وللراحل نايف فرحـــــان أسعد الكلام الآخـــر

 ابراهيم محمود

في التعريف بشخص ما، يكون الاتصاف بعلامة
فارقة مزية أخلاقية تستحق الثناء، مهما كان مسلكها الحياتي، بما أن العلامة تتعدى
حدود القناع الوجهي الممّي لكثيرين، وأحسب أن نايف فرحان أسعد، كان من هؤلاء الذين
عرفتهم عن قرب، وما كان في وسعي الكتابة عن قرب، رغم بعدي الحسابي عنه وقد رحل
حديثاً جداً، إلا لأنني قدّرت فيه ما يستحق التنويه.
في بطاقة نعيه تقدمته
مفردة” المناضل “، ولا أشك للحظة واحدة أنه لم يكن مناضلاً، مهما كان موقفي المختلف
أو الخلافي منه، لأن هذا الرجل كان يعرَف بمسلكه وثبات هذا المسلك عموماً، وربما
صدم، هو ورفاق دربه ممن رحلوا ومن سيبقون من بعده بالتأكيد، كثيرين من حوله، إلا أن
المأثرة الأخلاقية تكمن في المصارحة، وكان في نايف ما يقرّب المرء منه كثيراً وهو
مختلف عنه لغة ومنهجاً وسلوكاً وإيديولوجيا كذلك..
هل أنا في خشية إن تفوهت بحقيقة، وكما أراها، وهي أن ما شدد عليه هو ورفاقه بالنسبة
للجاري سورياً على أكثر من صعيد وخوفاً مما يمكن أن يحصل من أهوال في البلاد
والعباد، يتردد صداه هنا وهناك ؟
ليس دفاعاً عن مستبد ما له اسمه وعنوانه
وميدانه في جغرافيا مطوَّح بها عنفياً، إنما هو التعبير بصراحة لا بد أن تستفز من
لم يعتدها، وأعني بذلك إشارته هو رفاقه إلى أن تفهُّم الواقع في ضوء تحدياته
ومسايرة الجاري هو نفسه له نكهة نضالية مختلفة .
للعزيز نايف الذي كان، وأهله من
حوله، ورفاقه من حوله، وأحبته من حوله، وللعزيز نايف الذي سيكون بالتأكيد في نفوس
من أشرت إليهم أهلاً وأحبة ومعارف، ثمة ما يبقي الروح الرحالة بجسدها، وهي تحمل
خاتم الوجه المعروف باسمه، ما يؤتنَس إليها، فللغياب بمفهوم إنساني بعدان: ما ينتمي
إلى الماضي بيولوجياً، وما يمتد في المستقبل قيمياً، وأحسب جداً جداً، أن لروح نايف
رنين ود متنوع الإيقاع، معلَم اعتبار اجتماعي وسياسي يصعب تجاهله .
 وأن يكون
لنايف العزيز الذي كان وسيكون الكلام الآخر، فإنما هو في الجهة المفتوحة التي آمن
بها بطريقته النضالية مع رفاقه، تلك الجهة التي يستحيل الشطب عليها لدواع عقيدية
ضيقة، متطرفة، إنما هي الجهة التي تفرض نفسها أكثر، وسط الجلبة التي نسمعها وهي
تحول كثيراً بين آذاننا وسماع ما يستحق الإصغاء أكثر.
والكلام الآخر والجدير
بالتذكير والنشر، هو الموجَّه إلى رفاقه الذين أعرفهم عن قرب، ولأهله الذين أعرفهم
عن قرب، ولعلّي أناشد هنا العزيزة والشاعرة المأهولة بألم الغربة أفين ابراهيم
وفاجعة الرحيل الأهلي بأكثر من معنى، ومعها الباحث القدير محمود عباس شريك الحياة
المعنَّى، وهما يعيشان الآن كما يمكنني الجزم بذلك كثيراً كثيراً، عنف الفراق
واستحالة الإرجاع لما كان، أناشدهما بأن يودعا روحيهما فضاء أوسع، وحياة أرحب ما
استطاعا إلى ذلك سبيلاً، اتعاظاً بهذا الموت ” الكبير “، وأن يدوما كبيرين
.
دهوك – في 22 أيار 2015
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. ولات محمد عندما قامت سلطات الجمهورية العربية المتحدة في الإقليم الشمالي (سوريا) عام 1960 باعتقال قيادات وكوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني (تأسس عام 1957 كأول حزب كوردي في سوريا بالتزامن مع صعود التيار القومي العربي آنذاك) قامت بمحاكمتهم بتهمة “السعي لاقتطاع أجزاء من سوريا وإقامة دولة كوردية”. وعلى الرغم من أن أي تنظيم كوردي سوري لم يرفع منذ…

كتب السيد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عبر حسابه الخاص على منصة X تدوينة باللغة الكردية ، جاء فيها : “يضيف الأكراد في سوريا جمالاً وتألقاً لتنوع الشعب السوري، لقد تعرض المجتمع الكردي في سوريا للظلم على يد نظام الأسد، سنعمل سوياً على بناء بلد يشعر فيه الجميع بالمساواة والعدالة”. نرحب بهذه الخطوة التي تعكس بوضوح رؤية سوريا دولة متعددة…

شكري بكر كلنا نعلم أنه كان ولا يزال جوهر الخلاف بين تركيا والنظام البائد في سوريا ، وكذلك مع النظام الراهن في دمشق المدار من قِبل قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع هو ملف ال pyd الجناح السوري لحزب العمال الكوردستاني الذي يهيمن على مقاليد الإدارة في المناطق الكوردية في سوريا ، أعتقد أن على إدارة دونالد ترامب الجديدة في…

خالد حسو في هذه المرحلة التاريخية والمفصلية من تاريخ شعبنا والمنطقة عامة أتمنى أن نكون واعين مدركين لمسؤليتنا التاريخية في هذا الظرف بالذات ، علينا أن نمد الجسور فيما بيننا كفصائل وتيارات وأحزاب سياسية من الحركة الوطنية الكوردية والنخب الثقافية والإجتماعية ومنظمات حقوق الإنسان وفيما بيننا وبين شركاءنا العرب. أقول إنه وبالأساس كان إعلام النظام البائد والساقط وكافة الأنظمة المتعاقبة…