في وحدة الحركة الوطنية الكردية السورية

صلاح بدرالدين 
   أمام الدعوات الصادقة المنطلقة من الشرائح الشبابية والفئات الاجتماعية الوطنية المتنوعة في الساحة الكردية الداعية الى الالفة والمحبة والعمل المشترك وصولا الى وحدة الصف خصوصا في مثل هذه الظروف الدقيقة والشديدة الخطورة التي تعيشها سوريا الوطن والشعب والتي تزامنت مع القلق الذي يبديه الأشقاء وخصوصا السيد رئيس اقليم كردستان العراق راعي اتفاقيات أربيل ودهوك بين أحزاب المجلسين على المصير الكردي السوري جراء اخفاق الأحزاب والتنظيمات في تنفيذ مااتفقت عليه برعايته وفشلها في رسم الموقع المناسب للكرد في الحياة السياسية السورية أو تعزيز موقعهم في حاضر ومستقبل البلاد نؤكد على وجاهة القلق على المصير ومشروعية الدعوة الى الوحدة والاتحاد ولكن كيف ؟ .
كنا قد تناولنا مسألة وحدة الحركة منذ بدايات اندلاع الانتفاضة وكتبت حولها بالتحديد في ( 20 – 10 – 2011 )وحاولت حينها اظهار الفرق الشاسع بين التعريف الراهن ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين والذي سبقه خلال سنوات منتصف القرن العشرين في الأول تجسدت الحركة الكردية في اطار حزب قومي جماهيري استقطب مختلف الطبقات والفئات والأعمار ورغم تعدد المراكز الحزبية فيما بعد الا أن تعريف الحركة لم تتجاوز فعليا الأحزاب القائمة في غضون عدة عقود ولم يستمر الوضع طويلا الى مالانهاية بعد أن وجه النظام ضربة قوية لليسار القومي الديموقراطي الكردي المعارض منذ بداية التسعينات .
من جهة أخرى كشفت الهبة الكردية الشعبية الدفاعية في ربيع عام 2004 ( التي لم تتطور الى انتفاضة كردية سورية شاملة لأسباب عديدة ) ولأول مرة بأقصى درجات الوضوح عن أزمة العمل الحزبي وجوانب التقصير والعجز في أداء قيادات – مجموع الأحزاب الكردية –  كما أظهرت على أرض الواقع بروز نواة قوى مستجدة في الساحة الكردية عمادها الشباب والجماهير اللاحزبية أو المستقلة من الذين لم يكن لهم صوت وهم من شكلوا وقود الهبة وجسمها وشهداءها وقد أفرز التحول العميق هذا حقائق جديدة على الأرض لايمكن تجاهلها وفي مقدمتها اعادة تعريف الحركة القومية الكردية التي لم تعد تقتصر على التنظيمات الحزبية القائمة لتشمل قطاعات واسعة جدا من الشعب مثل المستقلين والشباب والمرأة والمثقفين وفئات من الطبقة الوسطى ومناضلين قدامى ابتعدوا عن الصراعات الحزبية . .
وباندلاع الانتفاضة الثورية السورية منذ سبعة شهور وتجاوب المناطق الكردية ومواقع التواجد الكردي معها عبر الشباب والتيارات الأكثر جذرية والشخصيات الوطنية وغياب شبه كامل للتنظيمات الحزبية حتى تراجع نفوذها في الوسط الشعبي وأصيب صدقيتها في الصميم وتعمق الفرز أكثر ليبشر بولادة قوى شبابية معبرة عن طموحات وأهداف الكرد ومجسدة لمصالح الحركة الكردية في المرحلة الراهنة التي تجتازها سوريا في ظل ثورتها الوطنية من أجل الحرية والكرامة واعادة بناء الدولة التعددية الحديثة والمناضلون الكرد السورييون يتميزون بتاريخ حافل في مجال مواجهة الاستبداد والتصدي للظلم ولحركتهم تراث ناصع حول نشدان الاصلاح والتغيير بدءا من انعطافة الخامس من آب عام 1965 ومرورا بهبة آذار وانتهاء بالانتفاضة الراهنة فالجماهير ترشد الآن من كان وصيا عليها من القائد والحزب والنخبة وعودة الموقع المركزي لها في حركة التاريخ ونحن أمام ثورة وطنية واجتماعية قد تطال استحقاقات الهوية والقلق على مستقبل مابعد الاستبداد وبدء المعركة من الآن في الساحة الكردية اسوة بالساحة السورية العامة .
