فرهاد .. عد الينا …فنحن بانتظارك.!!

اكرم حسين
كان جالسا اما محلة اخيه في مدينة القامشلي في اليوم الثاني من تشخيص حالته الصحية . قال لي : أرايت يا ابا احمد لا احد يهتم بنا أو يسأل عنا ، لأننا نمارس الكردية ، ونبتعد عن المواقع الحزبية ، لو كنا متحزبين او مناصرين  للاحزب ، لرأيتهم  يهرعون بالسؤال وتقديم الواجب ، ولأننا مسكونون بالوجع الكردي فلا احد يهتم بنا ، ثم اجهش بالبكاء ! !حاولت ان اواسيه  وأشد من عزمه رغم تأثري الشديد وانكساري الداخلي ، خانتني الدموع كانت واضحة في مقلتي !!بعد ان استودعته قررت في نفسي ان افعل ما بوسعي من اجله،  وتحويل قضية مرضه الى رأي عام ، لان فرهاد لم يكن محسوبا على أي طرف حزبي، واستطاع ان ينأى بنفسه عن أوحالها  ولم يكن ينجر الى الصراعات الحزبية التي كانت تعصف بها الساحة الكردية ، بفرض منطقها الشمولي اما  معي او ضدي  !! 
أجريت بعض الاتصالات مع بعض الاصدقاء في الخارج .ابدى الجميع استعدادهم  لتقديم ما يلزم ، خاصة صديقي خليل حسين أبو توليب الذي ابدى استعداده لتسهيل سفره الى سويسرا خلال شهر او اكثر على اقل تقدير ، صديق اخر ابدى رغبته في تامين معالجته في تركيا ، الا ان فرهاد كان يفضل عدم الخروج من الوطن، ونظرا لوضعه الامني ومتابعته من ادارة امن الدولة- الفرع الخارجي 279 بسبب مشاركته الفعالة في الثورة السورية وعبر تظاهرات القامشلي التي واظب على المشاركة فيها الى ان دخلت الثورة مرحلة العنف والعسكرة، فضل ان يتعالج في كردستان لاعتبارات عديدة، منها سهولة عودته الى مدينته التي احبها واحبته كثيرا ولم يكن يود مغادرتها، ولأنه يرى هولير عاصمته الثانية بعد دمشق !! مما دفعني الى كتابة بوست على الفيس بوك وهكذا فعل الصديق احمد ابو الان صاحب جريدة بوير برس.. دعونا  فيه الجميع بالدعاء لفرهاد لتجاوز محنته، عندها توالت الاتصالات والاستفسارات من كل حدب وصوب من الداخل .. من الاقليم واوربا …الخ للاستفسار عن وضع فرهاد واحتياجاته !  ومدت ايادي كثيرة للمساعدة وتعهدت بتقديم  ما يلزم .. الشاعر طه خليل زاره في محله وتعهد له بتسهيل اجراءات دخوله الى كردستان  والاستاذ ابراهيم يوسف اتصل مع الاقليم والدكتور حكيم الذي ابدى استعداده لتقديم ما يلزم .. الاخ فهد صبري الجندي المجهول ،  تحرك على جبهة الاخ شيروان ابراهيم الذي اتصل بدوره مع مكتب الرئاسة ومع مسؤول المعبر  شوكت بربهاري وهكذا التقت للمرة الاولى كل الجهود الخيرة عبر عمل انساني مشترك رغم كل حملات التجييش والاحتقان . 
للمرة الاولى ينتصر نداء الواجب الانساني على الحقد والكره والعداوة … هي المرة الاولى كما اعتقد يتعالى فيها الكردي ويسمو بتقديم العون والمساعدة لشاعر مازال حيا يمشي على قدميه ويرى بأم عينيه !!!
فقد قدمت الادارة الذاتية في الجزيرة كل ما بوسعها من اجل تسهيل عبور فرهاد الى الاقليم وتكفلت حتى بنفقات علاجه سواء في الاقليم او اوربا او أي مكان اخر !! هذا ما ابلغه الشاعر طه خليل لذوي فرهاد امام الجميع باسم الادارة الذاتية، كما استقبله مسؤول معبر سيمالكا اراس بكل محبة واحترام وقال بالحرف نحن في حالة انتظار واستنفار من اجلك ماموستا منذ يومين! كذلك حكومة الاقليم لم تدخر جهدا ولم تتأخر عن تقديم المساعدة وابدت استعداها منذ سماع النبأ بتكفل نفقات العلاج والاقامة ..
البارحة ليلا هاتفني فرهاد قائلا لقد اتصل بي الدار خليل للاطمئنان عن صحتي وتكفل بتقديم ما يلزم ، كما زارني الدكتور حميد دربندي مسؤول ملف كردستان سوريا في الاقليم في مكان اقامتي وقد تكفلوا بنفقات الاقامة والعلاج، كما اكد بانه سيبقى وفيا لشعبه وامته وهو ليس طرفا في الصراعات الحزبية القائمة وسيبقى وفيا لكرديته كما كان، ولن ينجر الى خندق التحزب والتعصب الاعمى …!! هذا هو فرهاد كما كان وكما كنا نعرفه ..مدافعا اصيلا عن قيم وثقافة الشعب الكردي… بعيدا عن التعصب او التخندق الاعمى…نبيلا ومدافعا عن قيم العدل والحق والحرية.
هي المرة الاولى التي يتم فيها الاهتمام وتقديم العون والمساعدة لقامة ثقافية او فنية او شعرية او حتى سياسية .. وهي على قيد الحياة !! لان العديد من مبدعينا الكرد فارقوا الحياة كالشاعر تيريج وكلش وبالو ….الخ وهم بأمس الحاجة الى العناية والرعاية دون ان يلتفت اليهم احد !! ، فمن عادة الكردي ان يحتفي بالأموات لا بالأحياء حيث يقوم بتوزيع الجوائز والاحتفال بذكرى وفاتهم او زيارة مقابرهم ..الخ  !! وقد يتم في بعض الاحيان نسيانهم، كالشاعر احمدي بالو الذي زرناه معا هذه السنة بصحبة شاعرنا الكبير فرهاد وقبره يكاد لا يعرف !! وهو مغطى بالأشواك..!!  وقد تأثر بالموقف كثيرا ..!!
في النهاية اتقدم بالنيابة عن امير القصيدة الكردية والرومانسية فرهاد عجمو الذي طلب مني الاعتذار باسمه من الجميع عن كل ما بدر منه في الآونة الاخيرة !! بسبب مرضه الذي لم يكن يعلم عنه شيئا، كما اتقدم بالشكر الجزيل الى الادارة الذاتية في الجزيرة وعلى رأسها السيد الدار خليل، والى حكومة الاقليم، واخص بالذكر الدكتور حميد دربندي لما قدمه ووفره من رعاية وكرم ضيافة واهتمام، والشكر موصول ايضا لكل الاخوة والاصدقاء والكتاب والشعراء والشخصيات الوطنية التي لم تدخر جهدا في تأدية واجبها الانساني سواء بالمساعدة او الاتصال أو السؤال او مشاركة الشاعر المهندس فرهاد عبدو ابراهيم(عجمو) مشاعر الحزن والالم .!
فرهاد عد الينا… فنحن  بانتظارك ….!!!
القامشلي 21-6-2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…