المجرة الإيرانية؛ مؤتمر البديل

بقلم: المحامي عبد المجيد محمد 
abl.majeed.m@gmail.com
منذ ٢٠ يونيو ١٩٨١ وضع النظام الإيراني بقيادة الخميني أسس العداء والذبح بحق مجاهدي خلق الإيرانيين في جدول أعماله. ومن ذك الوقت لم يمضي يوم واحد ولم يكن فيه للمجاهدين وممثلي المقاومة الإيرانية دور فعال وبارز في الدول الديمقراطية الكبرى حول العالم من أجل استعادة حقوقهم الضائعة. 
لقد قرعوا جميع الأبواب من دهاليز منظمة الأمم المتحدة والاحزاب والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والتجمعات والرابطات والكنائس وحتى بيوت الناس المحبين للسلام الى المحاكم والشكاوى من أجل جلب الدعم للشعب والمقاومة الإيرانية، ومن بين فعاليات المجاهدين والمقاومة الإيرانية هو التجمع السنوي الذي يملك مكانة خاصة ومتميزة بين الإيرانيين. سمي هذا التجمع الكبير باسم «المجرة». 
فما هي أوجه تسمية هذا التجمع باسم «المجرة»؟ 
”كهكشان“ أي المجرة في ثقافة اللغة الفارسية تشمل مجموعة كبيرة جدا من النجوم والاجرام السماوية التي تخلب لب المشاهد وتدهشه الى حد كبير. تجمع الإيرانيين وداعمي المقاومة الإيرانية تذكرنا أيضا بمثل هذه العظمة والاثارة المدهشة. والسؤال هنا؛ لماذا يبادر الإيرانيون والمقاومة الإيرانية في كل عام لعقد وتشكيل هكذا تجمع عظيم؟ 
والجواب باختصار هو كالتالي: أن مجاهدي خلق الإيرانية قد بدأوا نشاطهم السياسي بعد تحررهم من سجون الشاه خلال الاعوام ١٩٧٨ و ١٩٧٩ وقاموا بتأسيس منظمة منضبطة جدا «الحركة الوطنية للمجاهدين» وقاموا بعرض برامجهم من اجل إيران موحدة وديمقراطية وأطلق المجاهدون صحيفة بعنوان «مجاهد» والتي باعتراف النظام كانت تطبع وتنشر كل يوم حوالي ٥٠٠ الف نسخة لتوزع في جميع أنحاء إيران. 
وخلال فترة وجيزة ازداد عدد داعمي ومؤيدي المجاهدين في جميع طبقات وشرائح المجتمع ولاسيما النساء والشباب والطلاب الجامعيين والتلاميذ. كان لديهم فقط فعاليات كشف سياسي في إطار الديمقراطية والحرية بطريقة سلمية. هذا في حين تم قتل ٧١ شخص على الأقل من أنصار وأعضاء المجاهدين من تاريخ ١ فبراير ١٩٧٩ وحتى يونيو ١٩٨١ على يد العملاء والحراس الحكوميين وحتى يونيو ١٩٨١ تم اعتقال وسجن أكثر من ٢٥٠٠ شخص منهم بسبب نشاطهم السياسي السلمي. 
وبسبب تقويض الحريات بشكل كبير وحرمان المجاهدين من المشاركة في النشاطات السياسية قاموا في تاريخ ٢٠ يونيو ١٩٨١ بالدعوة للمظاهرات السلمية حيث شارك فيها أكثر من ٥٠٠ الف شخص في طهران. هذه الدعوة كانت في وقت لم يسبقها أي نوع من الاعلانات أو الدعوات العمومية للمشاركة في هذه التظاهرات وهذه المعلومات استغرق وصولها عدة ساعات قليلة فقط. ولكن بالنسبة للنظام الحاكم الذي اعتمد على القمع والتعذيب في جدول أعماله لم تكن هذه التظاهرات مقبولة أو قابلة للتحمل بالنسبة له وفي النتيجة واجهها بقوة وعنف مفرط. الخميني ثار غضبه من هذه المظاهرات الواسعة التي تعبر عن الدعم الشعبي وشعبية المجاهدين. وفي النهاية قام (القائد العام) باصدار قرار القمع واطلاق النار المباشر على المتظاهرين من قبل قوات الحرس. 
تنفيذ قرار الخميني من قبل قوات الحرس أدى الى مقتل وجرح مئات الاشخاص واعتقال آلاف الاشخاص الاخرين. وفي اليوم التالي وبدون أي محاكمة أو اجراء تحقيقات تم اعدام مئات المعتقلين من قبل النظام. أغلب الذي تم اعدامهم لم تعرف هوياتهم وكانوا من فئة المراهقين والشباب الطلاب والتلاميذ. 
