فانتازيا رقصة زوربا كُردياً

وليد حاج عبدالقادر / دبي
لعلّها من أهمّ ثوابت القلم الجاد هو الالتزام الصريح بقضايا الشعب ،وذلك في مفهومٍ صريح لبقعةٍ من الأرض ولشعبٍ معنيٍّ محدّد وإن لم يكن مختاراً ، وعلى هذا القلم أن يتجذّر في بنية المجتمع ويرسم عصارة تمازج الوطن – الشعب ﻻبمخيال ، أو ماوراء أيديولوجيا فانتازية بقدر ما يفترض عليه التحلّي بالواقعية !! فما الفرق بين مَن يصفّق بيديه أو قلمه لأمرٍ ما ! ﻻبل إنّ صدى التصفيق ينتهي بتوقّف حركة اليد المصفّقة ، في حين أنّ أثر القلم يبقى ولربّما الى ما ﻻ نهاية ، وهي هنا أشبه في حالتنا الكُردية بفشّة الخلق داخلياً والذي لن يدفع الموتّر بينياً سوى الى الذوبان تدريجياً !! وتدفع بكلّ القضايا إلى نوعٍ من التسويقية ، والتي يُفترض فيها أنها ليست بعرض عضلاتٍ أو خدماتٍ ينثرها بعضهم هنا وهناك بقدر ماهي أشبه بالحرير الطبيعي حيث مصدره دودتها، وهي تنمو وتنسج خيوطها في شرنقتها، وإن أخرجتها لثوانٍ من بيئتها فهي مثل السمكة ستموت إن أُخرِجت من مائها، وبعيداً عن التنظير وفي عودةٍ إلى الحالة الكُردية في سوريا ، وبدل اللطم وتوزيع التهم، هلا وقفنا وتأمّلنا صنيع ممارساتنا ؟! .
إنّ الاستماتة في تقليد ممارسات نظم الاستبداد التي في اللحظات الحاسمة أول مَن تطيح بهم هي خلّانها ، وأظن ممارسي نزعة الاستبداد المتطبّعة قد مارسوها في عفرين ! .
إنّ مفهومية التضخّم الذاتوي تتمركز دائماً في سايكولوجية ذلك الفرد الذي لديه شكوك شخصية بالذات أو التصوّرات والقناعات التي يطوبها كإرثٍ تقديسي لا يمكن بالمطلق أن تكون غير صحيحة ، ولما ينتابه هو بالذات التشكّك فيها فيحاربها بذاته وبتلك المفهومية الذاتية المتضخّمة ! فكم هو بائسٌ مَن يصرُّ على أنه هو ولوحده يحتكر الحقيقة المطلقة و لذاته !!
إنّ ذاكرة المؤدلجين ومستوردي العقائد وعلى قاعدتهم الأساس في حرق المراحل وبتر النفي لبناء نفيٍ جديد ، يتناسون كم من عقائدٍ استُولِدت ،ولكنها بالمطلق ما استطاعت المسّ أو زحزحة الإيمان الأساس ! تاريخ الشعوب كلّها ينطق بصريح العبارة أنه لا حياة في النضال الّا لقضايا الشعوب ، وإنجاز مرحلة تحرّرها القومي وبعدها قد يكون هناك متّسعٌ للترف الأيديولوجي والعقائدي ، وعليه أ وليس من حقّنا الآن أن نتساءل ونفهم :
لماذا يتمّ الترويج العقائدي كبديلٍ لابل ونفيٍ للمشروع القومي ؟ . وعلى قاعدة ذلك النفي ، استسهال كلّ الدوائر التي تمرّر بعضاً من بصيص نورٍ ، على هدي تصريحات رئيسة الهيئة التنفيذية ل م س د إلهام أحمد : مستعدون للتفاوض مع أيّ طرفٍ في سبيل حماية المنطقة وأهلها من النهب والسلب والتهجير شريطة التوصّل إلى اتفاقٍ على إقامة نظامٍ ديمقراطي لامركزي في سوريا المستقبل، يضمن احترام كافة الثقافات والمساواة بين جميع المكوّنات، وضمان حرية التعبير والحقوق السياسية ، والمباحثات مع دمشق لا تزال مستمرةً . أمّا رفيقتها حنيفة حسين فقد وصفت في مقالةٍ لها بـعنوان “نهضة الشرق الأوسط ( إنّ الإدارة الذاتية هي نموذجٌ للنهضة الفكرية في الشرق الأوسط ضد نظام الدولة القومية المتداعي في العالم ، وجاء في المقال أيضاً “تمّ الإعلان عن هذه الإدارة في وقتٍ وصلت فيه الثورة السورية إلى مستوىً معين، وانتشر النزاع المسلّح في سائر أرجاء الوطن، وبدأ الحديث والتحضير لعقد لقاءات جنيف، حيث ادّعت بعض الأطراف أنها صاحبة الكلمة في تحديد مصير ومستقبل سوريا. كما كانت بعض الأطراف الكُردية الجارية وراء السلطة تشارك المعارضة في لقاءات جنيف مع النظام السوري .
