المقاومة الإيرانية تحتفي باليوم العالمي لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي وتدعو لمحاسبة النظام

 

نظام مير محمدي *

 

شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين.

في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون، النائب السابق في البرلمان الأوروبي عن المملكة المتحدة، ألقت السيدة رجوي خطاباً مهماً شددت فيه على جوهر هذه المناسبة:

“اليوم يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان. إنه يوم الشعوب التي لم تعد تقبل أن يحدد مصيرها التعذيب والشنق والقمع والرقابة. إنها الشعوب التي تسعى أكثر من أي شيء آخر من أجل كرامتها الإنسانية… في إيران، يشنق الملالي حقوق الإنسان كل يوم. ملف جرائمهم البشعة لا يحتاج إلى مراجعة سنوية؛ هذا الملف المأساوي مفتوح في جميع أيام السنة وفي جميع ساعات اليوم. في شهر نوفمبر/تشرين الثاني وحده، تم إعدام 335 سجيناً. ويصل عدد الاعتقالات سنوياً إلى حوالي مليوني شخص؛ فالملالي لا يتوانون حتى عن تدمير قبور السجناء السياسيين الذين قتلوا في ثمانينات القرن الماضي. نحن انتفضنا من أجل حقوق الإنسان، ومن أجل الحرية والديمقراطية. من أجل سيادة الشعب في جمهورية تقوم على انتخابات حرة وتعددية؛ جمهورية تتضمن حرية التعبير، وحرية الأحزاب، وحرية التجمع، وحرية الصحافة والمجال الافتراضي. جمهورية تقوم على مبدأ فصل الدين عن الدولة وتضمن فيها الحريات والحقوق الفردية والاجتماعية وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.”

 

مطالب بقلب النظام ووقف التطبيع

تولى إدارة الجلسة الثانية السيد ستروآن ستيفنسون، الذي كان سابقاً عضواً في البرلمان الأوروبي من المملكة المتحدة، وقد أبرز في كلمته الافتتاحية ضرورة اتخاذ موقف حازم ضد النظام الإيراني، قائلاً:

“إن المجتمع الدولي، والاتحاد الأوروبي تحديداً، مدعو لإنهاء سياسة استرضاء الملالي ووقف التطبيع الفوري مع طهران. إن ما يجري من انتهاكات مروعة داخل إيران، خاصة عمليات الإعدام المتزايدة والممنهجة، لا يمكن أن يُقابل بالصمت. يجب دعم المقاومة الإيرانية التي تمثل الأمل الوحيد للشعب في التحرر من الفاشية الدينية. إن الحل يكمن في إرساء الحرية والديمقراطية عبر الإطاحة بنظام ولاية الفقيه، وليس في تقديم التنازلات لنظام إجرامي.”

 

تأكيد المتحدثين الأوروبيين على دعم المقاومة الإيرانية

شدد العديد من المسؤولين الأوروبيين والمحامين الدوليين على ضرورة دعم المقاومة ومكافحة نظام طهران:

