بيان: تعديل المناهج الدراسية في سوريا لا يتناسب مع المجتمع السّوري

نشرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) وصفحة وزارة التعليم على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، نسخة من التعديلات على عدد من المواد في المناهج التعليمية للمرحلة الثانوية بجميع صفوفها، بموجب تعميم حمل توقيع نذير القادري وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، صدر يوم الأربعاء ١ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٥، وشملت التعديلات إعادة صياغة عبارات، وإزالة أو تعديل صور ورسوم في عدد من الكتب المدرسية، وحذف نصوص وفقرات تتعلق بالآلهة في كتب التاريخ والفلسفة، وأيضاً حذف أحاديث في مادة التربية الدينية، واستبدال عبارات وطنية مثل “الدفاع عن الوطن” لتصبح “في سبيل الله”، كما استُبدلت عبارات “المغضوب عليهم” و”الضالين” و”ابتعدوا عن طريق الخير” إلى “اليهود والنصارى”، كما واستبدلت عبارة “طريق الخير” بعبارة “طريق الإسلام”، وتمّ تبديل عبارة “علي كرم الله وجهه” إلى عبارة “علي رضي الله عنه”، وكذلك تم حذف كل الفقرات التي تتحدث عن حقبة حكم الدولة العثمانية، والتي كانت توصف في المناهج السورية على أنه “السلطة العثمانية الغاشمة”، كما تم حذف الوحدة الكاملة المتعلقة بـ”أصل وتطور الحياة”، وحذف فقرة “تطور الدماغ” بالكامل من مادة العلوم، بما في ذلك الصور والرسوم البيانية المرتبطة بها، في مادة العلوم للصف الثالث الثانوي العلمي، كم وتم حذف الدرس الأول من الوحدة الثالثة في مادة العلوم، وتمت إزالة عدد من النصوص بالكامل مثل “الفكر الفلسفي الصيني”، بينما شهدت النصوص المتبقية إعادة صياغة، في مادة الفلسفة، كما وشملت التعديلات أيضاً اعتبار زنوبيا وخولة بنت الآزور شخصيات خيالية وحذف تاريخ الآراميين والكنعانيين وحذف تاريخ الآلهة القديمة، وأيضاً تم حذف صور منحوتات وتماثيل من كتب اللغة الأنكليزية…
إننا في مركز عدل لحقوق الإنسان، في الوقت الذي نعرب فيه عن بالغ قلقنا إزاء التعديلات المذكورة على المناهج التعليمية، رغم التراجع عن قسم منها تحت تاثير رد الفعل الشعبي عليها، فاننا نرى أن طريقة التعاطي مع مثل هذه القصايا الوطنية والقضايا العامة التي تهم جميع مكونات المجتمع السوري بعقلية تفردية وتمييزية..، تشكل خطرا على القصايا الوطنية والسلم الأهلي المجتمعي..، كما وتشكل إضافة إلى من سبقها من إجراءات وتصريحات، محاولة لتفصيل سوريا على مقاس عقيدة معينة، زاخرة بالتمييز والكراهية.. وخالية من أي شكل من أشكال التسامح والتعددية، تهدد مستقبل التعايش والسلم الأهلي فيها، ونؤكد على أنها تتنافي مع مبادئ الحرية والديمقراطية والكرامة والمواطنة المتساوية التي نادى الشعب السوري في ثورته على نظام بشار الأسد، وتؤدي إلى تعميق الانقسامات الحادة التي تكرست في المجتمع السوري خلال السنوات الماضية بسبب الممارسات والسياسات القائمة على الظلم والتمييز والتجاهل والاضطهاد والإقصاء والإنكار، المتبعة من قبل السلطات السورية، ناهيك عن تناقضها الصارخ مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، ومن هنا فإننا نطالب بالتراجع الفوري عنها وعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات للقضايا الوطنية والمجتمعية لسوريا من قبل أفراد لا يمثلون إلا لون واحد من المجتمع السوري، وضرورة إعادة النظر فيها بشكل شامل، بمشاركة ممثلين عن جميع مكونات المجتمع السوري، بحيث تعكس التعديلات المطلوب على هذه المناهج التعليمية، واقع التعددية القومية والدينية والمذهبية والطائفية في المجتمع السوري، وتنسجم مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان.
٣ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٥
مركز عدل لحقوق الإنسان
أيميل المركز:
adelhrc1@gmail.com
الموقع الإلكتروني: www.adelhr.org
https://adelhr.org/portal/category/pressandpublication

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لم تكن ثقافة العنف في سوريا وليدة لحظة أو حدث عابر، بل هي نتاج عقود من السياسات القمعية التي سعت إلى إحكام السيطرة على المجتمع من خلال ممارسات شمولية اعتمدت الترهيب والتدمير المنهجي لأي محاولة للخروج عن النص السلطوي. حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عام 1970، أرسى قواعد نظام أمني مبني على الخوف والولاء المطلق،…

بوتان زيباري رأيتُ سوريا في المنام، تقف على تلٍ عالٍ، عيناها مغمضتان كمن ينتظر حُكم القدر. كان وجهها متعبًا، مُثقلًا بغبار الحروب، وشعرها مشعثًا تراقصه رياح الخوف. ومع ذلك، كانت في عينيها مساحات شاسعة من الأمل، كأنها تقول: “أنا باقية… ولن أنهزم.” في الحلم، لم تكن سوريا مجرد جغرافيا أو خطوطًا متشابكة على الخرائط. كانت أمًّا تضم أطفالها الذين…

إبراهيم اليوسف تمر بلادنا بمرحلة مفصلية، حيث تزداد الحاجة إلى التكاتف والتعاضد بين أبناء الشعب الكردي من جهة، وبينهم والشعب السوري عامة. في خضم هذه الأوقات الصعبة التي تتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف، يصبح من الطبيعي أن تظهر آراء متناقضة وأحيانًا متباعدة في ظل الظروف المعقدة. ولكن ما يزيد الأمور صعوبة هو تحول بعض النقاشات إلى ساحة من الشتائم…

اكرم حسين الفيدرالية لا تعني فقط اقامة نظام حكم إداري أو سياسي ، بل هي فلسفة ترتكز على مفهوم المشاركة الحقيقية في السلطة والموارد، بما يضمن العدالة والتوازن بين مختلف المكونات. ففي سوريا ، حيث يفرض التنوع القومي والديني والجغرافي تحديات عديدة ، تكون الفيدرالية حلاً واقعياً لبناء دولة وطنية حديثة ومستقرة، لا سيما في المناطق الكردية التي عانت تاريخياً…