الدول الغاصبة لكوردستان ورحلة استهدافها للقضية الكوردية

نوري بريمو
ليس من قبيل توتير وتأجيج الصراع الجاري ضد القضية الكوردية العادلة والعالقة في ذات الوقت، ولا بقصد تأزيم علاقات أية دولة جارة مع إقليم كوردستان الذي يشق طريقه بشقّ الأنفس نحو تثبيت الفدرالية ويواجه أوضاعاً خانقة وممجوجة بالمشاكل المخيّمة على الساحات “الكوردستانية والعراقية والشرق أوسطية والدولية”، وإنما من باب التعريف بحيثيات مسيرة تهرُّب الدول الغاصبة لكوردستان من حتمية القبول بالحلول السلمية للقضية الكوردية، ومن قبيل المكاشفة بماهية التهديدات والأدوار الإستخباراتية والصفقات التي تبرمها تلك الدول فيما بينها كلما ضاق الذرع الخارجي بإحداهنَّ أو كلما إعترضتها مشاكل داخلية أو كلما دق الكوز بالجرّة كما يُقال، 
حيث تجتمع حكوماتها وأجهزتها الأمنية سراً وعلنا وتتوافق فيما بينها بين الحين والآخر لابل تتشاور وتتآمر وتبحث عن كيفية تصدير أزماتها عبر إطلاق بالونات حرارية من شأنها أن تبث سموم النزاعات القومية والطائفية وأن ترفع درجة حرارة معاداة الملف الكوردي وتخلق الحجج والذرائع لجلب الدببة إلى كرم إقليم كوردستان الفدرالي المسالم الذي ينشد لحوار الحضارات ولعلاقات حسن الجوار وينآى بنفسه عن تلويث الأجواء وينبذ العنف.
ولكنْ ويبدو أنه بعد أن فشل الجانب التركي في إقناع أمريكا والعراق بالسماح له بإستهداف أراضي إقليم كوردستان المتاخمة لكوردستان الشمالية، وبعد أن أكدت قيادة الإقليم على موقفها الموزون والمطالب بالسلام والرافض لأي غزوٍ تركي لأراضيها تحت حجة ملاحقة مقاتلي مسلحي حزب العمال الكوردستاني، لم تجد السلطات التركية أمامها أي مخرج سوى اللجوء إلى دول الجوار الغاصبة لكوردستان للتشارك معاً في لعب أدوار تكتيكية وصفقات اقليمية من شأنها تقطيع أوصال كوردستان كصفقات كركوك وعفرين وشنكال وسري كانية والحبل على الجرار، وذلك بهدف ضرب القضية الكوردية والتهرّب من استحقاقاتها المشروعة والمحتاجة لحلول سياسية وليس أمنية.
وبهذا الصدد نرى بأنّ الطرفي التركي يستثمر فزّاعة وجود مسلحي حزب (pkk) في تخومه مع إقليم كوردستان لصالحه ويستغل انشغال المجتمع الدولي بمشاكل سوريا وليبيا ولبنان وآزربيجان وغيرهم، وبالمقابل فإنّ الشارع الكوردي في كافة أجزاء كوردستان يعتبر بأنّ أمن وسلامة وحدود الإقليم هو خط أحمر لايحق لأية جهة أن تتجاوزه، ويضم صوته إلى صوت رئاسة الإقليم وبرلمانه وحكومته ويشجب أية ضغوطات تركية تقوم على العدوانية ضد الكوردية التي لا سبيل أمام أهلها سوى الدفاع عن أنفسهم وعن قضيتهم القومية.
ومن جهة أخرى فإن من حق بنات وأبناء شعبنا الكوردي أينما كانوا وحيثما وجدوا، بأن يرفعوا أصواتهم في وجه قيادة حزب العمال الكوردستاني وأن يحثوها على الاحتكام إلى جادة صواب إحترام خصوصية إقليم كوردستان وأن يطلبوا منها بأن يسحبوا مسلحيهم من باقي أجزاء كوردستان وأن ينقلوا حراكهم إلى ساحتهم الداخلية وأن يكفوا عن عسكرة القضية الكوردية وأن يلجؤوا لخيار التهدئة والحوار والحلول السلمية الديموقراطية والاعتماد على المظاهرات الجماهيرية والعصيانات المدنية، وبهذا الخصوص أيضا يحق للكورد أن يناجوا الرأي العام العالمي للوقوف إلى جانب إقليم كوردستان لمنع أي استهداف خارجي تحت أية ذريعة كانت، ومن حق الكورد أيضا أن يطالبوا الأسرة الدولية بالضغط على النظام التركي لإيجاد حلول سياسية للقضية الكوردية.
(١٤-10-2020)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

درويش محما الموحدون الدروز يبلغ عددهم 800 ألف نسمة في سورية، ويسكن غالبيتهم جنوب البلاد، أما الكرد فيبلغ عددهم مليوني نسمة وربما أكثر، ويسكن غالبيتهم شمال وشمال شرق البلاد. لا توجد إحصاءات رسمية موثقة يمكن الاعتماد عليها بهذا الصدد، والأرقام أعلاه هي للأسف أرقام تقريبية غير دقيقة، عكس الآتي أدناه، فهي حقائق جازمة لا ريب فيها. تعرض الدرزي السوري على…

ا. د. قاسم المندلاوي النفوس المريضة في بغداد لا ترتاح لما يحدث من تقدم و تطوير و ازدهار وامن واستقرار وتعايش سلمي في اقليم كوردستان ، ثقيل على عقولهم رؤية هذه التطورات بسبب كرههم وحقدهم الا محدود للكورد ، لذا يحاربون الشعب الكوردي وحكومة الاقليم بابشع الاساليب السيئة ” قطع الارزاق ” منع صرف رواتب الموظفين و المتقاعدين بحجج…

أزاد خليل لطالما شكل الأكراد، كثاني أكبر قومية في سوريا، جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للبلاد. ومع ذلك، شهدت فترات حكم حزب البعث سلسلة من السياسات الممنهجة التي هدفت إلى تهميش وإقصاء هذه القومية، وممارسة أشكال مختلفة من التمييز والإنكار بحقها. اتسمت هذه السياسات بطابع عنصري واضح، تجلى في محاولات التعريب القسرية، وقمع الهوية الثقافية واللغوية، والتضييق على…

ماجد ع محمد بالرغم من أنَّ التصرف الأخير للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي تمثل في حرصه الشديد على خلاص ذاته وأسرته القريبة فقط، وعدم إخبار حتى أقرب الناس إليه من محيطه العائلي أو السياسي بما سيُقدم عليه في اللحظات المصيرية، يظهر بوضوحٍ تام أنه شخص أناني وانتهازي ومريض نفسياً وغير معني أصلاً بمصير بالطائفة التي يدّعي الاِنتماء…