كردستان تعاقب ابنائها.. قضية جيكرخوين علي

  تقرير مفصّل
إعداد: شيروان شاهين **

سلطت قضية المعارض السوري جيكرخوين علي التي تفجرت مؤخراً الأضواء على حقيقة الموقفالعراقي الرسمي، بحكومتيه المركزية وحكومة إقليم كردستان، من ثورة الكرامة السورية بعد أن قامت الإستخبارات الكُردية في مدينة السليمانية بإحتجازه وترحيل عائلته خارج الأراضي العراقية.
كردستان؛ لامكان للثوار
جيكرخوين علي ناشط ومعارض كردي سوري لنظام بشار الأسد إعتقلفي فرع فلسطين السىء السيط في صيف 2009 من قبل الإستخبارات السورية على خلفية نشاطه المعارض وإنتمائه لحزب كردي محظور، وبعد خروجه من السجن بأشهر هرب إلى مدينة السليمانية العراقية وتقدم بطلب اللجوء والحماية هناك وكان يقيم في مقر حزب الوفاق الديمقراطي الكُردستاني الذي كان جيكرخوين أحد قياداته، وفي 17 أكتوبر 2011 إعتقلت علي من قبل الإستخبارات الكُردية(الآسايش) التابعة لحزب الإتحاد الوطني بقيادة رئيس الجمهورية جلال الطالباني على خلفية نشاطه السياسي المعارض لنظام بشار الأسد وتنظيمه لحملاتومظاهرات في الإقليم داعمة للثورة السورية ومطالبة بإسقاط حكم الأسد، وكشفت مصادر عن تورط جماعات كردية سورية في عملية تصفيته سياسيا وبخاصة حزب الوفاق الذي أعلن جيكرخون علي إستقالته منه مؤخراً.

وأتت الخطوة الثانية من قبل سلطات السليمانية وهي ترحيل عائلته المكونة من زوجته وثلاث أطفالمن أراضي الأقليم معرضين حياتهم بذلك للخطر رغم مناشدات منظمات حقوقية لوقف عملية الترحيل تلك، ولكن حكومة الإقليم تعاملت مع الملف على أساس أمني بحت وأفُرج عن جكرخوين علي بعد ضغط من قبل ناشطين سوريين، وبالنتيجة تم ترحيل أطفاله من كامل أراضي العراق.

إدانات
والآن يواجه المعارض السوري مصيراً مجهولاً له في العراق ولعائلته المُرحَلة من العراق التي إفترق عنها بحكم قدر الآسايش، وقد صرح جكيرخون علي لقناة KNNالكُرديّة بأنه لم يترك باب ولم يطرقه من أجل وقف ترحيل أسرته ولكنقضيته، حسب ما صرح للقناة، محكومة من قبل أجهزة الأمن الكُردية في السليمانية، رغم أنّه وعائلته يتمتعون بحق الحماية كلاجئيين من مفوضية الأمم المتحدة، وأثارت قضيته سلسلة من الأدانات من قبل المعارضة السورية والكُردية وتضامناً من قبلمعظم وسائل الإعلام الكُردية والسورية.
حيثاستنكر السيد مصطفى عثمان رئيس المجلس الديمقراطي السوري المعارض قرار سلطات السليمانية إعتقاله وترحيل عائلته، وجاء على لسانه في إتصال معه بأن هذا السلوك من قبل سلطات الإقليميمثل مأساة حقيقية وتصرف غير إنساني، وهو إنتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وتنصل من الواجب القومي الملقى على عاتق الأشقاء في كردستان العراق.

كما أدان الكاتبان الكُرديان جان دوست وابرام شاهين موقف حزب الإتحاد الوطني الكُردستاني وحملا السلطات الكُردية مايمكن أن يتعرض له المعارض جيكرخون علي وعائلته في حال دخلوا الأراضي السورية،وكذلك أدانت صفحة “الثورة السورية ضد بشار الأسد” على الفيس بوك عملية ترحيل عائلته ومعظم وسائل إعلام المعارضة السورية بالإضافة إلىست منظمات حقوقية سورية أدانت موقف السلطات الكُردية في السليمانية بحق جيكرخون علي وعائله في بيان نشر حديثاً.

مفارقةُ العراق – مقبرة البعث –
جاءت قضية جيكرخون علي لتؤكد على حقيقة الموقف العراقي الداعم لنظام بشار الأسد حيث كشفت مؤخراً تقارير صحفية للواشنطن بوست في9 أكتوبر عن دعم العراق مالياً ومعنوياً لنظام الأسد وذلك بإيعاز من طهران، وتُشكّل حكومة العراق صلة الوصل بين دمشق وطهران، فحكومة العراق التي يُعتبرالكُرد المحرك الأساسي فيها وهم أكثر مَن عانوا من فكر ونهج البعث، فمن المفارقة أن ترى العراق البلد الذي عانى من تدخل نظام الأسد بشأنه الأمني بشكل سافر منذ سقوط نظام صدام عن طريق إرسال الإنتحاريين ودعم الجماعات المتطرفة هناك، يساند اليوم البعث السوري بعد سقوط البعث عنده وتحوله إلى مقبرة للفكر البعثي!
وقد عبّر رأس الهرم العراقي جلال طالباني صراحة عن “دعمه الكامل لمسيرة الإصلاحات التي يقوم بها الأسد كما يدعم أمن وأستقرار سوريا” وذلك من خلال رسالتين منفصلتين إلى الأسد الأولى في 22 أغسطس نقلها فالح فياض مستشار الأمن القومي العراقي والثانية في نهاية يوليو 2011نقلها نائب الطالباني عادل عبد المهدي.

ثورة الكرامة
وتعيش سوريا منذ أكثر من سبعة أشهر ثورة غير مسبوقة في تاريخ البلاد ضد حكم نظام بشار الأسد وعائلته وقد فشل المجتمع الدولي في استصدار قرار دولي يدين القمع المنقطع النظير الذي تمارسه أجهزة أمن النظام وشبيحته والفرقة الرابعة من الجيش بحق المتظاهرين السلميين.وبالرغم من زيادة معدل القتل إلاّ أن الحركة الثورية إزدادت حدة وإصراراًفي مطالبها بأسقاط الرئيس ومحاكمته وأركان نظامهخصوصاً بعد سقوط القذافي أخيراً.

وبحسب تقارير حقوقية تفيد بأن عدد ضحايا ثورة الكرامة بلغ أكثر من ثلاثة آلاف شهيد وبأن هناك أكثر من 15ألف لاجىء في تركيا ودول الجوار وحوالي 10آلاف معتقل في سجون ومعتقلات نظام الأسد حتى الآن.

** إعلامي سوري مقيم في الدانمارك

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…