الاكراد يحبون السلام

ا . د . قاسم المندلاوي

امتاز الاكراد منذ اقدم العصور التاريخية بالتفوق البدني و القتالي  ، وكانو اسياد المنطقة ، وكانت الصفة المعروفة و البارزة لديهم حبهم للحرية والاستقلال و السلام  ، لقد وصفهم  المفكر الارمني ” خجاتور ابوفيان فقال ” من الممكن تسمية الاكراد بفرسان الشرق بكل معنى الكلمة فيما لو مارسوا حياة الحضر بشكل اكبر .. ” المؤلفات الكاملة ، الجزء الثامن 1958 يريفان  .. كما  ذكر  المستشرق  ” باسيل نيكيتين ” الاكراد ” دار الروائع ، بغداد 1975  ” نستطيع ان نطلق على الاكراد ” فرسان الشرق ” لكل مافي الكلمة من مدلول في ماذا كانوا يعيشون حياة اكثر تحضرا ذلك ان الصفات المشتركة لهذا الشعب هي استعداد دائم للقتال و استقامة و تفان مطلق في خدمة امرائهم  و وفاء للعهد واحترام فائق للنساء و حسن الضيافة وحب الفروسية  ،
 يقول ” تي بي سون ” عامان في كوردستان ” عند الكردي اخلاص دائم واحترام الكلمة وعطف على الاقرباء ومعاملة ممتازة للمرأة  وحب للشعر واستيعاب حاد للتضحية واعتزاز جميل بقوميته ووطنه ذلك هو الكردي .. ” و يذكر المستشرق الانكليزي ” هنري فيلد ” في كتابه ” علم اجناس البشرية – بيروت 1987 ” الاكراد يمتازون بالقوة الجسمانية و روح الصبر والمقاومة ، وكانوا ذوي اخلاق وطبائع حسنة ، ويؤكد على ماجاء آنفا كل من المستشرق ” درخانيكوف ” والمستشرق ” دانيلوف ” في كتاب ” القبائل الكوردية ” عن جليل الفيلي اللور ” الكورد ” الفيليون في الماضي والحاضر  – 1999 السويد ”  يقول السيد كاظم حيدرفي مؤلفه ” الاكراد من هم والى اين  – 1959 بيروت ” عن شجاعة الشعب الكوردي وقدراتهم البدنية القوية ، بانهم شعب متكبر مستقل رفض منذ فجر التاريخ الخضوع مدة طويلة لاي فاتح او اية دولة …  ويقول الكاتب ” حسن  مصطفى ، بغداد  1962″ الاكراد يعرفون جيدا طبيعة اراضيهم معرفة تامة وهم يحسنون الاستفادة من عوارضها ولديهم قابلية بدنية جيدة على التنقل فيها و تحمل مشاقها رغم الجبال الوعرة الشاهقة و الشاقة و برودة الجو .. ” و يذكر المؤرخون  بان اعداد الجيش لدى ” الكاردوخيون ” كان  يتميز طابع الجبلي ، وكانت اسلحتهم   في  التدريب على الاقواس بطول ثلاثة اذرع  حيث يضعون  اقدامهم اليسرى  اثناء استعمالها ، وكان على نهايتها علامة  ” + ”  وكان طول سهامهم  ذراعين  تخترق الدروع و القمصان المعدنية ، وكذلك كانوا  يتدربون على القلاع كسلاح ، وكان  يجري تدريباتهم ايضا دحرجة  الصخور الثقيلة على العدو اثناء سيطرتهم على المواضع ، وكانوا يتدربون على الاناشيد و الاغاني عند الهجوم السريع و ذلك لزيادة الحماس لدى مقاتليهم  ” مجلة المؤتمر العلمي العراقي = جماعة الاكراد = بغداد 1983 ” و يذكر  القائد والمؤرخ  اليوناني  ”  كزينفون ” في كتابه المشهور ” اناباس ” 401 ق م عن شجاعة الكرد ” خوريين او الكاردوخيين  ” اي الاكراد الذين يعيشون في الجبال بانهم اناس شجعان اقوياء البنيه لن يرضخوا لسلطة الملك ” كركس ” ولا لحكم الارمن ، ثم يصف هذا القائد و المؤرخ بالتفصيل الحرب التي خاضها معهم وهو على رأس عشرة الاف جندي يوناني ” رحلة العشرة الاف مقاتل ” كان يقودهم في طريق العودة من بلاد الفارس الى يونان و مر ” بالموصل ” فيقول عندما شعر الاكراد بان عدد من مقاتلينا عبروا النهر فانهم زحفوا الينا وهاجمونا وهم يغنون ثم يضيف هذا القائد اليوناني  ” كزينفون ” .. ان وجود  الاكراد و القرى الكوردية في هذه المنطقة ادى الى صعوبة اجتيازنا لمناطقهم بسبب محاربتهم لنا و تكبيد جيشنا العديد من القتلى و الجرحى  ”  عثمان شاربازيري – كنز الاغاني