في كردستان سوريا حزب فاشي يتاجر بالدماء!

مسعود عكو
لم تكن حادثة اختطاف ونفي إبراهيم برو سكرتير حزب يكيتي الكردي، ورئيس المجلس الوطني الكردي في سوريا هي الوحيدة التي تمارسهاسلطة الأمر الواقع في كردستان سوريا. فقد سبق برو في الخطف والنفي إلى إقليم كردستان العراق السياسي الكردي بشار أمين بذات الطريقة. وكذلك الصحفي في قناة رووداو الكردية بيشوا بهلوي، وزميله الإعلامي رودي إبراهيم. أسلوب عصاباتي تقوم بها مؤسسة تسمى “آسايش” تدعي أنها تنظم وتحمي الأمن الأهلي، داخل مناطق سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD.
اعتقال المواطنين إضافة إلى قيادات سياسية كردية وخطفها، وتعذيبها، ونفيها تقوم بها مؤسسات حزب PYD باسم الديموقراطية، وتحت شعار “دماء الشهداء”. ويقوم الحزب بتجييش رفاقه، ومنتسبيه بتحريض عدد كبير من الأهالي وخاصة “عوائل الشهداء” ضد الأحزاب الكردية المعارضة لسلطة الأمر الواقع التي فرضها PYD منذ ثلاثة أعوام على كردستان سوريا.
حرق مكاتب حزبية والتعدي عليها، وعلى الرموز الحزبية، والقومية الكردية “العلم الكردستاني” وكتابة شعارات تحريضية ضد هذه الأحزاب وأعضائها، كلها تتم وفق ديموقراطية PYD بغطاء شرعي قامت بتشريعه عبر السماح لمؤسسة عوائل الشهداء بالانتقام والتعدي على الأخرين، بحجة أنهم دفعوا دماءً، وعلى الجميع أن ينصاعوا مكرهين صاغرين لتلك الدماء.
استغلال حزب الاتحاد الديمقراطي لقداسة الشهداء، وتحريض عوائلهم على الأحزاب الكردية الأخرى، والمتاجرة بتلك الدماء يفرض واقعاً فاشياً تمارسه مؤسسات، ولواحق PYD بحق المعارضين لسياسة الأمر الواقع. ما ينذر بتحول المناطق الكردية إلى منطقة حكم، وسلطة أشبه بكوريا الشمالية مصغرة. حيث لا زعيم إلا أوجلان، ولا علم إلا علم “غانا” المفروض على الجميع، ولا حزب إلا PYD. ومن يخرج خارج هذه السياقات فهو لا يستحق العيش في كنف “ديمقراطية PYD” فعليه مغادرة “روجأفا” أو يتم خطفه ونفيه بوساطة جهاز شرطة PYD المسمى “آسايش”، حيث سبق وأن صرح جوان إبراهيم رئيس هذا الجهاز بأنه من لا تعجبه المعيشة، والحياة في “روجأفا” فليغادرها إلى “دوميز” أكبر المخيمات في إقليم كردستان العراق.
إن سياسة PYD في المناطق الكردية لا تختلف أبداً عن سياسة حزب البعث من حيث الطغيان الحزبي، والفاشية السلطوية التي يمارسها الحزب على خصومه. فالكل خونة بنظرهم ما عداهم، والكل عملاء الدول الإقليمية، وأي مخالف أو معارض لهم فهو يهين “دماء الشهداء” ويجب عقابه، وهذا ما يحصل حقاً. ويعاقب الحزب عبر مؤسساته المختلفة خصومه، بالاعتقال والتعذيب والخطف والنفي، ويبدو أن النفي بات وسيلة الحزب الأكثر سهولة. خطف المعتقل “القيادي والسياسي خاصة” وتسليمه إلى سلطات إقليم كردستان العراق عبر الحدود.
إن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وعبر لواحقه يمهد إلى قيام منطقة خالية من أي شخص معارض لسياساتهم، مستغلاً ومتاجراً بدماء الشهداء، ومحولاً مؤسسة من المفترض أن ترعى شؤون أسر، وعوائل أولئك الشهداء إلى فرع مخابرات جديد، سيدفع بالأهالي إلى احتقار اسم “الشهيد” كون أن هذا الحزب يدنس دماءه الطاهرة بأفعال لا تليق بهذه التضحيات. فكما نفر الكثير من السوريين من اسم فلسطين لأنه ارتبط بفرع المخابرات العسكرية “فرع فلسطين” فالكرد في روجأفا أمام الكره ذاته ولكن لاسم “عوائل الشهداء”. تلك التجارة الخاسرة التي يقوم بها PYD للانتقام من خصومه عبر دماء الشهداء.
على حزب الاتحاد الديموقراطي PYD مراجعة سياساته الفاشية تجاه الأحزاب الكردية الأخرى، وتجاه الديموقراطية المرتبطة باسم الحزب، وباسم إدارته الذاتية، وأن يكف الحزب وأنصاره عن التغني بهذه الديموقراطية في مناطق حكمهم. فلا يليق بالديموقراطية كل تلك الممارسات التي يقوم بها PYD، ولا يليق بتضحيات الشهداء الذين رووا بدمائهم الطاهرة ثرى كردستان أن يتم استغلال آبائهم وأمهاتهم وأخوتهم ليحقق PYD فوزاً فاشياً على خصومه الذين ما يزالون يريدون العمل، والنشاط السياسي في مناطقهم بشكل سلمي من دون أن مواجهة مسلحة. تلك التي يخشى أن تكون الخطوة القادمة في حال استمرَ هذا الحزب بنهجه الفاشي على خطى حزب البعث الأسدي، حينها قد يفضي الأمر إلى ما لا يحمد عقباه.
جريدة النهار

