الموتُ برداً و جوعاً

عبداللطيف الحسيني

لأنّي عانيتُ كالمِئات من هذه الحمّى: حمى الضياع بينَ الحدود يجلدُنا الجوعُ في النهار، والبردُ والجوعُ في الليل، خصوصاً حينَ تنخفضُ درجاتُ الحرارة إلى أدنى مستوياتها “تجمّد الماء فوقَ الكفّ”. جرّبتُ كيفَ يصفعُ الثلجُ وجوهَنا في المثلّث القبيح شكلاً و مضموناً “حدود تركيا وبلغاريا و اليونان”، ومازال ذاك الثلجُ يعصف بروحي.
ماذا أستفيدُ من مقال بعدّة أسطر حولَ معاناة اللاجئين العالقين بينَ حدود بيلاروسيا وبولندا؟ الجوابُ لا شيء… بل أستفيدُ كلَّ شيء…. أعزّ ما أملك “راحة الضمير”. يستحيلُ أن أديرَ ظهري لآلام الناس، غرباءَ كانوا أو أقرباء. جّدّي ماركس لقّنني هذه التعاليم التي تحملُ عذابات الناس.
تواصلتُ مع عدّه جهات هنا في ألمانيا لنصرخ في وجه دول الاتحاد الأوربي ومنظمات حقوق الإنسان من خلال الاعتصامات والاحتجاجات  لوضع حدّ مريح لهؤلاء اللاجئين، وبينهم نساء و شيوخ وأطفال.
وَإنما أوْلاَدُنَا بَيْنَنا * * * أكْبَادُنَا تَمْشِي عَلى الأرْضِ.
لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلى بَعْضِهِمْ * * * لامْتَنَعَتْ عَيْني مِنَ الْغَمضِ.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ريزان شيخموس في الثامن من ديسمبر، سقط النظام الأسدي بعد عقود من القمع والاستبداد، وساد الفرح أرجاء سوريا من أقصاها إلى أقصاها. خرج الناس إلى الشوارع يهتفون للحرية، يلوّحون بأعلام الثورة، وتغمرهم مشاعر النصر والكرامة. لقد ظنّ السوريون أنهم طووا صفحة قاتمة من تاريخهم، وأن الطريق بات سالكاً نحو دولة مدنية ديمقراطية تحتضن كل أبنائها دون إقصاء أو تهميش….

د. محمود عباس   عزيزي إبراهيم محمود، قرأت كلمتك التي جاءت إضاءةً على مقالتي، فلم تكن مجرد “ردّ”، بل كانت استئنافًا لحوارٍ أعمق، طالما تهرّبت منه الساحة الثقافية الكوردية، أو تم اختزاله في شعارات مستهلكة، لم أتفاجأ بجرأتك في تسمية الأشياء، ولا بذلك الشجن الفكري الذي يسكن سطورك، فأنت كتبت كمن يعرف أن لا أحد سينقذ هذا الجسد الكوردي من…

بوتان زيباري   في مسرح الشرق الأوسط، حيث تتبارى الإمبراطوريات القديمة والحديثة في نسج خيوط مصائر الشعوب، تبرز سوريا كقماشةٍ ملوّنة بدماء التاريخ وأحلام الثوار، تُحاك عليها سرديات القوة ببراعة الفيلسوف ودهاء المحارب. ها هي أنقرة، وريثة العثمانيين، تُعيد تمثيل مسرحية “الفوضى الخلّاقة” بأدواتٍ أكثر تعقيدًا، حيث تتحول الجغرافيا إلى رقعة شطرنجٍ وجودية، والسياسة إلى فنٍّ مركبٍ لإدارة الأزمات عبر…

سمعنا عن الأحداث من الراديو، وبعدها حاولت الاتصال مع أخي دجوار، الذي كان متواجداً في ملعب قامشلو البلديّ، لكن ردّ عليّ شخصٌ آخر وهو الصديق حسن، قال: إنّ دجوار ترك هاتفه معي..!، وبعدها علمنا أنّ هناك شهداء، حاولتُ الاتصال بالكثيرين وأخيراً اتّصل دجوار من قامشلو. الساعة الرابعة أتى جوان خالد إلى منزلي، وقال: شعبنا يُقتل.. علينا أنْ نفعل شيئاً، ولا…