حكومة كوردستان والمخاض العسير

عيسى ميراني

  

انتهت الانتخابات البرلمانية في إقليم كوردستان  بفوز قائمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في أغلب مناطق الإقليم وهي نتيجة طبيعية لسياسة الحزب ومواقفه الداخلية والإقليمية التي أثبتت للكورد والعالم بأنه المدافع الحقيقي عن الثوابت القومية في الإقليم والأجزاء الكوردية الأخرى والتي كانت نتيجتها التكالب العدواني المزدوج (دولي – اقليمي – كوردي )على حكومة الإقليم والحزب وشخص الرئيس مسعود بارزاني إلا أن سياسة الرئيس وحنكته وصبره كانت كفيلة بإجهاض كل المشاريع المعادية لا سيّما التحديات الداخلية التي ترأستها قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة كوران 
لنتائج الانتخابات البرلمانية (البرلمان- الحكومة ) وبعد مخاض عسير كانت ولادة قيصرية لاتفاقية سياسية أخرى بديلة للاتفاقية الإستراتيجية القديمة مع قيادة الاتحاد الوطني الذين برعوا في نقض الاتفاقيات وكانوا حتى الأمس القريب سماسرة لبيع كركوك ومناطق أخرى تلبية لأحقادٍ عشعشت فيهم منذ زمن وتحقيقاً لرغبات مهندس سياسة ملالي طهران في المنطقة  (قاسم سليماني) ورسمت هذه الاتفاقية الأخيرة الكثير من التساؤلات لدى الشارع الكوردستاني ( كيف يتم الاتفاق مع جماعة ساهمت في سقوط كركوك و وصفوا بخونة كركوك حتى الامس القريب؟ ) هنا  لا بد ان يعرف الجميع بأن معلموا المدرسة البرزانية لاسيما شخص الرئيس لهم تجارب عديدة مع هذه الجماعة منذ عام 1966 لكنه كالبارزاني الأب يتصرف على الدوام بروح المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه شعبه ووطنه كونه المرجعية القومية للمشروع الكوردي  حيث كان أمام خيارين أولها:  السير في تشكيل حكومة اللون الواحد استنادا لنتائج الانتخابات وتهميش الاتحاد الوطني بحرمانهم من العملية السياسية والدخول في صراع مستدام يهلهل له الكثير من الكورد أولئك  الذين أصبحوا أدوات لتنفيذ مخططات الأعداء والتي قد تؤدي إلى ابعد من ذلك كالصراع المسلح والسير بالإقليم إلى الخراب والدمار لا سيّما لهم تجربة قديمة في الاقتتال الأخوي دامت سنوات وإن الاتحاد من خلال آلته الإعلامية استطاع كسب قاعدة شعبية في مناطقه اعتمادا على سياسة المناطقية واللهجوية ويملك قوة عسكرية تعمل وفق سياسة قادة  المال في مركز قيادة الاتحاد إضافة إلى ذلك تهميشهم من العملية السياسية قد يؤدي بهم إلى تنفيذ تهديداتهم بفصل مناطق نفوذهم من الإقليم والمطالبة بإنشاء إقليم خاص بهم وهو الوتر الذي يرقصون عليه دوما لاسيما عندما يطالبون ببعض المكاسب في قيادة الإقليم 
ثانياً:القيام ببعض التنازلات السياسية وكسبهم وان كان مؤقتاً لتثبيت أقدام الحكومة ريثما تأتي الفرصة ويقول الشعب كلمته (لا للفاسدين) علماً إن سياساتهم السلبية أدت إلى تراجع في شعبيتهم وفق نتائج الانتخابات البرلمانية  الأخيرة لكنها تبقى دون المستوى المأمول فان سياسة البارزاني في التعامل مع هذه العقلية لاسيما ضبط النفس والتعامل العقلاني مع الأحداث المحيطة  هي من الأساس لسحب البساط من  تحت أقدام ملالي طهران وسلاطين آل عثمان وأقزام لغة الضاد وإفشال سياساتهم الرباعية الرامية لزعزعة  الأمن والاستقرار في الإقليم وحماية تجربته الفتية من التفتت والانهيار 
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…