خالد حسو
بعد سقوط نظام بشار الأسد وأركانه، ونجاة الدولة السورية بمكوناتها وشعوبها وأقلياتها القومية والدينية، باتت سوريا تقف على حافة حقبة جديدة، مليئة بالتحديات، لكنها تحمل آمالًا واسعة لتأسيس دولة عادلة، ديمقراطية، جامعة لكل أبنائها. إن اللحظة الراهنة تفرض علينا جميعًا، بمختلف انتماءاتنا القومية والفكرية والدينية، أن نتلاحم ونتكاتف لبناء سوريا المستقبل، سوريا التي تليق بكل من ضحى وعانى من أجل حريتها.
المرحلة الراهنة: محطة مفصلية في التاريخ السوري
إن المرحلة التي نعيشها اليوم ليست مجرد انتقال سياسي، بل هي فرصة تاريخية لإعادة بناء الوطن على أسس تضمن العدل والمساواة لجميع أبنائه، دون تمييز أو إقصاء. لتحقيق هذا الهدف، لا بد أن تكون الجهود مشتركة، والأهداف واضحة، والخطوات مدروسة. وأبرز ما يجب التركيز عليه في هذه المرحلة:
- بناء برنامج وطني كردي ديمقراطي مشترك:
- إن القضية الكردية كانت دائمًا جزءًا من التحديات التي تواجه الدولة السورية. الآن، يتوجب طرحها بجرأة وشفافية.
- يتعين على الأحزاب الكردية، التيارات الديمقراطية، والشخصيات المستقلة صياغة برنامج كردي وطني يُعبر عن تطلعات الشعب الكردي، ويكون جزءًا لا يتجزأ من الرؤية الوطنية السورية.
- هذا البرنامج يجب أن يُثبت حقوق الشعب الكردي دستوريًا، بما في ذلك حقه في تقرير المصير ضمن إطار الدولة السورية الواحدة.
- تعديل الدستور وصياغة عقد اجتماعي جديد:
- العمل على دستور جديد يضمن الحقوق القومية والثقافية والدينية لكل مكونات الشعب السوري.
- تثبيت مبدأ المواطنة المتساوية كأساس للحكم.
- الاعتراف بجميع القوميات والأقليات كجزء أصيل من نسيج المجتمع السوري.
- ضمان احترام حقوق الإنسان، المرأة، والطفل كجزء لا يتجزأ من مبادئ الدولة الجديدة.
- إعادة بناء الدولة ومؤسساتها:
- يجب أن تكون الدولة الجديدة دولة مؤسسات، تقوم على أسس العدالة والشفافية والمساواة.
- مشاركة جميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية، في بناء المؤسسات الوطنية.
- نبذ ثقافة الإقصاء والكراهية، وإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع.
سوريا المستقبل: رؤية جامعة للجميع
سوريا السلام والطمأنينة:
دولة تتجاوز الماضي الأليم وتعمل على تحقيق المصالحة الوطنية، حيث يتم تضميد الجراح وترميم العلاقات بين كافة المكونات.
سوريا العدالة والديمقراطية:
وطن يضمن لكل مواطن حقوقه كاملة دون تمييز، ويحقق العدالة الاجتماعية والقانونية.
سوريا الحرية والمحبة:
دولة تحتضن التنوع الثقافي والديني واللغوي كقوة إيجابية تدفع نحو الوحدة والتقدم.
سوريا التقدم والتطوير:
وطن يستثمر في العقول والإبداع، ويعمل على بناء اقتصاد عادل وشامل، يوزع ثرواته بين جميع مناطقه وأبنائه.
المقومات الأساسية لبناء الدولة السورية الحديثة
- الحرية والعدالة والمساواة:
هذه المبادئ هي الركائز التي تضمن استقرار المجتمع وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن.
- تكافؤ الفرص:
يتوجب ضمان مشاركة جميع فئات المجتمع، بغض النظر عن انتماءاتهم، في بناء الوطن.
- التوزيع العادل للثروات:
لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة إلا من خلال توزيع الثروات بشكل عادل بين جميع المناطق، بما يعالج التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الذي عانى منه السوريون لعقود.
رسالة أخيرة: سوريا بحاجة للعقول لا السيوف
إن المرحلة القادمة تتطلب من الجميع الارتقاء فوق الخلافات، والتخلي عن ثقافة العداء والانتقام. سوريا بحاجة إلى من يبنون، لا من يهدمون. إلى من يعيدون إحياء قيم المحبة والتسامح والحرية، ويعملون على تحقيق العدالة والكرامة للجميع.
لن تكون سوريا القادمة إلا وطنًا للسلام والطمأنينة، العدالة والديمقراطية، الحرية والمساواة. وطنًا يحترم حقوق جميع مواطنيه، أديانهم، ثقافاتهم، وقومياتهم. إنها اللحظة التي يجب أن تتحول فيها سوريا إلى نموذج للوحدة في التنوع، ومثال حي على أن إرادة الشعوب، حين تتحد، قادرة على بناء مستقبل أفضل للجميع.
سوريا المستقبل هي سوريا المحبة، الحرية، والعدالة. دعونا نبنيها معًا …..