الرئيس بارزاني: 63 ربيعاً من النضال والتضحية في صفوف البيشمركة

عبداللطيف محمد أمين موسى

للوهلة الأولى، يمكن للقارئ الكريم أن يلاحظ عظمة ودور بارزان، تلك البقعة الجغرافية الصغيرة في موقعها، الكبيرة في رمزيتها، التي تُعبّر عن أبهى صور القدسية في قيم الكردايتي، والتعايش السلمي، وملاحم النضال البطولي في مقاومة الظلم والقهر، وكافة محاولات طمس الهوية القومية الكردية من قبل الأنظمة المتعاقبة على احتلال الشعب الكردي.

تُعد بارزان مدرسة تنهل منها الأجيال المتعاقبة دروساً في العنفوان والصمود والإيمان بأن النضال والإرادة هما السبيل الوحيد لإثبات الوجود الكردي على أرضه الأصلية، كردستان. كما تُعتبر بارزان القلعة التي تتكوّن فيها العقيدة، والصخرة التي تتحطم عليها كل أشكال المؤامرات التي تستهدف إرادة الشعب الكردي. إنها المدرسة التي تغذّي النضال الكردي بالشجاعة في قيادة الثورات بمختلف أشكالها الفكرية والاجتماعية والأخلاقية والنضالية.

إن العظمة التي يتوجب على كل إنسان يؤمن بقيم التحرر والنضال والحرية أن يتوقف عندها، تتمثل في دروس ومعاني الذكرى السنوية لانضمام الرئيس مسعود بارزاني إلى صفوف قوات البيشمركة. أجل، ثلاثة وستون عاماً من الشموخ والفخر لدى الأجيال المتلاحقة المؤمنة بأن كردستان وطن موحد، تم تقسيمه من قبل الأعداء، وأن استمرارية النضال بكافة أشكاله الفكرية والاجتماعية والأخلاقية والثورية، تمثل ركيزة الشعب الكردي في مقاومة الظلم والاضطهاد.

يُعد يوم العشرين من أيار (كولان) عام 1962 يوماً تاريخياً في مسيرة الحركة التحررية الكردستانية، حيث زادت هذه الذكرى من فخر واعتزاز الشعب الكردي، وكل التواقين إلى الحرية، بانضمام الرئيس مسعود بارزاني – الذي لم يكن قد تجاوز السادسة عشرة من عمره آنذاك – إلى صفوف قوات البيشمركة، حيث قرر أن يشارك الأب الروحي، الملا مصطفى البارزاني، مدرسة النضال.

وقد وصف الرئيس مسعود بارزاني هذا اليوم بأسعد أيام حياته، حين قال في كتابه (هاورينامه): “أصبحت واحداً من البيشمركة في يوم 20/5/1962، وأعطوني بندقية من نوع برنو، فشعرت في ذلك الوقت أنني أملك العالم”.

ينتمي الرئيس مسعود بارزاني إلى عائلة مناضلة في بارزان، تلك القلعة الوطنية التي تناضل منذ أكثر من قرن ونصف من أجل نيل حقوق الشعب الكردي في كافة أجزاء كردستان. وقد أثّر نضال بارزان، بقيادة الشيخ عبد السلام، والشيخ أحمد، والملا مصطفى البارزاني، بشكل كبير على مسيرة الشعب الكردي في عموم كردستان.

وفي عظمة هذه الذكرى، لابد من تسليط الضوء على أهم المعاني والدروس التي تقدمها ذكرى انضمام الرئيس مسعود بارزاني إلى صفوف البيشمركة، وهي أن هذا اليوم المجيد يُظهر بجلاء للشعب الكردي عموماً، ولقوات البيشمركة خصوصاً، أن الرئيس مسعود بارزاني سيبقى بيشمركة كوردستان، مستمراً في خدمة قضيته، باقياً مع رفاقه المقاتلين، ويفتخر به الشعب الكردي وقواته البيشمركة، وسيظل واقفاً إلى جانبهم حتى تحقيق كامل الحقوق المشروعة للشعب الكردي.

كما تؤكد هذه الذكرى استمرارية النضال الكردي المتواصل في كافة ثوراته، والتي ستبقى مستمرة من أجل كوردستان موحدة، تم تقسيمها بموجب الاتفاقيات والمؤامرات الدولية. وتزيد هذه الذكرى من قناعة الشعب الكردي بأن الرئيس مسعود بارزاني هو حامل المشروع القومي الكردستاني، المناضل من أجل تحقيق حقوق الكرد في الأجزاء الأربعة من كردستان. وتُعد خطوة إرسال السروك لقوات البيشمركة إلى كردستان سوريا عام 2015 وتحريرها من داعش تجسيداً حقيقياً لهذا المشروع القومي.

إن عظمة هذا اليوم تعزز إيماننا بأن استقلال كوردستان سيكون مستلهماً من عظمة النضال عبر نهج ومدرسة البارزاني الخالد. كما تؤكد هذه الذكرى رسالة الشعب الكردي وقوات البيشمركة إلى العالم، بأنهم دعاة سلام وتسامح وتعايش، ومناضلون ضد الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله.

وفي المحصلة، إن عظمة ذكرى انضمام الرئيس مسعود بارزاني إلى قوات البيشمركة تؤكد حقيقة عظيمة: أن البيشمركة هي أعظم وأقدس مدرسة في قيم التعايش والسلام والدفاع عن المظلوم، وهي وسام فخر في التضحية، وبذل الغالي والنفيس دفاعاً عن كوردستان، وفي إفشال كل مخططات الأعداء الرامية للنيل من إرادة الشعب الكردي ووجوده.

في عظمة هذه الذكرى، ألف تحية إجلال وإكبار لأرواح شهداء الحرية، وتحية حب ووفاء بالعهد للمرجع القومي للشعب الكردي، المتمثل بالرئيس مسعود بارزاني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…