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   قبل سنوات- عشية الريفراندوم في إقليم كردستان2017- أقيم احتفال تضامني بهذه المناسبة، في بلد أوروبي، وظهرت في مقطع فيديو لقطة لشخص يرفع علم إسرائيل. التقط العشرات، بل المئات، من الكتاب والسياسيين، وأصحاب منصات التواصل الاجتماعي- ممن يعادون الكرد- هذه الصورة، ليجعلوا منها ذريعة للهجوم عليهم، واتهامهم بالأسرلة والانفصال لا السعي لإحقاق الحق بعد تنكر الشريك القسري للرابط…

المحامي عبدالرحمن محمد القضية الكردية ليست قضية لغوية أو ثقافية أو متعلقة بالمواطنة، بل هي قضية سياسية وحقوقية تتطلب حلا سياسيا وفق مبدأ حق تقرير المصير للشعوب والقانون الدولي. صراعنا مع الدول التي تحتل كوردستان هو صراع على الانتماء والأرض والحق والهوية والحرية والاستقلال والدولة. ومن وجهة نظر القانون الدولي، فإن القضية الكردية ليست مسألة تتعلق بالمواطنة أو حقوق المواطنين،…

خالد بهلوي يستقبل السوريون عيد الفطر السعيد بفرح وسعادة تغمران الأجواء، حيث لا يزال الناس يتمسكون بالعادات والتقاليد التي توارثوها عبر الأجيال. يبدأ التحضير للعيد منذ الأيام الأخيرة من شهر رمضان، إذ يتم تنظيف المنازل، وشراء الملابس الجديدة للأطفال والكبار، وتحضير الحلويات التقليدية مثل المعمول بأنواعه (بالعجوة، أو الجوز، أو الفستق الحلبي) إلى جانب الحلويات الأخرى كالغريبة…

إبراهيم اليوسف   لطالما كان الكرد جزءًا لا يتجزأ من النسيج السوري، حيث ساهموا بفعالية في مختلف مفاصل الدولة منذ تأسيسها، فقد تقلد العديد منهم مناصب رفيعة، بما في ذلك الرئاسة، ورئاسة الحكومة، الوزارات، رئاسة الأركان التي كان أول من تولاها كردي، حتى صعود التيارات القوموية العروبوية الناصرية والبعثية، التي سعت إلى تهميش الكرد وتذويب هويتهم. ورغم ظروف القمع، لم…