سبيل الكرد السوريين لاستعادة « البوصلة » .. قضية للنقاش ( 258 )

صلاح بدرالدين
لمرات عديدة كتبت عن “البوصلة” المفقودة وضرورة ان يعيدها الكرد السورييون، والمقصود هنا كل من يتعاطى السياسة، والكتابة، والثقافة، والاعلام، لاعادة الاعتبار لشخصيتهم المستقلة المصادرة من القريب والبعيد، وتوفير مستلزمات بناء الذات من جديد، وكذلك شروط إعادة بناء، وتوحيد، وشرعنة حركتهم القومية – الوطنية وهي سلاحهم الوحيد في تعريف هويتهم، وانتزاع حقوقهم الأساسية بمافي ذلك حقهم في تقرير مصيرهم السياسي، والإداري ضمن اطار سوريا الجديدة، التعددية، الديموقراطية الموحدة .
تحديات امام استعادة ” البوصلة ” 
١ – إصرار أحزاب طرفي الاستقطاب على التمترس في مواقع رفض الحوار الكردي الكردي، والتبعية لاجندات المحاور الخارجية، والامعان في محاولات خلق وقائع جديدة على الأرض اعتمادا على الوقت ومرور الزمن، تمس تاريخ الكرد، وجغرافيتهم، وهويتهم، واتخاذ من تبقى من الكرد في الداخل رهائن تنتظر اقدارها امام المجهول مع تجاهل ظهور وتوسع صفوف الوطنيين المستقلين الكرد خارج اطرها، مع مشروعهم للانقاذ، وإعادة البناء .
٢ – غض الطرف بل تشجيع مظاهر الارتداد في المجتمع الكردي السوري، كالبحث عن ملاذات العشيرة، والقبيلة ماقبل القومية، وهو امر مقلق .
٣ – تشجيع ورعاية عملية  تسييس و ” حزبنة ” النزعة المناطقية، كاسوأ، واخطر الردات السياسية القومية في تاريخ الشعوب، هذه الآفة لاتقتصر على المناطق المحتلة والمستولى عليها من جانب الفصائل المسلحة ذات النزعة الشوفينية مثل منطقة عفرين او التابعة لمناطق سيطرة نظام الاستبداد فحسب، بل تنتشر، وتتفاقم في ظل سيطرة سلطة الامر الواقع – الآبوجية – في – كوباني – و- الجزيرة – وفي مجال نفوذ – الانكسي -، وهنا يتساءل الوطنييون الكرد : مالفرق بين  جريمة تغيير اسم موطن الكرد السوريين، وجغرافية مناطقهم، ومدنهم، وبين الجريمة الأكبر في – حزبنة – وتسييس – النزعة المناطقية – العشائرية – الفئوية ؟ فاذا كانت الأولى تنم عن نزعة – بولبوتية مغامرة – في خدمة الإرادة الإقليمية العنصرية المعادية، وجواز مرور لخدمة الحزب الآيديولوجي، فان الثانية تعبر عن غريزة ظلامية متخلفة ماقبل عصرالقومية والمجتمع المدني .
٤ – تسخير وسائل الاعلام بكل أنواعها، بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي لمسائل ثانوية مستهلكة تفرق، ولاتوحد، وتؤجج المشاعر – القرووسطية -، وتهدم مابقيت من بنية المجتمع الكردي السوري الاصيلة .
٥ – عمليات الخلط المدروس بين الرئيسي والثانوي، وغير المجدي والمهم والاهم، بغية  حرف الأنظار عن القضايا الرئيسية والمصيرية في حاضر ومستقبل الكرد السوريين، وفي مقدمتها : إعادة بناء الحركة الكردية، وتوحيدها، واستعادة شرعيتها، وإقرار المشروع القومي – الوطني، من خلال توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع بالوسائل المدنية الديموقراطية الشفافة، كما يطرحه حراك ” بزاف ” منذ أعوام .
٦ – مايمارس الان من ردات، وتشويه، وانحراف عن تقاليد العمل القومي والوطني الديموقراطي المتبعة، والمتاصلة في المحطات التاريخية السابقة منذ حركة – خويبون – مرورا بقيام الحزب المنظم الأول، ومرحلة التجديد الجذري في منتصف ستينات القرن الماضي، أقول ما يمارس الان من جانب مصادر الازمة ( أحزاب طرفي الاستقطاب وخصوصا من بيده سلطة الامر الواقع، وبعض ردود الفعل الأكثر تشويها وتخلفا خاصة – المناطقية – التي اشرنا اليها تعد اكثر خطورة من مخططات نظام الاستبداد، واشد وقعا في تعميق المعاناة، والحرمان، من نظام الأسد البعثي الذي زرع كل هذه الافات طيلة عقود، ومهد لظهورها في عهد أحزاب طرفي الاستقطاب .، الم يعمل النظام وتحديدا منذ تكليف ضباط المخابرات العسكرية في بداية الثمانينات مثل – محمد منصورة في القامشلي، ومصطفى التاجر في حلب – وغيرهما في استباحة الحركة الكردية، واختراقها، وزرع الألغام في صفوفها، واصطناع مسميات حزبية، وتسعير الخلافات الكردية الكردية، وخلق محاور كردستانية ثم تاليب بعضها على الأخرى ؟ والان هناك من يسير على المنوال ذاته، ويتبع نفس الخطى، ويتنكر للتاريخ والجغرافيا، ومسميات الاباء والاجداد، ولكن هذه المرة من الجانب الكردي بكل اسف .
٧ – ولان الجانب الثقافي في حياة الكرد السوريين ليس محصنا، ولتبعية الثقافي للحزبي في الوطن وفي مناطق الشتات، نرى الأداء الثقافي هابطا بالشكل  والمضمون أيضا كما في الحالة السياسية، واذا كان المتنفذون في أحزاب الطرفين يعملون على طريقة – المافيات – فان هناك على الصعيد الثقافي من يمتهن أساليب – العصابة الثقافية – وترويج بضاعة ثقافية في غاية الرداءة الهدف منه كما يظهر هو ملئ الاستمارة …..، اما المثقفون والاعلامييون الحقيقيون الملتزمون بقضايا الشعب والوطن، والمستقلون الشجعان فانهم كحال المناضلين السياسيين الوطنيين المستقلين والذين يحاربون معاعلى كل الجبهات ( الفكرية والسياسية والثقافية ) فلاشك وحسب مسار تاريخ الشعوب هم المنتصرون بالنهاية مهما طال الزمن .
والقضية قد تحتاج الى نقاش

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…