  • أنطونيو لوبيز-إيستوريز وايت، عضو البرلمان الأوروبي، أكد أن الحل الوحيد لتحقيق السلام هو وجود “إيران خاصة، متحررة من نظام الملالي”.  وشدد على رفض استمرار التعاون مع طهران ما لم يكن هناك تقدم حقيقي في حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن البرلمان الأوروبي سيبقى حازماً في إدانة القمع وحماية المعارضين.
  • خوان فرناندو لوبيز أغيلار، وزير العدل الإسباني السابق وعضو البرلمان الأوروبي، أكد أن حقوق الإنسان هي الأولوية رقم واحد للدبلوماسية الأوروبية، مشيراً إلى أن نظام طهران يمارس انتهاكات “غير مقبولة على الإطلاق” تبدأ من الحق في الحياة.
  • دومينيك آتياس، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة المحامين الأوروبيين، شددت على مسؤولية البرلمان الأوروبي في دعم الشعب الإيراني، مؤكدة: “لا شيء سيوقف هذا الشعب… نحن ندين بأعيننا إلى كل أولئك الذين قتلوا في مذبحة 1988. هذا القمع لا يظهر قوة النظام بل ضعفه السياسي المطلق.”
  • كومي نادو، الأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية، قدم خطة من ست نقاط إلى الاتحاد الأوروبي، تدعو في جوهرها إلى تعليق فوري للإعدامات وربط أي التزام دبلوماسي بـ “تقدم حقيقي في مجال حقوق الإنسان، لا مجرد وعود”.  كما دعا إلى استخدام “تكتيك فرّق تسد” ضد النظام، مشدداً على أن “القمع ليس علامة قوة بل علامة ضعف سياسي.”
  • مارك إليس، المدير التنفيذي لجمعية المحامين الدولية، أدان استخدام عقوبة الإعدام “كأداة للقمع السياسي”، ووصف الأوضاع بأنها “قتل ترعاه الدولة على نطاق صناعي”، مؤكداً أن هدف النظام هو “القضاء على المعارضين وإلغاء المساءلة وترهيب المجتمع”.

 

شهادات إيرانية عن المقاومة والتضحية

قدم متحدثون إيرانيون شهادات مؤثرة عن التضحية المستمرة من أجل الحرية، مؤكدين أن المقاومة هي الطريق الوحيد لإحداث التغيير:

  • دكتور سينا دشتی، الذي أمضى معظم حياته في السويد كطبيب، تحدث نيابة عن جيله، مؤكداً أن الآباء والأمهات الإيرانيين يفتخرون بأبنائهم الذين يدعمون مجاهدي خلق كـ “الأمل والأداة الوحيدة للشعب الإيراني لتحقيق الحرية”. وشدد على أن أمل الشعب يكمن في الرؤية التي قدمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في الخطة ذات النقاط العشر للسيدة مريم رجوي.
  • آزاده ضابطی، المحامية الدولية لحقوق الإنسان، أكدت أن عمليات الإعدام الأخيرة ليست “إجراءات قضائية”، بل هي “عمليات قتل سياسي” تتم بغطاء نظام قانوني مزيف. وأشارت إلى أن 18 سجيناً سياسياً، من بينهم السيدة زهرا طبري البالغة من العمر 67 عاماً والمحكومة بالإعدام في محاكمة صورية استغرقت 10 دقائق، يواجهون خطراً وشيكاً، وشددت على أن هذا القمع هو امتداد لذات الوحشية التي أدت إلى إعدام 30 ألف سجين سياسي في صيف 1988، غالبيتهم العظمى من منظمة مجاهدي خلق.

 

خلاصة وتوصيات

أكدت المؤتمرات على أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان في ظل النظام الحالي هو يوم لمزيد من المأساة والإعدامات. وقد خلصت المداخلات إلى أن النظام الإيراني يواصل ممارساته الإجرامية خوفاً من السقوط، وأن التحدي الذي يواجه أوروبا والمجتمع الدولي هو ضمان المساءلة بدلاً من الإفلات من العقاب. ودعا المتحدثون إلى:

  • وقف فوري لجميع الإعدامات.
  • إطلاق سراح السجناء السياسيين وعلى رأسهم السيدة زهرا طبري.
  • إدراج قادة النظام والمسؤولين عن الإعدامات، مثل “إيمان أفشاري”، في القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي.
  • دعم المقاومة الإيرانية والمطالبة بإقامة العدل، مؤكدين أن العدالة ستسود في نهاية المطاف.

* كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…

حوران حم لم يعد الحديث عن ضياع البوصلة لدى الشعب الكردي في كردستان سوريا رفاهية سياسية أو اجترارًا لخطابات اليأس، بل أصبح توصيفًا دقيقًا لمرحلة يعيشها الكرد منذ سنوات، مرحلة تقف بين هويّة ممزقة وأحزاب متشظية، بين أحلام شعب لا يتزحزح عن ثوابته، وواقع سياسي يزداد تعقيدًا كل يوم. ففي هذه الرقعة الجغرافية التي…