لن تحققوا شيئاً ولن تصلوا إلى أي مكان

شادي حاجي

بداية وقبل الخوض في الموضوع لابد من أن أوضح أنّ قضية حصانةَ حقوق الشعب الكردي في المؤتمر القادم واللجنة الدستورية السورية القادمة مسؤوليةٌ قومية وتاريخية ومسألة مهمة تستوجب العناية والبحث والنقاش وتستحق بذل الجهد والاهتمام الاستثنائيين كعمل وطني وقومي حتى تتحقق الفائدة ولتحقيق هذه الحصانة أقول : لممثلي الحركة الكردية بمختلف الأحزاب والأطر السياسية بكافة تسمياتهم وتوجهاتهم حتى وإذا توصلوا الى التوافق وتشكيل وفد كردي مفاوض موحد لن تحققوا شيئاً ولن تصلوا الى أي مكان أو أي انجاز يتعلق بحقوق الشعب الكردي الدستورية بمشاركتكم في المؤتمر القادم ولا في اللجنة الدستورية القادمة من خلال مناقشاتكم ومداخلاتكم بطرح حل القضية الكردية التي ستتحكم بها النظام الداخلي التي ستصاغ بخصوص إدارة تلك النشاطات وكيفية اتخاذ القرارات التي لا شك ستخضع لطغيان الأغلبية العددية وعملية التصويت ، فالخوف من طغيان الأغلبية يتعلّق بالحاضر وبالمستقبل.
لما سبق ذكره واستناداً على بعض الحقائق التي حصلت في بعض الاتفاقات من هذا النوع في العالم ( التوافقات التي حصلت بين ممثلي اقليم كردستان العراق والأحزاب العربية الشيعية والسنية في مؤتمرات المعارضة العراقية في حينها وفي بغداد قبل كتابة دستور عام ٢٠٠٥ .. نموذجاً ) لا بد من وجود ضمانات قادرة على تحصين وتجنيب تلك الحقوق  من طغيان الأغلبية مهما كبرت حجمها وبلغت قوتها، لذلك يجب الحذر من أن يكون  التفويض الذي سيُمنح لأصحاب القرار الذين سيديرون إدارة المؤتمر الوطني القادم واللجنة الدستورية القادمة الذين سيُناط بهم صياغة القرارات والتوصيات التي ستصدر عن المؤتمر وعن عملية صياغة الدستور تفويضاً مطلقاً بل يجب أن تحدُّه اتفاقات وتوافقات سياسية وقانونية محددة مسبقاً بخصوص حقوق الشعب الكردي وحل قضيته العادلة عن طريق مفاوضات حقيقية بين ممثلي الحركة الكردية وممثلي المكونات الأخرى والإدارة السياسية في دمشق بدعم وتأييد شعبي كردي عام وبدعم وتأييد وتدخل الدول الفاعلة في سوريا ( التحالف الدولي الممثلة بأمريكا والاتحاد الأوربي وربما السعودية ) المؤيدة لمشاركة الشعب الكردي والمكونات الأخرى في الحكومة الانتقالية المؤقتة والمنتخبة القادمة في المستقبل من خارج وقبل المباشرة بالمشاركة في المؤتمر الوطني المزمع انعقاده قريباً وبلجنة كتابة الدستور القادمة تُلزمهم بأن يضمّنوا البيان الختامي للمؤتمر ومسوّدة الدستور قرارات ومبادئ محددة تمس مصير الشعب الكردي وحل قضيته لا تسمح لأي أغلبية حاضرة وقادمة باستبعادها وإلغائها في البيان الختامي للمؤتمر ومسودة الدستور لاحقًا وتجنباً لإدراج أية قرارات ومواد أو أحكام اضافية تخالف تلك القرارات والمواد والمبادئ التي اصطُلح على تسميتها «مبادئ فوق دستورية».
حيث أن الجميع يعلم وهذا لايختلف عليها اثنان، بأن مسألة تثبيت حقوق الشعب الكردي والمكونات الأخرى مسألة خلافية ومعقدة بسبب طبيعة وأحقية حقوق المكونات والأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، لكن لا حل ولا مناص من الخوض فيها بوصفها المدخل الأسلم والأساس، نحو بناء وطن للجميع وتشييد منظومة قانونية سياسية سليمة تضع البلاد على سكة الخلاص والتقدم والازدهار وإذا لم تحل القضية الكردية وقضايا المكونات الأخرى أستطيع أن أقول وقولاً واحداً لأصحاب القرار في الإدارة السياسية في دمشق ولجنتها التحضيرية للحوار ومن وراءهم لن يتحقق الاستقرار الحقيقي طويل الأمد في سوريا .
ألمانيا في ٢٣.٢.٢٠٢٥

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…

ريزان شيخموس بعد سقوط نظام بشار الأسد، تدخل سوريا فصلًا جديدًا من تاريخها المعاصر، عنوانه الانتقال نحو دولة عادلة تتّسع لكلّ مكوّناتها، وتؤسّس لعقد اجتماعي جديد يعكس تطلعات السوريين وآلامهم وتضحياتهم. ومع تشكيل إدارة انتقالية، يُفتح الباب أمام كتابة دستور يُعبّر عن التعدد القومي والديني والثقافي في سوريا، ويضمن مشاركة الجميع في صياغة مستقبل البلاد، لا كضيوف على مائدة الوطن،…