غوبلز تركيا وكتائب إعلامه التضليلي المرافق

إبراهيم اليوسف
 
لا يمكن للدكتاتور، أياً كان، ولاسيما إذا كان محتلاً، في الوقت ذاته، إلا وأن يعتمد على جوقات وكتائب من المرتزقة الأكثر تأثيراً على ما حوله من محيط اجتماعي، وهو ما يفعله الرئيس التركي أردوغان الذي عني بآلته الإعلامية- جيداً- داخل بلده، وخارجه، كما لم ينس العناية برجال الدين ذوي اللحى الإبليسية- وأنا من أكثر من يحترمون أي رجل دين ومن أي دين كان ماعدا هذا الأنموذج الراتزاقي المنافق- أجل. لم ينس تجنيد رجال الدين أولاء ممن يسبحون باسم السلطان. باسمه، ولديهم الاستعداد بأن يصدروا فتاويهم، وأن يركزوا في خطبهم على تشويه صورة من يريد رئيسهم إعلان حربه عليه، وهو الكردي- ولدى تركيا بعامة ثلاثي الفوبيا: الكرد والأرمن واليونان- لأنها اغتصبت أراضي كل هؤلاء، وارتكبت المجازر بحقهم، بالإضافة إلى ما يملكه من رصيد نفاقي يغطي قارات العالم كلها..!
إن رجال الدين هؤلاء، لو جاء- غداً- رئيس تركي آخر، في انقلاب عسكري على أردوغان، وطلب منهم تكفير أردوغان لفعلوا، وسبحوا باسم-الفاتح الجديد- ولوكان أقبح من أردوغان، أو مثله، أو أفضل منه، لا مشكلة لدى هؤلاء الأئمة المزورين خريجي أكاديميات النفاق الأردوغاني، وأؤكد: أن أي رجل دين تركي مؤمن صادق سيكون له موقفه من  جرائم أردوغان
إلى جانب هؤلاء الأئمة المنافقين، ممن يعتمد عليهم أردوغان في حروبه الاحتلالية- كما وجدنا في عفرين- ثمة فرق من الراقصات وفناني التياترو والمغنين المؤتمرين بأمره، بل إلى جانبهم ثمة إعلاميون مماثلون: رخصاً، ونفاقاً، وتزويراً، تجدهم في كل مكان: الإذاعة- التلفزيون- الصحف الصفراء- مواقع الإنترنت- شبكات التواصل الاجتماعي، وفي المقاهي، والكافتريات، ممن تدربوا جيداً لدى أجهزة مخابرات تركيا، كما ومن بينهم: إعلاميون سوريون وعرب، للأسف، ممن يحملون كماً هائلاً من الحقد تجاه الكرد الذين لا فرق لديهم، إن صار إعلام كردي أن يكتبوا فيه ويشتموا أردوغان ويمجدوا الكرد 
هذا الكلام حضرني- في هذا المقام- وأنا أتابع تغطية الإعلام التركي لجريمة دهس الشهيد: سرخبون علي، من قرية تل جمان، والذي تظاهر، ضد الدبابات التركية التي دنست تراب وطننا، مع عدد من الغيارى الذين لم يقبلوا بأن يكون مكانهم أوتوستراداً لاستعراض العربات العسكرية التركية، بل والروسية، والأمريكية، المتواطئة، وكان أكثر ما يستفزُّهم  التركية منها، باعتبار تركيا قصفت مدناً وقرى كردية، وما من مدينة إلا ووصلتها جنازات الشهيدات والشهداء، تترى، وهناك بعض جرائم القتل/ الإرهابي بحق الكرد ماثلة أمام أعينهم: طريقة قتل الشهيدة المهندسة هفرين خلف، وتقطيع جسدها، والتمثيل بها، وهي المدنية، التي عرفت بتفكيرها بروح سورية، و كانت ترأس حزباً سورياً، وهكذا بالنسبة للفتاة جيجك كوباني. اللبوة الجريحة في إحدى معارك الشرف والتي بثَّ بعض مجرمي إحدى الفصائل المرتزقة حوار تهديدها، ويقال أنها استشهدت، مع أن جرحها لم يكن خطيراً، وكانت هناك مصادر قد أكدت أنها ستظهر على وسائل الإعلام المرئي وتتحدث عن حسن معاملة المحتل وميليشياته معها، بل إن الكثير من مشاهد الفيديو بينت مدى وحشية المحتل وأذنابه، وهكذا بالنسبة  لمحمد حميد: ضحية الجيش المسمى محمدياً، ومحمد براء منهم. ضحية القنبلة الفوسفورية المحرَّمة، كما سواه، وصرخته المدوية التي هزت العالم، ومن دون أن ننسى شهداءنا واحداً واحداً، وقبل ذلك تلك النيران التي تشتعل في قلوب أمهاتهم، وزوجاتهم أو حبيباتهم، وأخواتهم، وأطفالهم، وأخوتهم، وآبائهم، و جيرانهم، بل العالم ذي الضمير الحي كله الذي تعاطف مع مأساة شعبنا الكردي
وفوق كل هذا وذاك فقد تم قصف مالم يتم إحصاؤه بعد- من بيوت أبناء بعض مدننا وريفنا، وتهجير أهلها لاسيما في تل أبيض وسري كانيي/ رأس العين، بل قصف البشر والشجر والحجر، ونشر مقاطع فيديو من سرقات البيوت، وكان أن وجدنا مجموعة من ضباط وعساكر الميليشيات حولوا منزل طبيب في سري كانيي/ رأس العين إلى مسجد يؤدون فيه خطبة الجمعة، وأتذكر أن  العلامة الملا عبدالله الغرزي أصدر فتوى مفادها أن الصلاة باطلة في أي مكان يتم السطو عليه أو اغتصابه ولو كان ذلك مسجداً.
ثمة غليان في أرواح أهلنا المدنيين الذين رفضوا مرور عربات الاحتلال التركي أمام أعينهم، في مدنهم، وقراهم، فواجهوا هذه العربات بالأحذية والحجارة والبيض والفواكه الفاسدة، وهوما لا يرتقي إلى استفزاز قوى الاحتلال لهؤلاء الأحرار، وقد رأينا كيفية دهس ذلك الشاب أمام أعيننا، ليكون أول شهيد انتفاضة- الحجارة الكردية-  المقاومة التي جعلت الكردي يقول: لا صديق للكردي إلا الحجارة، بعد أن استبدل الكلمة الأخيرة في المقولة بالمفردة الأخيرة من مقولة: لا أصدقاء للكرد سوى الجبال، لأن الحجارة موفورة في معامل  طبيعة مكاننا، ولا يحتاج الحصول عليها إلى صفقات أية دولة  قد تمد الكردي بالسلاح، أو توقف ذلك، وفق مصلحتها، في غياب القيم الأخلاقية لهؤلاء!
وسبب كتابتي- لهذا المقال- هو ما قرأته في بعض وكالات الأنباء التي عرفت بأنها كذابة، مضللة، غوبلزية، منافقة بأن هذا الشاب البطل: إرهابي، بل هومن الإرهابيين، والكرد كلهم إرهابيون في نظر أردوغان وإعلامه. أردوغان: رمز الإرهاب، بل هناك مواقع مضلِّلة قالت: هو من قسد، بالرغم من أن مصادر مقربة منه أكدت أنه  قد أدى جنديته الإلزامية وتم تسريحه- والغريب أن منابر-عربية- أيضاً نشرت ما روج له الإعلام التركي الذي لا ينشر ما يخص حرب- مستنقع الدم والإجرام- إلا بما يرده من: الاستخبارات التركية.
ثمة غباء متأصل لدى الإعلام المرتزق التضليلي، وهو أنه قدم معلومات كاذبة لمجرد حصوله على صورة للشهيد سرخبون وهو في لباس عسكري، نشرها أصدقاء له عرفوه بأنه: مدني، إلا أنه استشهد- أمام أعين العالم بلباسه المدني- ولو كان من قسد لما كان-بثقة- بين المدنيين، بل لاستخدم-سلاحه العسكري-
هذا البطل الذي واجه عربة الاحتلال بقبضة يده- وهو الأعزل من الأسلحة الممنوعة- يستحق أن نكتب له آلاف القصائد من قبل شعرائنا. شعراء الإنسانية، ولاسيما من قبل أهلنا من الشعراء السوريين الذين آلمنا استشهاد محمد الدرة- بالأمس-  وكانت لي-شخصياً- قصيدة فيه.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. ولات محمد عندما قامت سلطات الجمهورية العربية المتحدة في الإقليم الشمالي (سوريا) عام 1960 باعتقال قيادات وكوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني (تأسس عام 1957 كأول حزب كوردي في سوريا بالتزامن مع صعود التيار القومي العربي آنذاك) قامت بمحاكمتهم بتهمة “السعي لاقتطاع أجزاء من سوريا وإقامة دولة كوردية”. وعلى الرغم من أن أي تنظيم كوردي سوري لم يرفع منذ…

