لقاء موسكو بين النظام و المعارضة .. ما الذي سيتغير على الارض؟

 

نورالدين عمر 

 

بداية المعارضة السورية بشقيها الداخلي و الخارجي غير متفقة حول الذهاب الى موسكو للقاء وفد النظام ، فالذين يعترضون على الذهاب يتحججون بإن روسيا طرف غير حيادي وشريك للنظام السوري و هم بانتظار ان يعرض عليهم موسكو تمثيل اوسع و اكبر عندها من الممكن ان يوافقوا على الذهاب الى موسكو و نسيان ان روسيا تدعم النظام السوري .اما الموافقين على الذهاب فمنهم من لم يصدق كيف وجه الدعوة له من دولة مثل روسيا ؟ و منهم من لا يرى اي افق للحل و يعتبر لقاء موسكو نوع من الحراك للقضية السورية .
على الارض  اصبحت سورية عدة دويلات و امارات و كانتونات تتقاتل عليها العشرات من الفصائل المسلحة المرتبطة بأجندات خارجية و أقليمية و هذه الفصائل المسلحة الكثير منها لا تعرف لغة الحوار و التفاهم و تسعى عبر افكارها المتطرفة بناء كيانات خارج العصر و الزمان و هي للاسف اصبحت ذات قوة و نفوذ .

 

فتنظيم الدولة الاسلامية مع فصائل بايعته يسيطرون فعليا على ثلث مساحة سوريا و يجندون ألاف الناس لتوسيع دولتهم المتطرفة . و جبهة النصرة فرع القاعدة في بلاد الشام مع فصائل متطرفة اسلامية تسيطر هي الاخرى على مساحات واسعة من الاراضي السورية . و هناك مجموعات و فصائل لا حصر لها و بأسماء عديدة مثل جيش الاسلام و الجيش الاول و الجيش الحر و كتائب و ألوية و سرايا و لكل هذه الفصائل المسلحة مناطق نفوذ و سيطرة و تفرض القوانين . و هناك الوحدات الكوردية المسلحة التي تسيطر على المناطق الكوردية . و كذلك هناك قوات النظام المدعومة بفصائل مسلحة والتي هي بدورها تسيطر على مساحات واسعة من سورية .
سياسيا تعاني المعارضة السورية حالة من الضياع وا لتشرزم و يتحكم بمصيرها شخصيات غير مؤهلة للقيادة و الكثير منهم لا تهمهم سوى مصالهم الشخصية .
أما شخصيات النظام فما يزالوا و رغم كل هذا الدمار و الخراب الذي حل بالبلد متمسكون بالسلطة و غير مستعدين لتقديم اي تنازل .
دوليا ليس هناك ما يوحي بإن الدول الغربية و حتى روسيا و ايران و الدول العربية مستعجلة على حل المشكلة السورية فلكل طرف مصلحة ما في استمرار سفك الدماء في سورية .
روسيا ستدعو شخصيات من النظام و المعارضة لتشاور فقط اي ليس هناك اي برنامج واضح حتى الان و هو فقط لقاء لن يختلف عن جنيف 2 و ربما أسوء .
و مع ذلك فان استطاع المعارضة تقديم رؤية موحدة في موسكو سيكون افضل من عدم حضورها رغم ان لقاء موسكو لن يغير من الامر شيئا و لكن المعارضة عليها ان تقبل الذهاب لانها لن تخسر شيئا . و الادعاء ان موسكو تقصد خلق تناقضات بين اطراف المعارضة ادعاء غير دقيق لان المعارضة فعليا غارقة في التناقضات و المشاكل المستعصية و لن تستطيع موسكو توسيع الفجوة اكثر من ذلك بين اطراف المعارضة .
ربما المناصفة و تشكيل حكومة انتقالية يشارك فيها كافة الاطياف و الاعراق هي احد الحلول و ربما تشكيل دولة فيدرالية تتمتع فيها المحافظات او الاقاليم بصلاحيات واسعة هي افضل الحلول و لكن الافكار و الرؤية متباعدة و هناك اصرار على عدم الحل . العقلية العنصرية و الشوفينية و التسلط لاتسمح بالحلول . النظام مصرا على بقائه و المعارضة ضعيفة و متشرذمة و فصائل عسكرية متطرفة تملك القوة و النفوذ و بلد غارق في الدمار و الخراب و الضياع .
الحل السياسي هو الحل الذي ينشده السوريين و لكن ألة الحرب و الدمار لا تتوقف و تعيش سورية رغم مرارة الكلمة و عدم تقبلها حرب أهلية بشعة تتفاقم يوما بعد الاخر و كانت ضحاياها اكثر من 76 الفا من القتلى في عام 2014 وحدها غير الجرحى و المشردين و الدمار الذي حل بالبلد . و ربما يكون عام 2015 اكثر بشاعة في حال لم يبد الاطراف المعنية مرونة لتفاهم و ايجاد الحلول .و على  ما يبدو ان الاطراف غير مستعدة للتفاهم حتى الان و لذلك ربما نحن سنعيش الحرب الاهلية لسنوات أخرى قبل ان نستفيق لنرى ان البلد اصبح مجرد انقاض .
نورالدين عمر

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…

عزالدين ملا عندما اندلعت الثورة السورية، كان أول مطالبها إسقاط نظام عائلة الأسد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد وحوّلها إلى مزرعة لعائلته وأزلامه. كانت هذه المطالب تمثل رغبة شعبية في التحرر من عقلية الحزب الواحد والفكر الشمولي، التي أدت إلى الاستبداد والديكتاتورية وقمعت الأصوات المخالفة. إلا أن المرحلة التي تلت سقوط النظام كشفت عن تحديات جديدة أمام بناء سوريا…

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…