في تلك الفترة وجد أيضاً الأصحاب الحقيقيين للثورة، الذين أخرجوا النظام من مدنهم، وخاضوا نضالاً دؤوباً على الصعد الاجتماعية والسياسية والثقافية في مناطقهم، والتزموا النهج الثالث ولكن تمّ إقصاء أصحاب الثورة الحقيقيين من مساعي تحديد مصير سوريا.
في تلك الأثناء وبطليعة نضال حرية كُردستان ظهر مشروعٌ جديد، وبناءً على أسس الأمة الديمقراطية والعيش المشترك وأخوة الشعوب أعلنت شعوب المنطقة الإدارة الذاتية الديمقراطية. مثل تلك الخطوة كانت بالتأكيد تحتاج إلى الكثير من الجرأة والعزم. ) مثل هكذا عبارات وسفسطات شبه ديماغوجية هي التي دائماً تخلق لدي ذات السؤال : تغييب تاريخ وإرث الكُرد منهجياً ، ولعن كلّ الثورات الكُردستانية مسلكياً ولكننة حتى اللغة تركياً /عربياً / فارسياً ماذا خدمت ؟
وإلى أين صارت فينا وفي كلّ أجزائنا حسب مانزعم ؟.
إنّ حرية الإنسان وحقّه في التعبير عن قناعاته كفردٍ وتراكمها لتتحوّل الى صيغةٍ جمعية / مجتمعية هي الركيزة الأساس في خلق وعيٍ مقاوم لا مهوبر
في نطاقية تفاهمات تابعية التابعين ، ومع أنّ هناك هامشاً ضيّقاً جداً قد يستطيع التابع أن يناور فيها، ويسعى ليتملّص ولكن وكموتورٍ تجذبه أبداً أنغام المرياعية .
وفي عودةٍ ثانية إلى واقعنا الكُردي في سوريا ، ووسط هيجان الطروحات المخيالية وقابلية الجهة المتحكّمة وكعجينةٍ في التشكّل والتأقلم ! لم تأتِ عروض التفاوض مع النظام بشكلٍ منفرد من فراغ ، لابل وهناك أكثر من مؤشّرٍ بأنّ الشعرة عمرها ما انقطعت مطلقاً معها ، وما يثيره بعض أزلام النظام عن ممارسات سلطة الأمر الواقع تثبت ما أشرنا عليها مراراً بأنّ البديل المقترح للنظام في كلّ المناطق التي انسحبت منها كانت مرهونةً بحديدية الضبط، لتبقى ورقتها الأهدأ حسب ما خطّطوا لها ولازالوا يتصوّرونها ؟! .
والسؤال هنا : إلى متى ستظلّ التنازلات الممهورة بالدم تُبذَل فقط لتسويقيةٍ هناك وتغليفها لتسويقيةٍ أخرى هنا والانقياد بالناس من زخام فشلٍ الى آخر ؟
هلا استدللتموننا على فعلٍ قوميٍ وذي بُعدٍ قومي في كلّ المشاريع التي تطرحونها ؟
إنّ كان الجواب سينحصر في كتيبات بالحروف الكُردية فقد بصمناها بدوراتنا السرية وفي عز دين استبداد البعث وأبعدناها عن أية عقيدةٍ حاكت قاعدة – صدام زيرا – اوليس من حقّنا هنا التساؤل !! ..
وبالتأكيد فإنّ بعضاً من أصدقائهم المزعومين باتوا مثلنا على قناعةٍ تامةٍ بأنّ هناك دوائر مخطوطةً بالأحمر ومرسومةً ومحوطةً بحلقاتٍ من الشمع الأحمر مختومةً بحبرٍ سري وللأسف شفراتها موزّعة بين دولٍ عدة ! .
إنّ كثيراً من الشعوب والقوميات ومعها الأمم المتشكّلة تحت يافطات متعدّدة أحرقتها نيران السعي لتحقيق طوباويات بزعم أنها ستجلب لمجتمعاتها / كانت / الفردوس المقترَح ..
هرمت الشعوب والطوباويات اهترأت، وبعضهم بدلَ أن يتّعظ أو أقلّه يستفيد من تلك التجارب دروساً وبها يتّعظ !! صار يقلّد نماذج قاتلة .. سؤالٌ بسيط جداً : هل هدفنا جميعاً هو قضية شعبنا وإنسانه وحريته؟ !! .. ليسأل كلّ واحدٍ منا : أين هو من هذا ؟
وهو في الصباح والمساء لطوطمه يردّد الله حيّ .. زيد وبارك .. الله حيّ !! .. وعليه مَن قال بأنّ الهمّ الكُردستاني هو ليس كلٌّ ويتجزّأ ؟! .. لربّما تخضع عند ذي البعد الكُردستاني أمور إجرائية تجعله يضع تلك الأمور كلها على المحك، وبالتالي يُصاب بذهولٍ عميق وذلكم الانفصام عن الكُردستانية من جهةٍ وبالتالي شعبها / وأقصد بهم الكُردستانيين مجدّداً / .. فهل نحن فعلاً سعينا لفضّ الخطوط الحمراء الموسومة بها خرائط دول الاغتصاب وبالتالي نعتبرها للمشروع القومي / مسخّرة / ونؤشكل لتقياتٍ ديدنها الاستبداد المقلّد !! ..
