افتتاحية صوت الأكراد *
وكان حزبنا في مقدمة الأحزاب الكردية التي عملت وحملت عبء تجميع الأطراف الكردية الصادقة في توجهها ، من خلال إصدار بيانه التاريخي عام1991، الذي دعا فيه جميع فصائل الحركة الوطنية الكردية (صغيرها وكبيرها) إلى الانضواء تحت لواء صيغة جامعة، والالتفاف حول برنامج عمل وطني كردي يخدم قضية شعبنا العادلة ويصب في مصلحته، بغض النظر عن مصلحتنـا كحزب ، أو مصلحة أي فصيل آخر وبدون هيمنـة أي طرف على الآخـر ، معتبراً أن قضية حقوق شعبنا الكردي هي فوق كل المصالح الشخصية والحزبية ، وهي الغاية والهدف.
وبناء على ذلك بذل حزبنا جهداً كبيرا بالاشتراك مع بعض الأحزاب الكردية الأخرى ، لإيجاد صيغة (التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا) على أرضية أن أي عمل تحالفي يتمثل بالاعتراف الديمقراطي بين الأطراف المكونة لتلك الهيئة ، وبالاختلافات الموجودة بينهم على الأصعدة السياسية والفكرية، وعلى هذا الأساس فقد انضوت تحت مظلة التحالف مجموعة من الأحزاب الكردية، اتفقت فيما بينها على برنامج سياسي يجسد الحقوق الوطنية والقومية لشعبنا الكردي في سوريا, وبرنامج تنظيمي مبني على التوافق والتداول والمساواة في الحقوق والواجبات بين الأطراف .
وينظم العلاقة فيما بينهم على مبدأ احترام الرأي والرأي الأخر, ويوفر آلية اتخاذ قراراته.
لذا فان حزبنا يرى أن العمل التحالفي بعيد عن المحاصصة وتوزيع الحصص حسب حجم التنظيمات المكونة له ، لان المحاصصة تعد إلغاء للسياسة ، وان السياسة الصحيحة هي التي تنطلق من الواقع التي تعني تحقيق علاقة صحيحة بين الواقع والفكر من جهة والممارسة العملية من جهة أخرى، أو بين النظرية و التطبيق، وتأسيساً عليه ، سيكون دفاعنا وإصرارنا وتمسكنا بالتحالف الذي يجمع القوى والأحزاب الكردية حول برنامج عمل يهدف في مضمونه الأساسي إلى توحيد الكلمة والفعل، وتشكيل فريق عمل مشترك، وتعميق الثقة المتبادلة، وإخراج العمل والنضال الكردي من أجواء المهاترات الضارة، إلى واقع تسوده العلاقات الأخوية والرفاقية والعمل الجماعي ، متخطيا الأنانيات الشخصية والحزبية الضيقة ، ومن ثم إخراج السياسة الكردية من المستوى الخطابي الشعاراتي إلى العمل الجماهيري المطلبي .
أن هذا التوجه لدى حزبنا نابع عن قناعته على مدى العمر النضالي له ، والذي استطاع التميز بين ما هو آني يسعى إلى تحقيق مكاسب وقتيه تصب في المصلحة الشخصية والحزبية الضيقة، على حساب تضحيات شعبنا الكردي، وبين الذي يجعل الشعب منطلقه الأساسي.
ووفاء لهذا التوجه التاريخي لحزبنا، نرى من واجبنا الدفاع عن سياسته التحالفية، وعن جديه ومشروعيه النضال المشترك، الذي يعني لنا، أن التحالف ضرورة وطنية وقومية، يأخذ بالاعتبار الوجود التاريخي للشعب الكردي وخصوصيته القومية ومشروعية نضاله العادل، وهو ليس ضرورة حزبية لأي حزب كان يجعله شماعة يعلق عليه إخفاقاته، كما انه الصيغة الأكثر عملية لواقع التشرذم والأزمات السياسية التي هي نتيجة التناقض بين التوجه النظري والممارسة العملية، كما أن التحالف هو ضرورة لتأسيس مفهوم رفاقي يربط أطراف الحركة الكردية من حيث التوجه والأهداف والفعالية وترسيخ آلية عمل منظمة تساهم في خلق خط جماهيري يدعمه ويسانده، كما انه يوسع مفهوم ومدارك القوى السياسية الكردية للديمقراطية والحوار الرفاقي ، فالديمقراطية السليمة لا تعني أبدا إلغاء الآخر بل تعني تعميق الحوار الحر الهادف والمتبادل للوصول إلى قواسم مشتركة وحلول منصفة لفض الخلافات التي تنشب بين أطراف التحالف، وليس بالأسلوب الانقلابي الذي يمارسه البعض كما يجري الآن في داخل التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا.
——-
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (403) أيار 2008