حزب الاتحاد الديمقراطي ومسلسل تفريغ المناطق الكردية من معارضي النظام «بدران مستو» نموذجاً

افتتاحية جريدة يكيتي 

منذ انطلاقة الثورة السورية السلمية،
المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية، انطلقت المظاهرات السلمية في كافة
المناطق الكردية، واعتبر الشعب الكردي، وحركته السياسية انفسهم جزءاً أساسياً من
هذه الثورة السلمية، وتبنوا شعاراتها، وعلم الاستقلال رمزاً للثورة، إلى جانب
المطالبة بالحقوق القومية الكردية المشروعة، التي طالما تجاهلها النظام، وطبق بحق
الكرد، كافة السياسات والمشاريع العنصرية، التي تهدف إلى تذويبهم وتهجيرهم، ومنذ
البداية وقف PYD
ضد هذه الثورة والمشاركة فيها، ورفض تبني شعاراتها وعلم الاستقلال، وتوقيت ومكان
الخروج معاً في المظاهرات، وكأنّ هذا الأمر لا يعنيهم، وحاول بشتى الوسائل إبعاد
الكرد عن المشاركة فيها حتى قبل أن يحولها النظام إلى ثورة مسلحة، نتيجة قمعه
للمظاهرات السلمية بشتى صنوف الاسلحة، وبعد فشل PYD في تحييد
الكرد عن موقفهم الطبيعي إلى جانب المعارضة الوطنية لجأ إلى استخدام القوة والعنف
في قمع المظاهرات السلمية في المناطق الكردية، بعد أن استحوذ على وسائل القوة
بمختلف الطرق، ابتداءً من جامع قاسمو في قامشلو مروراً بعفرين وكوباني، وانتهاءً
بمجزرة عامودا،

وبذلك تم له تنفيذ المرحلة الأولى من المخطط
الممنهج، على مرأى ومسمع النظام الذي لم يحرك ساكناً، كأنّه طرف محايد لا ناقة له
فيها ولا جمل؟ كونها تصب في مصلحته ورافق ذلك التنصل من كافة الاتفاقات المبرمة
بين المجلسين، وخاصة اتفاقية هولير وملحقاتها، وبدأ PYD بفرض سياسة
الأمر الواقع بالترغيب والترهيب، استكمالاً لما خطط له من إبعاد الكرد عن المعارضة
الوطنية السورية، وتفريغ المطالب الكردية من محتواها القومي، وخاصة بعد انضمام
المجلس الوطني الكردي إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حيث
سارع إلى تشكيل كانتونات ثلاثة، منفصلة عن بعضها، تحت مسمى “الإدارة الذاتية
الديمقراطية” والتي لا تفتقد إلى المشروعية القانونية فحسب بل لا تحتوي
مشروعاً كردياً ولو بحده الأدنى شكلاً ومضموناً، وهنا بدأت المرحلة الثانية من
المخطط، وذلك بإصدار المراسيم والفرمانات عن هذه الإدارات الثلاث في محاولة لشرعنة
سياسة التفرد والهيمنة، على الشعب الكردي، والمجلس الوطني الكردي، نحو ما يسمى
(بقانون الأحزاب) ومؤخراً قانون “التجنيد الاجباري”، ومن طرف واحد في
محاولة أخرى للإجهاز على ما تبقى من الشباب الكردي سبيلاً إلى تفريغ المنطقة
الكردية من كل معارض للنظام ومخالف لسياسات PYD، بخلاف كل
القيم والأعراف والمواثيق الدولية والقانونية والإنسانية، وما حدث مع رفيقنا
المناضل “بدران مستو” من اعتقال ونفي قسري خارج البلاد، ومع من سبقه من
المناضلين الكرد ليس سوى حلقة من سلسلة هذه السياسات الممنهجة، التي كرس PYD كل جهوده
لتنفيذها، وذلك تحت ذرائع المواجهة المسلحة وأن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
والمبالغة في ترهيب الناس ووضعهم بين خيارين إما الاذعان وتنفيذ اجنداته أو اللجوء
إلى خارج كردستان سوريا، وكذلك التصوير وكأن “داعش” المنبوذ ليس كردياً
بل دولياً والمعروفة اجنداتهم، وكأنهم جاؤوا من أجل احتلال المناطق الكردية وحدهم
وليس بالتنسيق مع النظام الذي كان يحارب إلى جانبه ضد الجيش الحر، إن التصدي لداعش
وسواه من القوى الظلامية، يتطلب تفاهاً وتنسيقاً حقيقياً بين قوى المعارضة
الوطنية، وقبلها وحدة الموقف السياسي والصف الكردي في الدفاع عن المنطقة وذلك
بالعودة إلى الاتفاقيات المبرمة بين المجلسين الكرديين، وعدم شرعية تفرد طرف
باتخاذ القرار السياسي وقرارات الحرب والسلم من جانب واحد ونعت كل من يعارض خائناً
وعميلاً، ولا علاقة للإدارة الذاتية الديمقراطية بهذه المسائل الخلافية لأنّها لم
تكن أصلاً مشروعاً كردياً خالصاً كما أسلفنا. إزاء هكذا سياسات وممارسات أعمال
خطيرة، والتي لم يستطع النظام خلال أكثر من خمسة عقود من حكمه الاستبدادي تنفيذها،
بهذه السرعة والاصرار من قبل PYD مستغلاً هذه الظروف
الاستثنائية التي تمر بها المنطقة والأزمة السورية عموماً، لذا بات لزاماً على
المجلس الوطني الكردي، التصدي لمحاولات التفرد والهيمنة التي ينتهجها PYD وتحت أية
مسميات كانت وأن يناشد القوى الكردستانية، والحقوقية والإنسانية، بالوقوف بحزم، ضد
كل هذه السياسات والممارسات التي لا تخدم القضية الكردية، وتسد الطريق أمام كل
المحاولات الرامية إلى وحدة الموقف والصف الكردي.

* جريدة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب
يكيتي الكردي في سوريا
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…