الكردية – مطبعة الزمان بغداد 1985 ،  ويشهد التاريخ بان الاكراد لا يستسلمون للعدو ونضالهم غني بالامثلة و الحقائق نذكر ماا يلي : ” ابطال قلعة دم دم ” حيث  يرجع تاريخ تاسيس القلعة الى عهد الساسانيين الكورد و تعتبر ملحمة قلعة ” دم دم ” التي وقعت في ” عام 1608 م ” على يد ابطال القلعة وهم من عشائر ” برادوست ”  التي تالفت منها ” حامية  هذه القلعة الشهيرة ، وهؤلاء الابطال الذين قاومو حتى آخر انفاسهم واخر قطرة من دمائهم واختارو الموت الجماعي بدلا من الرضوغ للاعداء  ورفعو شعار ” الانسان  يولد بالحرية ويكون حرا في الحياة  ويموت حرا ” هذه الملحمة من احدى اشهر بطولات الكورد و الذي يفتخر به التاريخ الكوردي ”  عرب شمو ، يريفان 1966 ترجمة شكري رسول للكوردية ” وحدثت هذه الملحمة في عهد الطاغية ” شاه عباس  الصفوي ” عندما استعمر الامبراطورية الصفوية بقيادته كل المناطق الكوردية ، ولم يتمكن من احتلال ” قلعة  دم دم ” ، وقد استخدم  كافة الوسائل و الطرق القتالية فلم يتمكن من السيطرة على ابطال القلعة وقد غضب الطاغية  شاه عباس لفشل جيشه و محاولاته  المتكررة ، ثم  بدأ بطريقة اخرى وهي طريقة الخداع  ، فقد بدا بمحاصرة القلعة من كل الجوانب ، و يذكر بعض المصادر ” عزالين مصطفى رسول – بطولة الكورد في ملحمة دم دم – جامعة السليمانية 1981 ” ان ابطال القلعة كانوا ياكلون الخبز مع الماء ” لكل فرد خبزا واحدا مع الماء يوميا  ” ، ولم يفلح شاه عباس لهذا الحصار حتى قام  بقطع الماء عن القلعة من مصدره خارج القلعة  ” ما اشبه اليوم بالامس : حيث تقوم تركيا بقطع الماء عن قرى والمدن الكوردية ظلما وعدوانا  في غرب كوردستان ” ، وبعد اسبوع من قطع الماء قاموا بمهاجمة القلعة من جميع الاطراف ، وبعد قتال عنيف بين ابطال القلعة وجيوش شاه عباس  وعدم التكافئ  و العدالة في العدة و العدد و الامكانات ، استشهد جميع الابطال مع  قائدهم الكوردي في سبيل الحرية  ” مصطفى صالح كريم – قلعة دم دم –  بغداد 1982 ، ان روعة هذه البطولة و التضحية  الكبيرة  حملت العلامة  المستشرق  ” مان . او ” على  ان يذكرها في شيء كثير من الاعجاب و التضحية ” محمد امين زكي ” تاريخ كرد وكردستان ”  ، بغداد 1961 ” وكان للبطل الكوردي ” امير خان يكدست ” وهو من امراء وزعماء عشيرة ” برادوست ” الدور الكبير في القتال ،  و قدم ” جليل اورديخان ” رسالة دكتوارة عن ملحمة ” دم دم “جامعة لينيغراد  1960  ، وفي عام 1967 اصدر كتاب ” تحت عنوان ” دم دم ” في موسكو باللغة الروسية ،  والخلاصة : الفرس  لم يتمكنوا من  احتلال  قلعة ” دم دم ” الا بالحيل و المكر وهذه هي احدى صفات الخبث و الجبن لديهم منذ زمن  ” كورش ” الذي احتال على الميديين وكما هو واضح من خلال الجدارية التي نحتت على جبل ” بيستون ” قرب  مدينة كرمنشاه  يثبت عدم استسلام الكورد والخضوع للفرس و نشاهد في  الجدارية الشاه الفارسي ” الهخامنشي ” يدوس بقدمه على جسد الرجل الدين ” كومات ”  الميدي الكوردي  الذي اعلن الثورة على الفرس ،  وهذا مما يدل على حقده وعنصرية حكام الفرس منذ قديم  الزمان  ” محمد مندلاوي  صوت كوردستان 2 /3 / 2018  ” .. و لعل  اكبر دليل  قاطع على شجاعة و اصالة و قوة الشعب الكوردي الحملة العسكرية للقائد الكوردي ” صلاح الدين الايوبي ”  الذي ينتمي الى قبيلة ” راوند ” الكوردية التي استوطنت منطقة ” ديفين ” في اقليم ” يريفان” ضد الحملة الصليبية الاوربية  ، وقد اقام امبرطورية ضمت مصر وشام وحجاز واليمن و وادي الرافدين  ، و دام الحكم الايوبي من ” سنة 1169 الى 1250 م ” ويعتبر صلاح الدين الايوبي من بين