انبلاج الحقيقة … سديم الممانعة السورية

حسن اسماعيل اسماعيل

على هامش المؤتمر الصحفي لوزير الاعلام السوري عمران الزعبي و بيان الحكومة السورية رداً على الهجوم الاسرائيلي الذي هتكت فيه نسور دولة صهيون مباهي ترسانة آل الأسد العسكرية

كان الرد السوري و بكل المقاييس مصيبةً لا تقل في هولها عما خلفه الغزو الاسرائيلي من تدميرٍ و إهانة للسيادة السورية فالوزير الموقر و بكل سذاجة الممثل البديل ( الدوبلير ) أخذ يسرد مفاهيم سيادة الوطن وهيبته و منعته و دوره الفعال في الممانعة و المقاومة مؤكداً إن الرد سيكون في الوقت المناسب
 ثم انتقل بكلامه بأن الدولة السورية سترد على هذا العدوان الغاشم على أراضيها بضرب حلفاء اسرائيل في الداخل من المجموعات المسلحة و كأن مجازر البيضا و ذبح أطفالها و أطفال بانياس و اغتصاب حرائر سوريا بيد الدخلاء الصفويين و أذنابهم من حزب الله هو الرد الفعلي للاعتداء الاسرائيلي .

بالتأكيد هي ذات الدراما تتكرر و كأنها حيكت بيراع السيناريست ذاته الحاذق بآفات الحكم العربي و أباطرته ليتناوب ممثلو الهرج العربي على أداء الدور ذاته ببلاهة الدوبلير الذي اعتاد أن يبهرج للجموع العربية مآسيهم و آلامهم و كآنها نعمة سماوية ستتحول مع الزمن بيد الحاكم المطلق إلى نعيمٍ لا بعدة نعيم .
من الصحاف مروراً بموسى ابراهيم و الآن عمران الزعبي ذات الرواية و ذات الأشخاص لكن بأشكال و أسماء متباينة و الكل مصر و بكامل فصاحته العربية على أن النظام المدعوم بإرادة الشعب و قوة الرب في  السماء سينتصر و يسحق الأعداء الذين  تدعمهم مؤامرة كونية غايتها الاساسية القضاء على دولة الممانعة و المقاومة و العدالة و هم يتوهمون أن كلماتهم وحججهم الواهية  و التي تتمرد على الواقع و الحقيقة قادرة على ان تقنع الشعوب المذبوحة بيد أنظمتها بأن القاتل بريء و إنما شحذ سكينه و حز عنق الشعب ليحفظ للوطن هيبته و للشعب كرامته .
بالتأكيد لو أقتصر الرد السوري على هذا القدر من السذاجة و الاستهتار لقلنا لأنفسنا هو الضعف و عدم القدرة ما دفع النظام لهذا الرد الهزيل لكن أن يعقبه تصريح للنظام السوري و على شاشة التلفزيون الرسمي بأن النظام سيسمح للفصائل الفلسطينية بأن تضرب العمق الإسرائيلي من الجولان  فهذا إقرار واضح من النظام بأنه كان و على مدى خمس عقود متتالية يحمي العمق الإسرائيلي و يمنع الفصائل الفلسطينية و التي كانت قياداتها تقيم في كنفه من ضرب إسرائيل
السؤال الأهم لما يلجأ النظام السوري إلى الفصائل الفلسطينية لتنتقم له و تضرب العمق الاسرائيلي و هو كما يدعي مازال يحتفظ بكامل قوته و تنظيمات جيشه الوطني و الأزمة الداخلية على أبواب الحل أم إنه قد استفاد من هذه الهجمة بقدر ما خسر حيث استطاعت لبعض الوقت أن تلهي العالم عن مجازره وخاصةً ما تفعله ميليشيات حزب الله اللبناني في منطقة القصير بحمص من تطهير عرقي و قتلٍ على أساس الطائفة متزامناً مع ما تفعله شبيحته ومعهم مجموعات الحرس الثوري الايراني في مناطق الساحل السوري و أهمها مجازر البيضا و بانياس و غيرها من القرى التي غدت محاور التصفية و القتل …
أن يتم توجيه خمسٍ وثمانين من صواريخ سكود الباليستية إلى مدينة الرقة و  التي اعتبرت أول المدن المحررة من سلطته بالتأكيد هو أمر اعتيادي و مقبول بالنسبة للنظام و داعميه و وزير إعلامه الذي منحته ثرثرته بالدفاع عنه تزكيةً للحصول على الحقيبة الوزارية و لكن مع اسرائيل و التي اغتصبت الأرض و السيادة فالوقت المناسب لم و لن يأت نهائياً ولعل الرد الايراني المتمثل في التنديد بالعدوان و إنها على استعداد لتدريب القوات السورية و كأنها لا تشارك النظام في ذبح شعبه الثائر يضاف إلى ذلك التصريحات من حلفاء النظام ( روسيا – الصين ) بأن على النظام السوري ضبط النفس و عدم اللجوء للرد أدلة واضحة على مدى سخافة النظام السوري و تخاذله في وجه اسرائيل و التي من خلال سديمية العداء معها  ظل يرهب شعبه على مدى عقود بمنطلق إنها ترعى الممانعة و المقاومة .
بالتأكيد اسرائيل لم تكن تقصد من عدوانها هذا النظام و رموزه بل أرادت ضرب المنظومة العسكرية من السلاح خشية وقوعها بيد مقاتلي المعارضة السورية في المستقبل هذه المنظومة التي قدم الشعب السوري من قوت يومه لامتلاكها دون أن يعلم بأنها ستتحول في أحد الأيام إلى أداة لقتله و تهجيره

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…