في مواجهة الأقلام المتسكعة خلف الأسماء المستعارة كفى عبثًا بالقضية الكوردية

د. محمود عباس

 

لا يزال بعض الكتّاب العنصريين، ولا سيما أولئك الذين يختبئون خلف أسماء مستعارة، يتسكّعون في فضاءات بعض المواقع العربية، لا ليُغنوا النقاش ولا ليُثروا الحوار، بل ليُفسدوه بسموم مأجورة، تعيد إنتاج خطابٍ مريض يستهدف الكورد، هويتهم، وقضيتهم، بلهجةٍ مشبعة بروح بعثية أو طورانية حينًا، وبخطابٍ ديني شوفيني متكلّس حينًا آخر.

هؤلاء لا يهاجمون فكرًا ولا يناقشون حُجّة، بل ينقضّون على أي صوتٍ كوردي بعقلانية مبتورة، وردود تُعيد إنتاج أكثر ما أنتجته الأنظمة الشمولية انحطاطًا، الاتهام، التخوين، ونفي الآخر. أدواتهم ليست أقلامًا، بل نُسخ ممسوخة من خطابات الأنظمة المحتلة لكوردستان وأحزابها العنصرية، يكرّرونها بلا وعي، كأنهم مكلفون بوظيفة لا يدركون معناها.

ومن المثير للشفقة أن هذه “الردود” تظهر حصريًا تحت مقالات الكُتّاب الكورد، أو من يكتب بإنصاف عنهم، وكأن هناك من أوكِل إليه، رسميًا أو بشكل غير مباشر، مهمة تشويه كل ما له علاقة بالحراك الكوردي، أو إسقاط كل رأي يعارض الرواية الرسمية للأنظمة التي تقتات على نفي الكورد وتهميشهم.

لكن ما لا يدركه هؤلاء، هو أن الزمن تغيّر.

الشعب الكوردي لم يعد تفصيله مهملة على هامش خرائط الشرق، بل بات اليوم محورًا من محاور التحولات الكبرى في الشرق الأوسط، ديمغرافيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، وثقافيًا.

بتعداده الذي يتجاوز السبعين مليونًا، وبتوزّعه الجغرافي في قلب المعادلات الإقليمية، وبقواه السياسية والعسكرية التي باتت شريكًا فاعلًا في التحولات الكبرى، لم يعد الكورد يُعرّفون من خلال ما يُقال عنهم، بل من خلال ما يصنعونه.

ومن هنا نقول:

من حق الشعب الكوردي أن يتحالف مع من يشاركه المصلحة والاحترام المتبادل، سواء كان ذلك مع الدول الكبرى إذا كان ممكنا، أو مع اليهود- إسرائيل، أو مع الشعوب العربية، أو مع الأرمن، أو حتى مع الترك والفرس، أو مع أي طرف يرى في الكورد شريكًا لا تابعًا، فالعلاقات تُبنى على الوعي بالذات، لا على وصايا التاريخ المشوّه.

أما أولئك الذين يُعيدون ترديد تهم الانفصال، أو يلوّحون باتهامات العمالة، أو يظنون أن بإمكانهم تحريك وعي الناس بمفردات التخوين البالية، فنقول لهم:

لقد تجاوزكم الزمن، وما تفعلونه اليوم لا يزيدكم إلا عزلة، ويزيد الكورد ثباتًا وشرعية في الدفاع عن وجودهم وقضيتهم.

إن محاولات التشويش على نضال الكورد، ومحاولات التشكيك في تحالفاتهم، لن تنال من مكانتهم، لأن من يدافع عن حقوقه لا يحتاج إلى تبريرٍ لأحد، ومن يدفع دمًا في سبيل كرامته، لا تهمّه نباحات المتسكعين خلف لوحات التعليق.

القضية الكوردية اليوم ليست في حاجة إلى تبرير، بل هي في مرحلة البناء، ومن لا يرى ذلك، فليدع التاريخ يجيب عنه.

أما أنتم، يا مَن تُسخّرون أنفسكم لتكونوا أدوات رخيصة في خدمة أنظمة تلفظ أنفاسها، فاعلموا أنكم لا تسيئون للكورد، بل تسيئون لأنفسكم، وتضعون أسماءكم، إن كانت لكم أسماء، على قوائم العار الأخلاقي والمعرفي.

نحن هنا…

لن نردّ عليكم بشتيمة، بل نردّكم إلى مزابل التاريخ، التي وُلد منها خطابكم،

وسنبقى نكتب، لا لنقنعكم، بل لنُحرّك وعيًا آخر، لا يزال حيًّا.

 

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

 7 نيسان 2025م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود   لطالما كانت الحرية، بمختلف تجلياتها، مطلبًا أساسيًا للشعوب، لكنّها في الوقت ذاته تظل مفهومًا إشكاليًا يحمل في طياته تحديات كبرى. ففي العصر الحديث، مع تطور وسائل الاتصال وانتشار الفضاء الرقمي، اكتسبت حرية التعبير زخمًا غير مسبوق، مما أعاد طرح التساؤلات حول مدى حدود هذه الحرية وضرورة تنظيمها لضمان عدم تحولها إلى فوضى. وفي العالم العربي، حيث تتفاوت…

إبراهيم محمود   بداية، أشكر باحثنا الكردي الدكتور محمود عباس، في تعليقه الشفاف والمتبصر” في مقاله ( عن حلقة إبراهيم محمود، حوار مهم يستحق المتابعة ” 11 نيسان 2025 “. موقع ولاتي مه، وفي نهاية المقال، رابط للحوار المتلفز)، على حواري مع كاتبنا الكردي جان دوست، على قناة ” شمس ” الكردية، باللغة العربية، في هولير، ومع الشكر هذا، أعتذر…

المحامي عبدالرحمن نجار   إن المؤتمر المزمع عقده في ١٨ نيسان في الجزيرة هو مؤتمر الأحزاب التي معظم قياداتها كانت تتهرب من ثوابت حق شعبنا الكوردي وفق القانون الدولي. وكانت برامجها دونية لاترقى إلى مصاف ومرتبة شعبنا الكوردي كشعب أصلي يعيش على أرضه التاريخية، وتحكم حقوقه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وتتجلى في حق تقرير المصير!. وحيث أن…

قهرمان مرعان آغا يحصل لغط كثير و تباين واضح ، مقصود أو جهل بإطلاق المصطلحات القانونية والسياسية، فيما يتعلق بالشعب الكوردي و حقوقه القومية و وطنه كوردستان ، تحديداً في كوردستان الغربية/ سوريا . هناك حقيقة جغرافية طبيعية و بشرية و حدود سياسية بأمر واقع في كوردستان ، الوطن المُجزء و المُقسَّم بين الدول الأربع ، تركيا ، ايران ،…