تقليص الوزراء والوزارات أم قادة الأحزاب ومقراتها

عبدالغني علي يحيى
   صدق محمد الدراجي وزير الأعمار العراقي السابق لما قال : (البرلمان عبارة عن خليط من السياسيين والقتلة ولا وجود للبرلمانيين 328 بل البرلمان يدار من قبل 9 أشخاص فقط). وقبل اطلاقه لتصريحه الجرىء هذا والذي شجعني على كتابة هذا المقال، ما تردد عن تقليص عدد الوزارات في العراق واقليم كردستان إلى 11 وزارة للأخير والذي لا يشك فيه اثنان ان الهدف من ورا، تقليص الوزارات يأتي بدوافع مالية واقتصادية عبر تخفيض المصاريف وغيرها من الأمور المتعلقة بها. ما يعني ان العلة في عدد الوزارات والوزراء، في حين انها تكمن اصلا في الأعداد الكبيرة لاعضاء القيادات العليا في الأحزاب المسماة باللجان المركزية أو المجالس القيادية..الخ من التسميات
أعود إلى الدراجي واقول: اذاكان (9) من البرلمانيين يتحكمون بالبرلمان العراقي والبقية منهم اشبه مايكونون بالادوات (لا يحلون ولا يربطون) وتتلخص مهتهم (برفع اليد وتنزيلها).
اضيف إلى ماذكره الدراجي، ففي رصدي للبرلمانيين الكرد من اعضاء التحالف الكردستاني والذي بلغ عددهم نحو (60) نائبا على وجه التقريب في كل دورة برلمانية، فان نحو7-8 منهم فقط كانوا يناقشون ويقترحون في جلسات البرلمان، او يتحدثون فيما يشبه بالنشاط اللاصفي المدرسي، الى وسائل الاعلام خارج البرلمان. وظلت هذه الظاهرة ملازمة للدورات البرلمانية كافة، ناهيكم من انه لم يسجل اي تحرك ميداني لاعضاء البرلمان و من جميع المكونات الاجتماعية كأن يزوروا ابناء الشعب في احيائهم وقراهم و محلات عملهم للوقوف على معاناتهم. ما جعلنا نقف على برلمان هزيل وفاشل ومزور مرده تدني ثقافة و شخصية البرلمانيين واسباب اخرى. ولنكن اكثر صراحه ان هذا الوضع المزري والميئوس منه كان ومايزال للوضع السي والميؤس منه في الأحزاب وعلى وجه الخصوص في اللجان القيادية العليا والمتوسطة والقاعدية، ففي الاحزاب العراقية نجد ظاهرة القلة المتحكمه بالاحزاب صارخة للغاية، فمن بين اكثر من (50) قياديا في اللجنة المركزية أو مجلس القيادة الحزب ما نرى قلة جد قليلة ترسم سياسة الحزب و تصيغ قراراتها أو تبرز في اللقاءات التلفزيونية والأذاعية والصحفية، وتكاد القلة المتحكمة بالاحزاب تتمثل بالمكاتب السياسية للأحزاب الذين يبدون وكأنهم طبقة ممتيزة داخل  الحزب. وكما ان معظم البرلمانيين ذوي ثقافات متدنية و جهلة، فان القول نفسه يسري على قيادي الاحزاب كذلك، اذ نادرا ما تجد بحثا او دراسة او تصريحا لافتا لهم في الاعلام بل ان بعضا منهم لايكلف نفسه حتى مشقة قراءة صحيفة حزبه المركزية ولو لم يكن معظم قادة احزابنا جهلة لما قبلوا بهذا الكم الهائل من الاعضاء مع فقدان النوعية بينهم، مع ما يترب على الظاهرة من تخصيص رواتب ومخصصات ضخمة لهم ومن أموال الشعب والدولة طبعا. علما ان بعضا من قادة الاحزاب أدركوا منذ زمن هذه الحقيقة المرة، فالرئيس مسعود البارزاني مثلا وعد باجتثاث الفاسدين ليس في حكومة الأقليم فحسب انما داخل حزبة ايضا، وقبل ايام نعت القيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول على، قياديين في حزبه بالتطفيليين ودعا إلى طردهم من الاتحاد، والحالة نفسها تجدها في الاحزاب العراقية الكبيرة دون استثناء. عليه والحالة هذه فان التفكير بتقليص عدد اعضاء اللجان المركزية في الاحزاب يجب ان يتقدم على التتفكير بتقليص عدد الوزراء والوزاؤات ونواب الوزرا اوقادة الدولة، والا فان عواقب وخيمة تنتظر خزينة الدولة العراقية والاقتصادية واذكر ان القانوني الكبير طارق حرب في معرض تناوله لرواتب اعضاء البرلمان كان قد نبه إلى ذلك قبل أعوام لقد فات حرب امر القادة الحزبيين وعبئهم المالي على خزينة الدولة اذ انهم يحالون على التقاعد بدرجة وزير أو مدير عام أو مستشارين على ملاك الدولة، فتصور العبء المالى الناجم عن احالة اعضاء البرلمان على التقاعد بعد كل دورة انتخابية وتصور ايضاً العبء نفسه لاحالة القادة الحزبيين على التقاعد بعد كل 4 سنوات أو مؤتمر. اضافة إلى ماذكرت فان مقرات الاحزاب الكبيرة داخل المدينة الواحدة أوالمحافظة الواحدة اضعاف مقرات الدوائر الخدمية للوزارات. لهذا يجب إزالة العلة في الاحزاب أولا ثم الوزارات والبرلمان، فالعلة انتقلت من الاحزاب إلى البرلمان والوزارات وفي مقال سابق لي قلت أن الحزب رأس الفساد كونه يعين الفاسدين من قادة الدولة واعضاء البرلمان. 
لن تستقيم العدالة وامور الحكومة ولن ينقذها تقليص عدد الوزراء والوزارات طالما ان قيادات الاحزاب تكون في منأى عن التفليص وكذلك المقرات الحزبية ان المرء لا يسعه إلا ان يتألم ويرثي لحال الشعب حين يتحكم به هذا الكم الهائل من الجهلة الحزبيين والحكوميين.
اوقفوا هذا الاستهتار بمقدرات الشعب.. اوقفوا المهازل الضاحكة على ذقون الشعب.. اوقفوا هدر المال العام..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين الفيدرالية لا تعني فقط اقامة نظام حكم إداري أو سياسي ، بل هي فلسفة ترتكز على مفهوم المشاركة الحقيقية في السلطة والموارد، بما يضمن العدالة والتوازن بين مختلف المكونات. ففي سوريا ، حيث يفرض التنوع القومي والديني والجغرافي تحديات عديدة ، تكون الفيدرالية حلاً واقعياً لبناء دولة وطنية حديثة ومستقرة، لا سيما في المناطق الكردية التي عانت تاريخياً…

