مؤتمر للبعثيين والإخوان المسلمين معاً في مدينة بون الالمانية .!

عنايت ديكو 

قبل أيام جائتني دعوة رسمية من فصيلٍ معارضي سوري يُطلق على نفسه  ” الهيئة الوطنية السورية ” ، حاملاً شعار رمادياً ” يد بيد نحو سورية موحدة حرّة مستقلة ” .!
وكالعادة … وبعد توجيه كل دعوة لي، أُحضّر نفسي مع أقلامي ودفاتري وأذهب الى مكان الدعوة والاستماع الى كل شاردةٍ وواردة في الاسترسال السياسي والفكري والتنظيمي، والتفاعل مع الحدث بموجب المصلحة الوطنية العامة وبدون رتوش.!
وبعد تلاوة البرنامج السياسي من قبل اللجنة المنظمة عن الوطن والوطنية، واستعراض أفكارها ومنطلقاتها الفكرية والنظرية والثورية، وقدوم مداخلة خاصة من ” تل رفعت ” عبر الأثير ، أفسحت اللجنة المنظمة للمؤتمر المجال للحضور بالمداخلات، وكانت مداخلتي هي الخامسة بحسب الترتيب، وخلال الفعل وردّ الفعل، أدركت مباشرة وعورة الموقف والحال، فدعوتُ وركزّتُ في مداخلتي على الاختلاف الكبير بيننا نحن كمعارضين سوريين في المفاهيم والبنية الفكرية والمصطلحات والتعابير، وفي الأفق السياسي والفكري والثقافي السوري العام، وأشرت أيضاً بشكل واضح وصريح الى أن الثورة السورية قد سقطت على أسوار ” عفرين ” وخاصة عندما هاجمتها قطعان الارهاب بزعامة الاستاذ ” أبو عمشة ” حامل المشروع الطوراني التركي. وعليه … وفوراً هاجت جماعة الاخوان المسلمين الذين لهم باع طويل في تدوير وتحويل كل الاجتماعات والمنتديات والمؤتمرات والجلسات لصالح مشروعهم السياسي والاسلاموي، حتى خرج أحدهم في الاجتماع من الكتلة الاخوانجية على الملأ وقال بأنه مستعدٌ لأن يتبرع بـ ” 20 ” ألف يورو لصالح هذه الهيئة، الى جانب شخصان منتدبان من قبل الدولة التركية وقدومهما الطازج من عفرين حاملين معهم ورقة ” الثورة والثوار ” الى أروقة المؤتمر ، وذلك لفرض أجنداتهم على مخرجات المؤتمر وفرض الصياغات السياسية على الجلسات، وكله طبعاً باسم الوطن والوطنية ووحدة التراب السوري والحفاظ على حدود الجمهورية العربية السورية، في وقتٍ نرى الاستاذ ” الجولاني ” قد أعلن عن جمهورية للسنة في امارة ادلب.!
فحاولوا اسكاتي بالقوة وعدم السماح لي بتكملة المداخلة، فكررتها ثانية، وقلت لهم: بأن الثورة قد سقطت خاصة عندما أحتضنت الثورة ذاك الارهابي الكبير ” ماهر العقّال ” زعيم تنظيم داعش الارهابي في مناطق سيطرتها، والجولاني الارهابي الآخر ، الى جانب اغتصاب الثورة من قبل جماعة الاسلام السياسي.!
وهنا، وكأن القيامة قد قامت، وكأنني فتحت عليهم النار ، وأطلقت عليهم عش الدبّور في قاعة الاجتماع، فمنهم من هدَّدني ومنهم من حلَّلَ ومنهم مَنْ حرَّمَ ، ومنهم مَنْ أجرَمَ ومنهم من استخدم الارهاب الفكري ضدي، ومنهم من قال بأنه لن يسمح لي بالتكلم عن الثورة والثوار ، وبأنه قادم اليوم من عفرين وكل شيء على مايرام، وأن الذئاب والنعاج والكباش تعيش معاً جنباً الى جنب كأسنان المشط في ظل الضياء الثورجي الاسلامي. ومنهم مَنْ طالب بالقصاص والجَلد حتى الاستسلام وسلخي عن الوطن، وكأن الوطن ملكٌ لأبيهم.
فما أن هاجت واعترضت الكتلة الاخوانجية داخل المؤتمر على مداخلتي وطلبها من رئيس اللجنة بضرورة إيقافي عن القراءة واسقاط حقي في المداخلة الى النهاية، حتى فاجئنا مدير الجلسة نفسه قاضي قضاة مدينة حلب السيد ” حسين حمادة ” الانصياع للطلب الاخونجي وضرورة وقفي للمداخلة، وعدم السماح لي بقرائتها، وذلك عبر اسلوب غير لائق وفظ لا يرتكن الى أية زاوية في الأعراف الادارية والدبلوماسية والأخلاقية. وقال لي بالحرف الواحد وكأنه يخاطب في أحد مؤتمرات طلائع البعث العربي السوري قائلا: يا عنايت ديكو … أنت لا تشبهنا … وكلامك لا يشبه كلامنا … ومشروعك لا يتناسب مع مشروعنا … وأفكارك هدّامة ولا تشبه أفكارنا … فتفضل من على المنصة، وسط تصفيق حارّ وحادّ من قبل جماعة الاخوان المسلمين والبعثيين المستترين تحت غطاء الوطن والوطنية والثورة والثوار . 
فخرجتُ من القاعة مرفوع الرأس، وخرج معي كل الكورد الذين حضروا المؤتمر في إشارة الى التضامن الكوردي والى تلك الممارسات اللا ديمقراطية واللا انسانية التي مورست من قبلهم بحق المختلفين معهم، والى الارهاب الفكري والسياسي الذي مورس بحقنا في المؤتمر . وخَرَجتْ بعدها منصة آمارجي أيضاً وانسحبت من لجان أعمال المؤتمر .! وساد المؤتمر جو من الفلتان وضياع بوصلة الأولويات.
وقبل خروجي من القاعة وللتاريخ … قلت لهم مراراً وتكراراً : لن تمرّوا … لن تمرّوا … ولن نسمح لكم … لن تمرّروا .!
…………………………
مدينة بون – المانيا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فرحان كلش   سيكون مكرراً، إن قلنا أن الكرد في حاجة ماسة إلى وحدة الكلمة، وحدة الموقف، وحدة الخطاب، وحدة الحوار مع دمشق. في هذا الفضاء المقلق بالنسبة للشعب الكردي، تمر الأحداث سريعة، و الساسة الكرد في وضع قاصر، لا يستطيعون مواكبة التطورات المتلاحقة، لذلك يشعر الإنسان الكردي بأن الحل خارجي صرف، لأنه لا يبصر حملة راية النضال الكردي ينتهزون…

