في نهاية اذار وستشتد السخونة بعد انسحاب أو إعادة انتشار القوات الأمريكية لان معظمهم ان يكن كلهم سيتموضون في قاعدة التنف في بداية الصيف وهنا ستدق ساعة الصفر فلمن ستكون الغنيمة هنا نتذكر نظرية داروين  (البقاء للأقوى) وستكون الغنيمة للأقوى والأذكى والادهى لان في السياسة فشلت كل الايديولوجيات والنظريات والقيم والمبادئ والاخلاقيات  وبقيت نظرية داروين هي الصحيحة لذا فنحن بانتظار صيف ملتهب وأتمنى أن أكون مخطئاً .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…