قراءة في هبة مهاباد

صلاح بدرالدين   

 لابد
وقبل أي تناول لأحداث مدينة مهاباد طرح التساؤل التالي : هل تتوفر الشروط
الموضوعية والذاتية لتحول التظاهرات الاحتجاجية الى انتفاضة كردية في مختلف مدن
وبلدات منطقة كردستان الإيرانية ولتتوسع لتشمل مناطق القوميات المحرومة من الحقوق
والمضطهدة التي لاتقل عن 65% من نسبة السكان في ايران ثم الى ثورة وطنية في عموم
البلاد على غرار ثورات الربيع التي مر على اندلاعها قرابة خمسة أعوام .
    موضوعيا هناك مايجب الدفاع عنه في انتحار الشهيدة – فريناز خسرواني – من جانب
جماهير مدينتها مهاباد وفي المقدمة الشرف والكرامة فهي مارست الدفاع على طريقتها
وشعب المدينة وجوارها بل كل أهل كردستان ايران يمكنهم الدفاع أيضا على طريقتهم وهي
التظاهرات الاحتجاجية وصولا الى توفير شروط تطورها الى الانتفاضة السلمية الدفاعية
لتعم الإقليم الكردستاني الإيراني وهي احدى علائم عصر ثورات الربيع المندلعة في
أكثر من دولة في المشرق والمغرب من أجل الحرية والحياة الكريمة .
 وهناك أيضا
المكانة الرمزية المساعدة للثورة لمدينة مهاباد في التاريخ الكردي المعاصر حيث أعلن
في ساحتها الرئيسية – جوار جرا – عن جمهورية كردستان الديموقراطية ( 1945 – 1946 )
برئاسة قاضي محمد ومشاركة الزعيم ملا مصطفى بارزاني وحضور ممثلين عن كرد سوريا
وتركيا وأعدم فيها رئيس الجمهورية الوليدة بعد نحو احدى عشر شهرا نعم قامت
الجمهورية بإرادة دولية ( الاتحاد السوفييتي ) وأسقطت أيضا بإلارادة ذاتها (
السوفييت مع الحلفاء ) بعد صفقة مؤتمري طهران ويالطا .
وهناك بيئة مواتية
للاحتجاجات والانتفاض وحتى الثورة في مناطق القوميات غير الفارسية من شعوب ايران
المحرومة التي تنتشر في أكثر من 65% من مساحة ايران إضافة الى جموع المعترضين على
سياسات النظام المستبد في العاصمة وغيرها من المدن .
 هناك أيضا مأزق نظام طهران
جراء حصار المجتمع الدولي له منذ عشرات السنين وانعكاساته الاقتصادية وشروط تطبيق
اتفاقية الاطار مع دول الغرب وصرف جل الدخل القومي على الجماعات المسلحة المذهبية
الإرهابية لضرب استقرار الدول والشعوب .
 وهناك أخيرا وليس آخرا نتائج ضربات (
عاصفة الحزم ) التي بعثرت خطط نظام طهران وأخرجته من المعادلة اليمنية مهزوما
مكسورا وماسيترتب على ذلك في الساحة السورية قريبا .
 على الصعيد الذاتي يجب
الاعتراف بوجود عوامل ضعف في جسد المعارضة الإيرانية وبينها الكردية وغياب قيادة
ثورية تستطيع توجيه الجماهير واستخدام التكتيك المناسب مستفيدة من تجربة ثورات
الربيع بانتصاراتها واخفاقاتها ولكن يبقى الأمل في الجيل الشاب الجديد حيث كرست
الشابة خسرواني دور الحراك الشبابي الذي يقود المواجهات مع جيش السلطة وأجهزتها
وشبيحتها وميليشياتها .
 تصاعدت الاحتجاجات في مدن ومناطق كردستان ايران أو
توقفت وصلت الشرارة الى شعوب ايران الأخرى المضطهدة المحرومة المقموعة  من عرب
وبلوج وآذريين وغيرهم ليتضامنوا مع منتفضي مهاباد أم لم تصل دخلت جماعات – ب ك ك –
وغيرها من الأحزاب الكردية على الخط لصالح النظام أم لم تدخل نفضت الأحزاب الكردية
الإيرانية – المتوطنة في إقليم كردستان العراق والمنتهية الصلاحية – غبار االذل
والسكينة والتردد عن نفسها أم لم تفعل انفرد الحراك الكردي الشبابي السوري في
التضامن مع أشقائهم أم انضم آخرون فان مايحصل هو جزء من انكشاف الوجه القبيح
المستبد لنظام طهران ومؤشر على أن ( عاصفة الحزم والأمل ) فعلت فعلها في وقف تمدده
واضعاف نفوذه وكسر شوكته وأن مصير نظام الأسد بات في الميزان وألف تحية لروح
الشهيدة الشابة فريناز خسرواني .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات سياسية كبرى خلال العقود الأخيرة، وكان من أبرزها انهيار حزب البعث في كل من العراق وسوريا، وهو الحزب الذي حكم البلدين لعقود طويلة بقبضة حديدية وحروب كارثية اكتوت بها شعوب البلدين وشعوب المنطقة وخاصة كل من لبنان وإيران والكويت، ناهيك عن الضحايا الذين فاقت اعدادهم الملايين بين قتيل وجريح ومعتقل ومهجر، أدت تلك…

بوتان زيباري في عالمٍ يموج بين أمواج الآمال والظلمات، يقف العرب السُنة اليوم على مفترق طرق تاريخيّ يحمل في طياته مفهومات المسؤولية وجوهر الهوية. إذ تتساءل النفوس: هل ستكون سوريا جنة المواطنة المتساوية أم ميداناً لحروب أهلية لا تنتهي؟ ففي قلب هذا التساؤل تنبعث أنوار براغماتية تعلن رفض الوهم الخادع لإقامة دولة إسلامية، وفي آنٍ واحد تفتح باب السلام…

فرحان كلش بلاد مضطربة، الكراهية تعم جهاتها الأربع، وخلل في المركز وعلاقته بالأطراف، فمن سينقذ الرئيس من السلطة الفخ؟ أحمد الشرع يسير على حقل ألغام، كل لغم شكل وتفجيره بيد جهة مختلفة. في الإنتماء الآيديولوجي قريب من الأتراك، في منحى القدرة على دفع الأموال والبدء بمشروع بناء سورية في جيوب السعوديين، التمهيد العسكري لنجاح وثبته على السلطة في دمشق اسرائيلي…

أزاد فتحي خليل* منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، شهد المجتمع الكوردي تحديات كبيرة واختبارات دائمة في ظل تلك الظروف المضطربة. لم يكن الصراع بعيدًا عن الكورد، بل كان لهم نصيب كبير من التداعيات الناتجة عن النزاع الذي استمر لعقد من الزمن. إلا أنه، في خضم هذه التحديات، برزت أيضًا بعض الفرص التي قد تعزز من مستقبلهم.