الابطال و الشخصيات اللامعة في التاريخ  وهو ينتمي الى اسرة ايوبية و الواقع ان هذه الاسرة قد اقامت دولة اسلامية وليس دولة خاصة بالاكراد  ” وان دل هذا على شيء فانما يدل على عدم عنصرية القائد الكوردي المسلم ” .. كان صلاح الدين الايوبي شجاعا و قويا وفارسا يتميز بالروح الانسانية وعالما في الدين ، وقد خصص الباحث ” توما بوا ” الاكراد ” مطبعة النعمان بغداد 1969 بجثا تاريخيا عن صلاح الدين الايوبي ووصفه كابرز شخصية اسلامية ظهرت بعد عصر الرسول محمد ” ص ” ، كان القائد صلاح الدين يمارس ايضا بعض الالعاب الرياضية كالرماية و الفروسية  ، وكان يمارس ايضا لعبة  ” بولو  ” اي  ” جوكان ” وهي لعبة فارسية الاصل كان القائد صلاح الدين  يحب ممارستها اثنا قيامه بالتدريب حيث كان مولعا بها ، وكان يمارس هذه اللعبة على ضفاف نهر بردى  في دمشق ” توما بوا – مع الاكراد – ترجمة آواز زه نكنه بغداد 1975 “.. كان القائد صلاح الدين  يدرب جيشه على الرماية و المبارزة و الفروسية وغيرها من الادوات التي استعملت في الحروب آنذاك ، كما استطاع توحيد المسلمين من الكرد و العرب  تحت راية واحدة  ” راية الاسلام ” محسن  محمد حسن  ” سيرة صلاح الدين الايوبي ” ترجمة عبد الرزاق بيمار الى الكوردية  1993 ، ومن الجدير بالذكر ان هذا القائد استطاع من فتح ” القدس  سنة  1187  م ” كان  نظام  الاعداد البدني و القتالي و العسكري لجنود صلاح الدين يتمثل في الكثير من التدريبات العنيفة  ، وكان لفرق الاكراد  دور كبير في محاربة الصليبين نظرا للمزايا القتالية العالية التي كانوا يتمتعون بها ، وكانوا يقال عنهم  ” فرسان الشرق ” لانهم فضلا عن شجاعتهم الفائقة عرفوا اصول استعمال السيف ، و يذكر ان ” الناصر صلاح الدين ” بعد توليه الوزارة المصرية  سنة 564 هجرية  ” 1169 م ” حل الجيش المصري المكون من ” البربر و الارمن و  السود ” و اتخذ عساكر من الاكراد  . وهكذا فان تاريخ الشعب الكوردي القديم حافل بالاثباتات و الادلة  القاطعة على ما قدمه هذا الشعب  في الحضارات القديمة من بطولات و شجاعة قتالية و حبهم للحرية و السلام ، وقد اتبعوا منهجا منتظما و اصوليا في الاعداد البدني و القتالي و الرياضي ، وان الامة الكوردية فخورة بحضارتها العريقة و الغنية  والمشرقة  ” قاسم المندلاوي ” الثقافة البدنية في العراق القديم ” مجلة الشرق الجديد ، براغ  1968 ”  ومن الابطال الاخرين  القائد ” خسروخان ” هو شجاع  ومحارب  كوردي  حكم منطقة  ” اردلان ” الكردية من ” 1800 الى 1820 م ” ثم ظهر ” محمد باشا ” الملقب ب ” ميري رواندوز ” وهو من اشجع الابطال الذين قاتلوا الاتراك و الذي استنفر قواته و انشأ في ” راوندوز ”  صناعة للاسلحة كالخناجر و البنادق بل وحتى المدافع ، فصنعت نيف ومأتي مدفع مازال عدد منها محفوظا في راوندوز  وفي متحف بغداد  ” محسن محمد حسن ” نفس المصدر السابق  بغداد  1993 ” ، لقد قاوم الاكراد ” هولاكوخان ”  في القرن ” الثالث عشر ”  الذي ارسلته الدولة المغولية عام ” 1252 م ”  لغزو غرب آسيا ، و تمكنوا  قتل اكثر من ” 20 الف ” جندي مغولي امام قلعة اربيل  الحصينة ” عبد الرحمن  قاسملو ” الاكراد وكوردستان ”  بيروت  1970  ، و حوالي عام ” 1400 م  قاوم الاكراد ” تيمورلنك ” ، كذلك قاوم الاكراد العرب و رفضو الخضوع ”  للدين الاسلامي  ”  في البداية  ، الا ان الاكراد عندما رأو النظام العادل في الاسلام اعتنقوا هذا الدين واصبحت كوردستان جزءا من الامبراطورية الاسلامية عام ”  636  الى  1258 م ”  نفس المصدر السابق ”    .  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…