كتب السيد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عبر حسابه الخاص على منصة X تدوينة باللغة الكردية ، جاء فيها : “يضيف الأكراد في سوريا جمالاً وتألقاً لتنوع الشعب السوري، لقد تعرض المجتمع الكردي في سوريا للظلم على يد نظام الأسد، سنعمل سوياً على بناء بلد يشعر فيه الجميع بالمساواة والعدالة”. نرحب بهذه الخطوة التي تعكس بوضوح رؤية سوريا دولة متعددة…

شكري بكر كلنا نعلم أنه كان ولا يزال جوهر الخلاف بين تركيا والنظام البائد في سوريا ، وكذلك مع النظام الراهن في دمشق المدار من قِبل قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع هو ملف ال pyd الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني الذي يهيمن على مقاليد الإدارة في المناطق الكوردية في سوريا ، أعتقد أن على إدارة دونالد ترامب الجديدة في…

خالد حسو في هذه المرحلة التاريخية والمفصلية من تاريخ شعبنا والمنطقة عامة أتمنى أن نكون واعين مدركين لمسؤليتنا التاريخية في هذا الظرف بالذات ، علينا أن نمد الجسور فيما بيننا كفصائل وتيارات وأحزاب سياسية من الحركة الوطنية الكوردية والنخب الثقافية والإجتماعية ومنظمات حقوق الإنسان وفيما بيننا وبين شركاءنا العرب. أقول إنه وبالأساس كان إعلام النظام البائد والساقط وكافة الأنظمة المتعاقبة…