المجتمع المدني الكوردي والواقع السياسي

أكرم الملا
ان الأوضاع السياسية الهشة والمبعثرة في كوردستان سورية، أصبحت مصدراً لمشاعر الاحباط والبأس لدى الجماهير الكوردية، الأحزاب والأُطر السياسية الكوردية أصبحت تتساقط نتيجة الى وصولها الى المرحلة الخريفية من نضالها. في مثل هذه الحالات كنتيجة لمنطق الحدث والمجتمع يجب أن يبرز دور منظمات المجتمع المدني، التي يكون دورها رقابي ايجابي لصون الجماهير وقضيته ونضاله الاجتماعي على الأخص، من البعثرة والتسيب والتسيس السلبي، 
والحال هذه أصبح من واجب منظمات المجتمع المدني أن تنخرط بقوّة في إصلاح هذه اللعبة السياسية المتهالكة والمتآكلة، وتضغط من أجل إبراز نخب جديدة تعمل على إصلاح المشهد السياسي وتوجيه دفته في الوجهة الصحيحة ولملمة المجتمع الكوردي الذي أصبح يعاني من “البلقنة” السياسية والتراشق التخويني بين قيادات الأحزاب والأطر السياسية الكوردية المتواجدة على الساحة، وذلك على حساب القيم والمبادىء والأخطر على حساب الحقوق المشروعة للشعب الكوردي . 
إن المجتمع المدني الكوردي عليه أن يتحمّل مسئوليته التاريخية ويقود ثورة اتجاه هذه الأحزاب والاُطر يدعوها فيها إلى تجديد خططها الاستراتيجية ورسم ملامح المستقبل من خلال برامجها السياسية، حتى تجدّد بذلك نخبها وهياكلها، أو تعتزل السياسة وتخرج من هذا المشهد السياسي الذي أضحى ينذر بانكسارات اجتماعية لاقبل للأحزاب الكوردية باستيعابها. 
من واجب منظمات المجتمع المدني الابتعاد عن التحزب والأُفق السياسي الضيق، وعدم السباحة في فلك الأحزاب التي تفرز مغريات كثيرة لكسب المجتمع المدني بكل منظماته الى جانبه السياسي أو بالأحرى الحزبي، وهذا حتماً سيؤدي الى افراغ المجتمع المدني من مبادئه وأسباب قيامه وسيتم الاستيلاء على دوره من قبل الأحزاب ومن ثم ابتلاعه وصهره.
إن دور المجتمع المدني الكوردي اليوم يكمن في توعية الجماهير، وتأطيرها، وتكوينها، والدفع بها للانخراط في الحياة السياسية، لسد الطريق على الدّخلاء والمدسوسين على السياسة بغرض الارتزاق والمنفعة وحماية مصالحهم الضيقة المتعارضة مع مصلحة الشعب الكوردي، والتي تكون في غالب الأحيان غير مشروعة، هذا الدور – في الأصل – كان ينبغي أن تقوم به الأحزاب، ولكن لأن الأحزاب تخلّت عنه أو تناسته،  فإنّ المجتمع المدني هو المنقذ الوحيد من هذا “الضلال السياسي المبين”. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

صلاح بدرالدين الفرق بين مؤتمر الحوار السوري ، والمؤتمر الكردي المؤتمر السوري المزمع عقده هو مؤتمر للحوار بين الناس حول مستقبل سوريا ، وهو تجمع للتشاور ، ولاصفة تشريعية ، او تقريرية له ، ولا يشكل من يحضر ممثلا لاي مكون قومي او طرف سياسي ، لان التمثيل الشرعي يجب ان يتم عبر الانتخاب الحر…

شادي حاجي الحقيقة الوضع السياسي الكردي في سوريا وتحالفات كل من أطرافها السياسية تعاني من تخبط فيما يبدو أنه نتيجة عدم وضوح الرؤية والتأثر بالضغوط السياسية والمصالح الشخصية والحزبية لا شك أن أحياناً كثيرة قد يتأثر صانع القرار السياسي بشأن ما ينبغي فعله إما بضغوط سياسية من جهات مختلفة كأن تكون داخلية او خارجية وهذا الأمر يجب حسمه في…