في ظل الواقع الجديد وأمام معطيات الحقائق المستجدة في المجتمع الكردي وفي خضم تحولات قوى ومضامين الحركة الكردية بالذات لم يعد الخطاب الحزبوي القديم مقبولا ولا واقعيا بشأن جميع القضايا ذات الصلة بالكرد ومستقبلهم وبالخصوص حول الحركة القومية وتجلياتها السياسية وبرنامجها وموقعها فيالثورة والمعارضة  ودورها الوطني العام وعلى قيادات التنظيمات الحزبية أن تعي أن زمام المبادرة القومية والوطنية ليس ملكها بعد أن عبثت بها ولم تعد بأيديها كما كان قبل عقود ومن هنا يمكن تفسير الاستقبال الحذر من جانب الغالبية الكردية لدعواتها الى مؤتمرات واقامة مرجعيات والتساؤلات المتواصلة التي لن تتوقف مثل : لماذا الاتفاقيات الجانبية الحزبية  هل من أجل وحدة الأحزاب أم وحدة الشعب ؟ هل من أجل نصرة الثورة  أم محاربتها ؟ والوحدة بين من ومن ؟ وما هوشكل الوحدة المطلوبة واطارها ؟ وما هو برنامج الحد الأدنى لأي اطار وحدوي منشود ؟ .
في البحث عن المصلحة الكردية في اطار المصالح الوطنية العامة نقول عادة ماتعقد مؤتمرات الحركات المناضلة من قومية وغيرها من أجل مراجعة القديم وطرح الجديد في ظروف تستدعي حدوث انعطافات في الفكر والموقف وفي الحالة السورية الراهنة والكردية منها على وجه الخصوص كان على كل حركة أو حزب أو تنظيم اما أن يكون قد عقد خلوات واجتماعات للتحضير للثورة والانتفاضة ووضع برنامجها وخطة عملها وتهيئة كل مستلزماتها قبل اندلاعها أو يقوم بذلك اذا ما تخلف عن الركب بعداندلاع  الثورة استقبالا للمرحلة الجديدة مابعد الاستبداد والسؤال المطروح الآن أمام أصحاب دعوات عقد المؤتمرات الوطنية أو القومية الكردية السورية وهم من قيادات الأحزاب والتنظيمات التقليدية لماذا الآن ولأي سبب ومن اجل أي هدف ؟ أنتم لم تحضروا لأي حراك ولم تشاركوا فعليا في الانتفاضة الثورية في جميع المناطق الكردية وفي أماكن التواجد الكردي ولم تدعوا لعقد حتى لقاءات شاملة من أجل تهيئة المكون الكردي لمواجهة ماسيحدث ولم ترفعوا سياسيا وعمليا شعار اسقاط النظام اسوة بتنسيقيات ومجاميع الشباب الكردي المساهم بفعالية في الثورة السورية .
   الطريق الوحيد لانقاذ الشعب الكردي من محنته ورفع الاضطهاد عن كاهله والاستجابة لحقوقه المشروعة هو بتوفر النظام السياسي الديموقراطي الذي تسعى اليه الانتفاضة الثورية والكرد الى جانب كل المكونات الوطنية هم جزء من الصراع بين السوريين من جهة والنظام من الجهة الأخرى والظهر الكردي قوي بارادته ووحدته وتلاحمه مع العرب السوريين وباقي المكونات فالانتفاضة السورية خلقت وطنية جديدة تستند على التضامن والمصير الواحد بين الجميع والشراكة ولن تحدث مواجهات عنصرية بين الكرد وغيرهم كما يثبت التاريخ المشترك منذ مئات السنين . .
