لكم الله أيها السوريون

د.

آلان كيكاني

قبل دقائق كانت أنظار السوريين متوجهة إلى شاشات التلفزة تنتظر قراراً من مجلس الأمن يدين النظام على ارتكابه المجازر بحق السوريين ويدعو النظام إلى التنحي وإعطاء الفرصة للشعب السوري في اختيار مستقبله وشكل نظام الحكم في دولته.

كانت النفوس تنتظر انتظار الظمآن في حر القيظ لجرعة ماء يطفيء بها لهيب ظمأه , وخاصة إذا علمنا أن الجلسة تأتي بعد يوم فقط من أبشع مجزرة ارتكبها النظام منذ انطلاق الثورة بحق الأبرياء في مدينة حمص والتي راح ضحيتها قتل ما يقرب من الثلاثمئة شخص وجرح أكثر من ذلك.

ولكن الآمال  تحطمت على الفيتو الصيني والروسي على القرار الأممي.
لعل السبب الرئيسي الذي حذا بهاتين الدولتين إلى منع تمرير مشروع القرار الذي قدم من قبل الدول العربية والأوربية هو المحافظة على الرتابة والروتين السياسي المتعفن في هاتين الدولتين منذ الحرب العالمية الثانية والخشية على نفسيهما من أن تمتد إليهما ثورات الحرية التي تعبر الحدود والأقاليم على هيئة جائحة تعجز آلات القتل والتدمير عن صدها وتفشل آلات الإعلام عن رد القلوب المتعطشة إلى الانعتاق عن الارتواء برحيق الحرية اللذيذ والتنعم بنعيمها.


ماذا يمكن أن نتوقع من حكومتين لا تزالان تحكمان بمنطق الخمسينات والستينات, المنطق الذي منه استمد البعث وحيه وإلهامه واسلوبه وحيلته في الحكم وما يتضمنه هذا المنطق من مفهوم الحزب الأوحد الحاكم للدولة والمجتمع ومن ثم سيطرة المافيا على مقاليد الحزب والدولة ونهب خيرات البلد والحكم بالحديد والنار أسلوبا في مزاولة السلطة.

إنهما دولتان تخشيان من نسائم الحرية وتخافان من نورها, لذا لا غرابة في عرقلتهما لمسيرة الحرية والكرامة في أي بقعة من العالم.

وما من شك أن الظلم الذي مورس ضد الشعب السوري في جلسة مجلس الأمن اليوم سوف يزيد السوريين حماساً وعزما على مواصلة النضال ضد آلة القتل البعثي الممنهج.

ومن يدري , وفي ظل زيادة الاحتجاجات واشتداد عود الجيش السوري الحر, فقد يتمكن السوريون عاجلاً أو آجلا من إزاحة النظام بأنفسهم ويكتبون على صفحات تاريخهم مفتخرين: “نحن شعب دحرنا أفظع دكتاتورية بمعزل عن مساعدة أحد” .

فرب ضارة نافعة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…