الأزمة السورية من التعريب إلى التدويل ، إلى …… التأليه

فرحان مرعي

طبعا انا لا استخدم مصطلح الازمة على الحالة السورية وانما الثورة السورية التي وصلت الى مرحلة حرجة جداً بسبب العنف المفرط -ان صح التعبير- الذي لجأ اليه النظام السوري في قمع المتظاهرين السلميين ، الى درجة انعدمت فيه الحلول الداخلية وفي وقت لم يستطع احد من الطرفين- المعارضة والنظام – حسم المعركة لصالحه بسبب التدخل الدولي القاتل في شؤون الثورة السورية والذي لولا دخوله (العامل الخارجي) لحسمت الثورة اهدافها منذ الشهور الاولى، لذلك كانت المبادرة العربية التي انتهت الى الفشل لترحل الأزمة الى التدويل فكانت مبادرة كوفي عنان التي تشير كل المؤشرات والوقائع على الارض الى فشلها
 الى ذلك الحين لن يبقى سوى التفكير الاسطوري واللجوء الى السماء، حيث ترفع ملف الازمة السورية الى المجلس الالهي الأعلى، وبعد دراسة ومناقشة سيأمر الله سبحانه تعالى بإرسال مراقبين الهيين من الملائكة  لوقف العنف في سوريا، ولكن وليدوف سيشترط بالا يكون بين الوفد ملائكة الرحمة وان يكون رئيس البعثة عزرائيلياً وإلا سيستخدم فيتو (روس ائيلي) ……..

، وبدون شك ستنشب معركة بين الملائكة والشبيحة، ولا يخفى على احد ان النصر سيكون من نصيب الطرف الثاني لانهم يستخدمون كل الوسائل القذرة واللااخلاقية في تحقيق اهدافهم بينما الملائكة هم الملائكة المعصومون عن الاخطاء الذين لا يلجأون بحكم مكانتهم العلوية السامية –  الا الى الافعال المطلقة في العدالة والرحمة والاخلاق وهكذا سنصل ايضاً وفي النهاية  الى (فشل) المبادرة السماوية بعد قتل وتدمير كبيرين ، ولن يكون بعد ذلك شعار (مالنا غيرك ياالله) الا شعاراً جميلاً ايمانياً معنوياً، بينما يفرض الواقع ظروفه وشروطه، وتكون الطبخة قد استوت تماماً عندها ستنزل الحوامات (طيور الحوم) للتنهش في الجسد المتهالك المتساقط .

عندما تخطط امريكا لسقوط نظام تضع على الطاولة مشروع حرب، كهدف استراتيجي، ولكن الوقت تحدده البنتاغون والاطراف الدولية الاخرى، والمسألة بالنسبة الى سوريا اصبحت واضحة وشفافة ولا يحتاج الى قراءة الفنجان والبصارة ، كل المبادرات تأتي في اطار المماطلة واللعب بالوقت الى ان تنهار الدولة السورية في بنيتها التحتية ،وان تتفكك الجيش بحيث لا تبقى قوة في سوريا، ويكشف عن مخزون الاسلحة وخاصة الصواريخ والاسلحة الكيماوية والبيولوجية ووضع اليد عليها حتى لا تقع بايدي (الارهابيين)، وحتى تنهارحالة التنوع السكاني المنسجم والجميل ويحل محله العداء الطائفي والمذهبي بين مكونات الشعب السوري لتتحول سوريا الى هيكل فارغ دون محتوى، وتصبح عملية الانقضاض عليها سهلة ومريحة سياسياً وعسكرياً ، وكل الدلائل تشيرالى اقتراب نقطة الصفر.

   

   الثورة السورية كانت بارادة السوريين الذاتية ،كانت الثورة حلم السوريين بالخلاص من الاستبداد والقمع والفقر، ولكن المصالح الدولية الظالمة تدخلت لاجهاض حلم الشعب، وهكذا تصبح سوريا مسرحاً للصراعات الدولية  عبر مزيداً من الدماء والتخريب والمآسي والجروح التي لن تندمل الى امد طويل.

ان النظام الدولي الحالي والديكتاتورية في سوريا توأمان غير شرعيان يتحالفان منذ اكثر من خمسين سنة عبر ثنائية الوكيل والموكل، يتحالفان بشروط النهب والفساد  ، وللاسف ما لم يستطيع الموكل ان يقوم به خلال هذه المدة بطائراته ودباباته ينفذه الوكيل بكل امانة ضارباً بعرض الحائط كل القيم الوطنية والاخلاقية  لتكتمل المعادلة، النهب ، الفساد ، الدمار، من المنطقي ان ينهار هذا النظام الدولي المافوي ايضاً بشكله الحالي لان احد طرفي المعادلة (الوكيل) سيسقط عاجلاً ام آجلاً تحت ضربات الشعوب التي لن تقبل بانصاف الثورات والتي ستطهر نفسها بنفسها الى ان تحكم نفسها بنفسها .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* يُشكّل المسيحيون في سوريا جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني، وقد لعبوا دورًا محوريًا في تاريخ البلاد منذ اعتناق المسيحية في القرن الأول الميلادي. تعتبر سوريا واحدة من المراكز الأولى التي احتضنت المسيحية، حيث يُعتقد أن القديس بولس تحول إلى المسيحية في دمشق، ومن هنا انطلق لنشر رسالته في العالم. كما تُعد مدينة أنطاكية، الواقعة شمال سوريا،…

كاميران حاج عبدو تُعدُّ سوريا مثالًا لدولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، تزخر بتنوع ثقافي واجتماعي ولغوي. ومع ذلك، فشلت الأنظمة السياسية المتعاقبة في توظيف هذا التنوع كعامل قوة لبناء هوية وطنية جامعة. بدلاً من ذلك، اعتمدت سياسات إقصائية اختزلت مفهوم الهوية الوطنية في إطار ضيق، بعيدًا عن الاعتراف الحقيقي بالتعددية التي تميز المجتمع السوري. على مدار تاريخها الحديث، لم تشهد…

خليل مصطفى أمس (السبت 25/1/2025) نشر الأستاذ إبراهيم اليوسف، مقالاً هاماً، عبره سلَّط الأضواء على أكثر الناشطين خطورة ليس على كورد سوريا فحسب، بل على شعوب الأُمَّة السورية. أقتبس (مع إضافة): يبدأ (أ. إبراهيم) قوله: يبدو لكُلِّ عاقل بوضوح، أنَّ بعض العُربان (السوريين) الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، قد اتخذوا (لشخوصهم) دوراً محورياً في بثِّ خبثهم لتأجيج الخلافات بين الكورد…

عبدالرحمن كلو بعد سقوط النظام السوري، تغيَّرت معادلة توازن القوى في سوريا بشكل كبير وملحوظ. فغياب نظام الأسد وإيران معًا أحدث بيئة سياسية مختلفة تمامًا عما كانت عليه في السابق. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل رفعتا الغطاء بشكل كامل عن السلوك الإيراني في كل المنطقة، مُنهيةً لعبة القط والفأر التي أدارتها إدارة أوباما-بايدن مع إيران، والهلال الشيعي…