.
لسنا بحاجة كحركة كردية سورية الى خوض تجربة خاسرة بالمراهنة على نظام استبدادي قاتل يمارس الشوفينية والعنصرية ضد شعبنا منذ أكثر من أربعين عاما حتى لو أطلق الوعود والعهود الرنانة كما لسنا مجبرين على مخالفة حركة التاريخ والعودة الى الوراء لنختبر من جديد مدى جدية وصدقية من خسروا الرهان منذ أمد بعيد حتى لو قالوا بالحكم الذاتي أو الادارة الذاتية أو الفدرالية تحت رعاية الحاكم المستبد .
  ان الطريق الوحيد الأسلم لوحدة الحركة الوطنية الكردية هو بالتحضير لعقد المؤتمر القومي – الوطني بمشاركة الكتلة التاريخية من ممثلي نشطاء الشباب والحراك الوطني العام والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني وقواعد الأحزاب من أجل اعادة بناء الحركة والخروج ببرنامج سياسي يلبي طموحات شعبنا المشروعة وقيادة انقاذية تواجه كل التحديات الماثلة بما في ذلك المزيد من الانخراط في الثورة والتلاحم مع القوى الديموقراطية السورية ورسم آفاق جديدة لعلاقات التنسيق والعمل المشترك مع حركة التحرر الكردستانية وفي المقدمة الأشقاء في اقليم كردستان العراق .  .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   منذ 2011، فتحت تركيا أبوابها للسوريين، ليس دعماً لهم، بل لاستغلال نزوحهم، على أكثر من صعيد، متوهمةً أن سقوط النظام لن يطول. استقبلت الأيدي العاملة، بأجور جد زهيدة، و استغلتهم عبر أساليب مشينة، واستفادت من ضخّ المساعدات الدولية الممنوحة للسوريين، بينما اضطر رجال الأعمال إلى نقل مصانعهم إلى هناك، لاستمرار معيشتهم وديمومة حياتهم، ما عزّز الاقتصاد…

في إطار الاهتمام العالمي بالقضية الكردية عامّةً، وفي سوريا على وجه الخصوص، بعد الأحداث الدامية في 12 آذار 2004م، ازداد اهتمام العواصم الأوروبية بقضيتنا الكردية؛ فأوفدتْ مندوبين عنها إلى الجزيرة من قبل الاتحاد الأوروبي والقارة الأمريكية (كندا)، وذلك للوقوف على الحقائق كما هي في أرض الواقع؛ بغية الوصول إلى رسم تصوّرٍ واضحٍ ومباشرٍ لوضع الشعب الكردي في سوريا ومعاناته الاجتماعية…

ماهين شيخاني كان يكبرنا سناً ومحل احترام وتقدير لدينا جميعاً وفي المؤتمر (……) كان بيني وبينه وسادة، لمحته ينظر لوجوه المؤتمرين، هامسته : هل أكملت جدول الانتخاب ..؟. أجاب: مازال قائمتي بحاجة الى بعض المرشحين ..؟!. وضعت ورقتي المليئة بالأسماء التي انتخبتهم حسب قناعتي بهم على الوسادة أمامه، تفضل ..؟. نظر أليَّ باستغراب، رغم ثقته بي ووضع…

صلاح بدرالدين   منذ عدة أعوام ولم تنفك وسائل اعلام أحزاب طرفي ( الاستعصاء ) – ب ي د و انكسي – تنشر تباعا عن تدخل وسطاء دوليين لتقريب الطرفين عن بعضهما البعض ، والاشراف على ابرام اتفاقية كردية – كردية ، وانهاء عقود من حالة الانقسام في الصف الكردي السوري !!، من دون توضيح أسس ، وبنود ذلك الاتفاق…