شيرزاد اليزيدي
كانت قناة «الجزيرة» سباقة في افتتاح مكتب لها في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.
وعلى رغم منعها من العمل في بقية أرجاء العراق، إلا أن السلطات الكردية سمحت لمكتب «الجزيرة» بالاستمرار في العمل في الإقليم في خطوة مبدئية وذكية عكست احترام حرية الإعلام ووفرت منبراً في وسيلة إعلام عربية واسعة الانتشار لعرض القضية الكردية وطرحها على لسان المسؤولين والسياسيين والمثقفين الأكراد ممن تستضيفهم «الجزيرة» عبر مكتب أربيل، الأمر الذي من شأنه تبديد كثير من المواقف المسبقة من القضية الكردية لدى المتلقي العربي.
وبعد سنوات قليلة من تدشين «الجزيرة» مكتبها في كردستان لتغطية أخبار هذا الجزء الفاعل والمهم من العراق افتتحت «العربية» مكتباً لها في أربيل.
وعلى رغم منعها من العمل في بقية أرجاء العراق، إلا أن السلطات الكردية سمحت لمكتب «الجزيرة» بالاستمرار في العمل في الإقليم في خطوة مبدئية وذكية عكست احترام حرية الإعلام ووفرت منبراً في وسيلة إعلام عربية واسعة الانتشار لعرض القضية الكردية وطرحها على لسان المسؤولين والسياسيين والمثقفين الأكراد ممن تستضيفهم «الجزيرة» عبر مكتب أربيل، الأمر الذي من شأنه تبديد كثير من المواقف المسبقة من القضية الكردية لدى المتلقي العربي.
وبعد سنوات قليلة من تدشين «الجزيرة» مكتبها في كردستان لتغطية أخبار هذا الجزء الفاعل والمهم من العراق افتتحت «العربية» مكتباً لها في أربيل.
وليس خافياً على احد أنها و«الجزيرة» تخوضان غمار منافسة محمومة يمكن القول إنها تأخذ شكل تضاد كامل بين مدرستين إعلاميتين مختلفتين.
فبينما تعتمد الأخيرة تثوير المشاهدين فإن الأولى تعتمد تنويرهم.
وعلى رغم أن بعضهم يرى في الأمر امتداداً لرقعة المنافسة بين القناتين إلى ارض كردستان، إلا أن هذا لا يقلل من الأهمية القصوى المترتبة على وجود هذين المكتبين في الإقليم الكردي العراقي وما ينطوي عليه من تكريس مساحة تفاعل وتواصل عربية – كردية.
يقتضي الإنصاف القول ان المكتبين تمكنا خلال مدة قصيرة نسبياً من تقديم جملة أعمال وبرامج حصدت نجاحاً مدوياً لدى شرائح واسعة من المشاهدين بعربهم وأكرادهم.
وتميز بعضها بطابع توثيقي متقن، ما فتح كوة في جدار التعتيم الإعلامي على جملة قضايا كانت مهملة ومجهولة بالنسبة الى المشاهد العربي حول القضية الكردية لعل أبرزها الحلقتان اللتان قدمهما مدير مكتب «الجزيرة» أحمد الزاويتي في برنامج «تحت المجهر» عن مسيرة الزعيم التاريخي الكردي مصطفى البارزاني النضالية إضافة إلى سلسلة التقارير والبرامج الميدانية التي قدمها من معاقل حزب العمال الكردستاني، لا سيما حلقة «دولة الجبل» من برنامج «تحت المجهر».
وكذلك تلك التي شرع مدير مكتب «العربية» أحمد الصالح في تقديمها وآخرها حلقة «مملكة الجبال» من برنامج «مهمة خاصة» في جبال قنديل وسط مواقع حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن عشرات التقارير والمقابلات والتغطيات والريبورتاجات المتميزة.
إلا أن الملاحظ على رغم كل هذه النجاحات أن ثمة نقطة ضعف واضحة في أداء هذين المكتبين تتمثل في التركيز على البعد السياسي مع إغفال تغطية الجوانب الحياتية الأخرى اقتصاداً وثقافة واجتماعاً… ما يمكنها في حال الاهتمام بها من توفير أرضية خصبة لكثير من المواد والتحقيقات والبرامج المعنية بتسليط الضوء على جوانب إنسانية وحياتية يومية عن واقع المجتمع الكردي وتفاعلاته وتطلعاته حيث يشهد الإقليم عملية بناء وتنمية متقدمة بشرياً ومادياً قياساً بالأجزاء الأخرى من العراق.