ريزان شيخموس مع صدور “الإعلان الدستوري” في سوريا بتاريخ 13 آذار/مارس 2025، رُوّج له على أنه نقطة انطلاق نحو دولة جديدة، ودستور مؤقت يقود مرحلة انتقالية تُخرج البلاد من أزمتها العميقة. لكنه بالنسبة لي، كمواطن كردي عايش التهميش لعقود، لا يمكن قبوله بهذه البساطة. الإعلان يعيد إنتاج منطق الإقصاء والاحتكار السياسي، ويطرح رؤية أحادية لسوريا المستقبل، تفتقر للاعتراف…

حواس محمود   إقليم كوردستان كتجربة فيدرالية حديثة العهد في العراق وفي المنطقة، ومع النمو المتزايد في مستويات البنى التحتية من عمران وشركات ومؤسسات إقتصادية وثقافية وإجتماعية، هذا الأقليم الآن بحاجة الى الإنفتاح على العوالم المحيطة به، والعوالم الأخرى على مستوى كوكبي عالمي كبير. فبعد المخاضات الصعبة والعسيرة التي خاضها الشعب الكوردي في كوردستان العراق من أنفال وكيمياوات وحلبجة ومقابر…

د. محمود عباس   من ينكر الكورد لا يستحق الوطن، سوريا لا تُبنى على جثة كوردستان، نحن الوطن ولسنا ضيوفًا عليه. كيف يمكن أن نبني وطنٍ مشترك مع من لا يعترفون أصلًا بوجودنا، لا كشعب، ولا كمكوّن أصيل في الجغرافيا التي يُطلق عليها اسم “سوريا الوطن”؟ كيف نكتب دستورًا مع من يُنكرون علينا التاريخ والجغرافيا، ويرفضون حتى معرفة الحقيقة التي…