شكرا لصوت لا ينسى – رد على تحية الأستاذ إبراهيم اليوسف

شفيق جانكير

في زمن تتزاحم فيه الأصوات وتتلاشى المعايير، يبقى صوت الأستاذ إبراهيم اليوسف علامة فارقة في المشهد الثقافي والإعلامي الكردي، لا لبلاغة لغته فحسب، بل لما تحمله كلماته من وفاء نادر وموقف مبدئي لا يهادن.

في يوم الصحافة الكردية، حين تمضي الكلمات عادة إلى الاحتفاء العابر، وقفت، عزيزي الاستاذ إبراهيم اليوسف، عند موقع متواضع في شكله، كبير بما يحمله من معان، هو (ولاتي مه).
وقفت لا لتكتب منشورا، بل لتكتب ذاكرة، ولتعيد إلى السطح ما تحاول الأمواج أن تبتلعه بصمت.

تحيتك لموقع (ولاتي مه) ونحن على بعد أيام من يوم الصحافة الكردية لم تكن مجرد إشادة عابرة، بل شهادة صادقة من كاتب حمل هو الآخر هم الحرف في وجه العاصفة. شهادة تضعنا أمام مسؤولية مضاعفة: أن لا نترك ذاكرة الناس تتآكل، ولا نسمح لمشاريعنا الثقافية بأن تموت بصمت.

كلماتك لامستني، لا من جهة العاطفة فقط، بل من جهة الشعور العميق بأن هنالك من ما زال يقرأ ما بين السطور، ويميز بين الضجيج والصوت الأصيل.

(ولاتي مه) لم يكن يوما مشروعا إعلاميا بمقاييس المؤسسات. بل كان وما يزال محاولة فردية لتثبيت ما يمكن تثبيته من ملامح ذاكرتنا، ومن هموم هذا الشعب، ومن صدى الذين كتب عليهم النفي، أو هم اختاروا الهامش، حيث الحرية أغلى من الراتب، والكرامة أثمن من الامتياز.

نعم، أكتبه، وأحرره، وأموله بجهدي المتواضع، لا لأحصد شهرة، ولا لأقف على المنابر، بل لأنني مؤمن أن للكلمة مسؤولية، وللتاريخ ذاكرة، ولا بد لمن يملك القلم أن يحاول، ولو وحيدا.

تحيتك، أستاذي إبراهيم، كانت بمثابة ضوء صغير في هذا الطريق الطويل. ضوء يبعث على الاستمرار، ويقول لنا إن الكلمة الصادقة لا تموت، وإنها تجد طريقها، وإن طال الزمن.

شكرا لك، وشكرا لكل من كتب في (ولاتي مه)، وكل من قرأ، وكل من آمن بأن الاستقلالية لا تعني العزلة، بل تعني الكرامة.

في يوم الصحافة الكردية، أجدد العهد للكلمة، للحرية، ولأرواح زملائنا الذين رحلوا دون أن تكتب لهم تحية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…