في تاريخ ٢٤ يونيو ١٩٨١ صحيفة «اطلاعات» إحدى أكثر الصحف الحكومية شهرة واتساعا قامت بنشر صورة لاثنتي عشرة فتاة صغيرة تم اعدامهن بشكل جماعي مع التأكيد على أن أسماء هؤلاء الفتيات لم تكن معروفة قبل الاعدام وطالبوا أهاليهن بتعريف الجهات الحكومية المختصة بهن واستلام جثث هؤلاء الفتيات المعدومات. 
ان هكذا استجابة قمعية وعنفية على المظاهرات السلمية تحول الى نقطة تحول سياسي. عصر القتل والخوف قد بدأ. ومن هنا ولاحقا لم يكن أي منزل أو ادارة أو مصنع أو مزرعة في أمان من اقتحام قوات الحرس والعناصر القمعية الحكومية. واستمر عصر الخوف والذعر هذا بالصعود والهبوط أكثر من عقدين متتاليين. وخلال هذه المدة قام النظام الفاشستي الديني باعدام أكثر من ١٢٠ الف شخص من معارضيه وسجن وتعذيب مئات الالاف الاخرين. 
وفقا للتقارير الموثوقة من قبل سجناء بقوا على قيد الحياة ونجوا بحياتهم من سجون القرون الوسطى للنظام. يستخدم النظام أكثر من ١٧٠ نوع وآلة قمع جسدية ونفسية في جميع سجونه. القمع والتعذيب والخنق لم يقتصر على السجون فقط بل توسع ليمتد في جميع أنحاء البلاد. طبق الملالي الحاكمون اسلوب تفتيش عقائدي منهجي لم يشهد العالم مثله من قبل. 
كانت قوات الحرس والمسؤولون الامنيون والعسكريون يقتحمون البيوت عنوة وبشكل تعسفي وتحت تهم وحجج واهيه من نظير المشاركة في الحزب أو اختلاط الرجل والمرأة مع بعضهم يقومون باعتقالهم ومصادرة أغراضهم وأموالهم. وقاموا بنشر الدوريات القمعية في الشوارع من أجل الاضرار بالشعب ومضايقتهم ولاسيما النساء والشباب. إبادة المجاهدين في صيف عام ١٩٨٨ في مجزرة جماعية هي تجلي رهيب لهذا النوع من القمع الذي قل نظيره. وقال الملا علي فلاحيان وزير المخابرات في حكومة هاشمي رفسنجاني حول قتل واعدام المجاهدين في عام ١٩٨٨: 
” لو لم نقم بقتل هؤلاء فلن يكون هناك وجود لهذا البلد. هذا ليس كلامي بل كلام الإمام (الخميني). الإمام يقول أنا أعرف هؤلاء إن حكمهم الاعدام .. “
خلال فترة وزارة رجل الدين الوحشي هذا تم تنفيذ سلسلة من جرائم القتل في داخل إيران والعديد من الاغتيالات المنظمة في خارج إيران بتوجيه مباشر منه حيث تم ادراجه ضمن قائمة المطلوبين للانتربول الدولي لهذا السبب .
المقاومة الإيرانية احتراما و تقديرا لذكرى المضطهدين والذين قضوا حياتهم في مجزرة عام ١٩٨٨ والسجناء السياسيين الذي عانوا لسنوات طويلة من التعذيب والقمع قامت بتسمية يوم 20 يونيو بـ”يوم الشهداء والسجناء السياسيين” وقد لاقت هذه التسمية ترحيبا كبيرا من قبل عموم الشعب الإيراني ولاسيما عوائل الشهداء والإيرانيين في خارج البلاد. لقد تحول هذا اليوم الى رمز تاريخي واجتماعي للإيرانيين وداعميهم. هذا العام سيتم إحياء هذا اليوم الرمزي في جو وفضاء جديد كليا ومختلف تماما عن السنوات السابقة في تاريخ ٣٠ يونيو/حزيران في قاعة فيلبنت في باريس. الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة في هذا التجمع العظيم [بوسمة FreeIran2018#] ستقدم وتعلن عن منصتها وبرنامجها من أجل اسقاط النظام الديكتاتوري الحاكم في إيران.
في هذا الاجتماع الكبير سوف تتحدث الشخصيات السياسية المشهورة والبرلمانية والحقوقية والثقافية والفنية الداعمة للشعب والمقاومة الإيرانية من مختلف أنحاء العالم عن مطالب الشعب الإيراني المضطهد في اسقاط النظام الفاشستي الديني الحاكم و استبداله بحكومة ديمقراطية الأمر الذي لخصته السيدة مريم رجوي في برنامجها المكون من عشر مواد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…