لو جارينا مستبديننا والذين هم من بني جلدتنا، فهي إذن القاعدة سحق الديمقراطية وحقّ الإنسان ونمطية كما آلية التفكير وجعلها كلها تحت بوطٍ عسكري وباسم الديمقراطية !! ..
مَن ينكر هذا أو يرفض هذا الأمر ؟!! .. لاحظوا ممارساتهم بحقّ أيّ فعلٍ سلمي مدني مهما كانت صغيرة أو غير مجدية … بدل نصح الآخرين وبالرغم من أنّ نصيحتهم في محلّها !! ليتهم / عملياً / جعلونا نتلمّس فعلاً ديمقراطياً لهم !! حينها قد أو لعلّ ولربّما يكون الفعل الإنساني والكيان الإنساني هو الهدف . وعليه أفليس من حقّنا التساؤل عن مغزى الكلام الذي نُسُب ل ق س د بأنها ستدافع عن كلّ شبرٍ من المناطق التي تحت سيطرتها وأيّ عدوانٍ على عفرين فإنّ الشعب الكُردي سيتصدّى لها ، هذه التصريحات المتوافقة مع ما قيل على لسان البنتاغون في نفي دعمهم لأية / منظمات إرهابية / في عفرين شمالي سوريا وإنّ بلادها ليست جزءاً من أية عمليةٍ هناك ؟ المسألة والتذكير ليست للشماتة ! بقدر ماهي دعوة في العودة إلى كُرديتنا والانطلاقة منها وطنياً سورياً وعلى أرضيةٍ تشاركية ( المصدر تصريحات لقادة من ق سد أبان احتلال عفرين وذلك لوكالات أنباء .. نشرات أخبار سكاي نيوز عربية وغيرها /
إنّ الهروب من الممارسات الخاطئة ذاتياً، والارتماء في أحضان نظرية المؤامرة هو هروب مزدوج من الحقيقة وبحث تخديري تام للأصحاب والرفاق !! … وبالمقابل كم هو مخزٍ أن يفرح الآخر عن ما أصاب الآخر ، هذه الظاهرة التي تكاد أن تتميّز بها الخاصية الكُردية ، وبالأخصّ عندما تبدو ملامح مرحلة وبآفاقٍ منفتحة وجديدة لحلولٍ مزمنة نرى بروز وانكشاف تلكم الحركات التي تستهدف نسفها !! … سؤالٌ واضح وصريح : لماذا هذه العنجهية في التعامل على فرض الذات العقائدية وكجبرٍ الهي ؟! …
مَن يعمل عقائدياً على حساب قضية شعبه فمن المحتّم أنه سيجعلها من قضيته القومية فقط مسنداً ومتكئاً يبني عليها وعلى حسابها عقائده .
إنّ ما يغيظ كائنٌ مَن كان هو حالة الاستخفاف والتعويم التي قد يمارسها واحدٌ منا تجاهه فنستهبله ونحطّ من قيم مداركه، لابل ونريد استدراجه كواحدٍ من القطيع في لا أدريةٍ يسير بها و … لحظة إحساسه بالفشل أو دنو الفشل منه نهرع لنبسط له اسفنجة مبرّراتنا، نصوغ وننسج عليها جذور المؤامرات التي استهدفتنا !! .. وابسطها هي حكايا أنهم الجهلة والخونة ووو أتمنّى في كلّ لحظةٍ وأمام كلّ كلمةٍ يخطّها أيٌّ كان لو تأمّلها و … ليتّهم تلامذة علي مخلوف ضابط النظام الأمني السوري الأقذر ! يعرفون قدر براعتهم في تقليده و أنهم في خلق الكراهية قد سبقوه كثيراً جداً …
فعلاً هي بالضبط مثلما قالها صيّاد الحجل الحكيم وراسمها : .. كم نحن بحاجةٍ ماسة إلى أطباء نفسانيين يعلّموننا أسلوب النطق و … التخاطب كما التناقش … أهكذا تُفتتح مراكز العلاج كما نتصوّرها في الخيال .
وسأختتم هنا بمقولةٍ لحكيم المجانين ولصيق تراب بوطان بجبالها وسهولها / مامي آطاش العينديوري / في سرده لبعضٍ من حكمه ومعاناته ومشاهداته أنه : النمر وإن كان مربوطاً بأقدامه وعيونه مسدودتان بقطعة / كولاف / قماش سميكة وفمه مغلق بكمامة جلدية وقوائمه معلّقة بغصن شجرةٍ كبيرة و … أتباعٌ يحملونه !! .. نعم !! مع كلّ هذا فهم جميعاً مرعوبون جداً منه …. وليستخلص / مامي آطاش / عبرته فيقول : الزعيق والشتم والنفخ في الكور وتضخيم النفس هي كلّها متلازمة لتماسك النفس و … طرائق يعرف ممارسها قبل الآخرين بأنه إنما يسند ذاته المتهاوية …

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…