سوريا الدولة والهوية !!..

شكري  بكر

 

أستهل مقالتي هذه بطرح  الأسئلة التالية :

سوريا ، ماذا بعد سقوط النظام ؟. من سيحكم سوريا بعد سقوط نظام آل الأسد الذي حكم سوريا قرابة ستون عاما .

هل ستحكم سوريا قوة المنطق والواقعية المتمثلة بالقوى السياسية الفاعلة على الأرض ( الإئتلاف الوطني ) .

أم القوة العسكرية التي زحفت نحو تحرير سوريا من نظام الأسدين الأب والإبن ، المتمثلة بهيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها المدعومة من قِبل تركيا ؟.

ويتفرع من هذا السؤال سؤال آخر ألا وهو :

هل الشعب السوري سيتغلب على خلافاته الجانبية القومية منها الدينية ، والتفكير ملياً بمصلحة الوطن وشعوبها ومواطنيها ، بما لا تتعارض مع المقاييس الإنسانية والدولية عبر تمكينهم من إقامة سوريا بكل السوريين ولكل السوريين ؟.

سؤال آخر يتفرع من هذا السؤال ألا وهو :

ما هو أفضل وسيلة من الوسائل التي يتمكن السوريون من خلاله إقامة دولة حديثة للحاق بها بالنظام العلمي الجديد ضمن إطار شرق أوسط جديد قائم على مبدأ العدل والإخاء والمساواة والقانون فوق الجميع ؟.

كل هذه الأسئلة تسحب بنا إلى مقولة مفادها ، ما المطلوب ؟.

أعتقد أن المطلوب أولا هو معرفة أسباب قيام الثورة السورية أو لماذا قامت هذه الثورة ؟.

لا يختلف إثنان أن قيام الثورة السورية التي قادها الشعب السوري بكل أطيافه السياسية والقومية والدينية والمذهبية إلا رفضا لممارسات النظام السوري الفار والذي كان قائما على مبدأ طائفي ، قاتل ومجرم بحق الوطن والشعب والمواطن ، وقد جمع السوريون بجميع مكوناته شعار إسقاط النظام .

بعد أربعة عشر عاما من عذابات وويلات الشعب السوري من قتل ودمار وتهجير  ولجوء نحو الدول المجاورة وإلى شتى أصقاع العالم ، وأخيرا تحقق هدف الشعب السوري في إسقاط النظام ، هنا يمكن الإشارة إلى عوامل المساعدة لهذا الإسقاط ألا هي :

لم يكن الشعب السوري هو العامل الأساسي في عملية إسقاط النظام والتي لم تكن إسقاطا بقدر ما كان فرارا ، هذا الفرار جاء بناءا على توافقات إقليمية ودولية ، ثم الحرب الإسرائيلية على الإرهاب بإستهدافه لكل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة وحزب الله اللبناني ، وكسر شوكة إيران عبر إنهاء أذرع إيران في كل من فلسطين ولبنان وسوريا ، لولا هذين العاملين لما تحقق طموح السوريين في إسقاط أعتى نظام إعتلى السلطة في المنطقة ، وجاء هذا لهدفين :

1 – لأهمية موقع سوريا الإستراتيجي في المنطقة .

2 – لغناها بالثروات المعدنية والباطنية والمائية .

إلا أن القرار سيعود للسوريين في نهاية المطاف .

كيف ، ومتى ؟.

هذا السؤال هو الأهم والذي يشغل بال جميع أطياف المجتمع السوري .

إذاً ، ما العمل ؟.

أعتقد أن المطلوب أولا وأخيرا تشخيص شأن الدولة السورية . يتوجب على السوريون بداية

الوقوف على هوية الدولة ، بحيث تكون بعيدة كل البعد عن أي  فكر إستعلائي قومي كان أو ديني ، مذهبي أم طائفي .

كشعار إسقاط النظام الذي جمعهم كذلك يجب أن يجمهم  شعار البناء .

مهم جدا إقامة سوريا كدولة حديثة ونموذجية لتصبح مثالا يحتظى به جميع دول المنطقة والركب في مسارها جميع دول المنطقة .

كيف ؟.

عبر العمل نحو عقد مؤتمر وطني سوري شامل يحضره كافة القوى السياسية الفاعلة على الأرض من قومية ودينية ومذهبية وطائفية لإنجاز ما يلي :

دستور وطني يضمن حقوق جميع مكونات المجتمع حسب الأصول بما يتوافق مع المعايير الدولية بإستحقاقات بناء الدولة الحديثة

بناءا العهود والمواثيق الدولية في حق الأمم في تقرير مصيرها .

إجراء إنتخابات حرة ونزيهة وبرعاية أممية تتغلب فيه المجتمع

السوري على المفاهيم القائمة على مبدأ المحاصصة والتوافقات التي من الممكن القيام بعض القوى سياسية كانت أم قومية أم دينية

التي يمكن تجهيزها وراء الستائر أو في غرف مظلمة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…