نظام مير محمدي* شهدت إيران خلال عام 2024 تصعيدًا غير مسبوق في الإعدامات، حيث تجاوز العدد الإجمالي أكثر من ألف حالة إعدام، وهو أعلى معدل منذ أكثر من ثلاثة عقود. هذا الارتفاع الكبير يُظهر بوضوح استراتيجية النظام الإيراني لقمع أي بوادر معارضة داخلية، خاصة في ظل الأزمات الإقليمية والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي تواجهه. الإعدامات كوسيلة للقمع…

حاوره: عمر كوجري الترجمة عن الكوردية: إدريس حسو قال مصطفى أوزجليك سكرتير حزب الوطنيين الكوُردستاني في حوار خاص مع صحيفتنا «كوردستان» إن حزبهم هوحزبٌ قوميٌّ ديمقراطيٌ، مرخّصٌ وعلنيٌ، لا يعرف نفسه بشخص، مجموعة، طبقة، دين أو طائفة، هو حزب من أجل الحقوق القومية، الديمقراطية، والثقافية للشعب الكوردي وجميع المكوّنات العرقية والدينية في كوردستان، ومن أجل حقوق الكورد في المدن التركية،…

طفا على السطح في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت خطاب التحريض والحض على العنف والكراهية تجاه الشعب الكردي في سوريا بحجج ومبررات واهية وغير حقيقية من قبيل رفض مبدأ النظام الفدرالي تارة ومحاربة قوات قسد واتهامها بإبادة المكون العربي تارة أخرى. ففي حين ان الرئيس التركي حرض بشكل صريح على إبادة الكور ودفنهم مع سلاحهم وإن كان كلامه موجه إلى قوات…