إبراهيم محمود
لا أسهل من أن تجرّم شخصاً ما، أي رجل أو امرأة، إنما أن يجري اتهام شعب كامل بالإرهاب، في منطق يعجز في حسابه الحساب، ففي ذلك ما يستوقفنا هنا.
الأمر يرتد إلى مفهوم القوة وصرفها عالمياً. هل يحتاج المرئي لأن يُرى أكثر، وسط كل هذه الأجهزة الفضائية، الأرضية، التي تبث صوراً عما يعيشه الكرد من ضغوط، من تهديدات،ممن قدموا من وراء الصحارى، وختموا على أرض لم تكن لهم، على شعب ليس بينه وبينهم أي عقد قران اجتماعي، لغوي، سياسي، أي صلة رحم، أو نسب، ليصبحوا هم والأرض التي تنطق بلغته، إثر عبارة صفيقة: هذه أرضنا، وحكاياتها حكاياتها حكاياتنا، ومن عليهم غرباء المكان، ليجري التخطيط على قدم وساق، لكي يتم صهره، نسيانه أنه هو هو ككردي، أنه كان في يوم ما يعرَف باسمه الخاص، وأن هذه الأرض التي ألفته، كما ألفها منذ غابر التاريخ، تعني اسمه، ظله، حياته وموته، وإلا فإن الموت بالمرصاد، كما هو معمول هنا وهناك.
يلعلع المؤمن الحصيف فوق ، أو طي أحقاده أردوغان، سوف نطهر هذه الأرض من الإرهاب، والإرهاب اسم واحد: الكرد، تُبث صوره بهيئات شتى، وعلى الملأ، يتابعه الآخرون بلغات شتى، تكتب عنه صحف العالم، تسمع إليه قوى شتى، وتمتنع عن التعليق أو التدقيق كما يجب.
يصفق له التركي الكبير والصغير، وإلا فإن الويل له في انتظاره.
الكرد لقمة تاريخ، جغرافيا سائغة.
يأتي رئيس حكومته مدججاً بحقده الموروث والمنقول والمدرَّب عليه، وأمام حشوده الأخرى: سوف ننال من هؤلاء الإرهابيين، ونمضي تحت راية رئيسنا المؤمن أمير الجيش المحمدي، نمارس الذبح في الكبير والصغير، كما علّمنا أجدادنا، ورئيسنا المؤمن. يأتي وزير خارجيته، الناطق بلسانه الرئاسي، عضو حزبه، سكرتيره، محافظه، قائممقامه، مدير ناحيته، دركيّه، عنصره المخابراته، حارس أصغر مؤسسة تأتمر بأمره، كناسه، مقامر ناديه، كلبه البوليسي…لكل منهم نصيبه من الكلام المطلوب، والمراقَب، لكل منهم ما يكفي كي يثبت له، وللعالم أجمع، أن الكرد والإرهاب توأمان..
كما يجري الآن، وكما جرى ويجري قبل الآن..
والكرد يموتون بالجملة، والكرد يرحَّلون بالجملة، يدك بهم في سجون شتى بالجملة، والكرد يُقتلون، والكرد يجوَّعون، والكرد يحاصرون، والكرد، يمثَّل فيهم، وليس من يصلي عليهم، فهم مطلوبون وفق تعاليم الرئيس المؤمن التركي، كما هي وصايا أسلافه وأسلاف أسلافه، وما أكثر الذين يغضون الطرف عما يتفقه فيه الرئيس المؤمن المثقل بالأحقاد..
والكرد ينبتون، وفي كل ميتة أكثر من حياة..
أكثر من غيرهم يموتون، أكثر من غيرهم يحيون، يولدون كل ثانية وأقل من ثانية ..
وللأعداء بدءاً من السيد الرئيس المؤمن والغارق في أوهامه، في آثامه، أن يحبس أنفاسه، أو أن يعيش رعب ما يرى: أن الكرد هم هم، كما كانوا يكونون، كرداً وليس سوى الكرد…!