حتى في الجوانب السياسية، فإن الأولوية تعطى للقضايا والملفات الخلافية بين الإقليم والحكومة العراقية كالخلاف مثلاً على العقود النفطية بين بغداد وأربيل.
أما بقية الأحداث والتطورات السياسية ذات الطابع المحلي الخاص بالإقليم، فثمة إهمال إلى حد ما في الإضاءة عليها كما ينبغي.
فمثلاً ثمة حركة وفود ديبلوماسية وثقافية واقتصادية إقليمية ودولية مكثفة إلى الإقليم مترافقة مع افتتاح وتدشين عشرات القنصليات والممثليات الديبلوماسية والمكاتب التجارية والمشاريع الاستثمارية لكثير من دول العالم، لا سيما الأوروبية منها.
وفي مثل هذه الأيام يتدفق مئات آلاف المصطافين العرب العراقيين من محافظات الوسط والجنوب إلى مصايف كردستان التي تمتاز بجمال طبيعتها التي لا تشبهها في منطقتنا إلا طبيعة لبنان.
حتى الزيارات الرسمية التي قام بها أخيراً مسؤولون عرب إلى كردستان لم تحظ بأي اهتمام يذكر.
فمن لبنان وحده زار الإقليم خلال الأسابيع القليلة الماضية وزيرا السياحة ايلي ماروني والاقتصاد والتجارة محمد الصفدي ونائب رئيس الحزب التــقدمي الاشتراكي دريد ياغي.
والمدهش أن التجاهل انسحب حتى على الزيارة التاريخية اللافتة التي قام بها إلى كردستان العراق ولي عهد إمارة رأس الخيمة في دولة الإمارات الشيخ سعود بن صقر القاسمي.
فكل هذا الحراك الديبلوماسي والثقافي والاستثماري والتنموي والسياحي النشط لم تتناوله القناتان بما يتناسب مع حجمه وزخمه ربما لاعتبارات تحريرية تعطي الأولوية للقضايا العربية الساخنة كون المحطتين عربيتين في النهاية.
ولكن ينبغي ألا ننسى أن الأكراد في العراق وفي سورية أيضاً يشكلون مكوناً رئيساً في كلا البلدين ويتعايشون مع العرب فيهما جنباً إلى جنب، يؤثرون فيهم ويتأثرون بهم، ما يعني أن تغطية الشؤون الكردية والتركيز عليها في الإعلام العربي ضرورة ملحّة.
فنحن لا نتحدث هنا عن شعب يعيش في مجاهل أفريقيا أو في جزر نائية وسط المحيطات حتى يقال إن الأولوية هي لقضايا الساعة والمنطقة العربية، بل إننا حيال تجربة ديموقراطية في إقليم يشكل جزءاً محورياً من العراق سياسياً واقتصادياً وديموغرافياً… ومن الأهمية بمكان الإطلال على شؤونه وشجونه بما يظهر حقيقة الوضع الآمن والمستقر والمزدهر في هذا الجزء الحيوي من العراق وفق رؤية إعلامية عربية منفتحة ومتفهمة لخصوصية الشعب الكردي وعدالة قضيته.
وعلى رغم هذه الملاحظات التي سقناها أعلاه على أمل الأخذ بها ربما من جانب القيمين على قناتي «العربية» و«الجزيرة» بهدف الارتقاء أكثر وأكثر بدور وأداء مكتبيهما في أربيل اللذين وبالنظر إلى حجم القضية الكردية وعمق امتداداتها الإقليمية وتأثيراتها الدولية ينبغي النظر اليهما ليس كمجرد مكتبين وحسب، بل هما يشكلان جسراً ومرآة بين الشعبين العربي والكردي بخاصة ان القناتين، لا سيما «العربية»، تحظيان بمتابعة عالية بين المشاهدين الأكراد والعرب بطبيعة الحال.
ومن يدري؟ ربما ينجح الإعلام في ترميم ما خربته السياسة على صعيد العلاقات العربية – الكردية.
وهنا، فإن الرهان كبير على الدور المهني الايجابي الواضح لمكتبي «الجزيرة» و«العربية» وللزميلين الأحمدين الصالح والزاويتي.
—–
فبينما تعتمد الأخيرة تثوير المشاهدين فإن الأولى تعتمد تنويرهم.
وعلى رغم أن بعضهم يرى في الأمر امتداداً لرقعة المنافسة بين القناتين إلى ارض كردستان، إلا أن هذا لا يقلل من الأهمية القصوى المترتبة على وجود هذين المكتبين في الإقليم الكردي العراقي وما ينطوي عليه من تكريس مساحة تفاعل وتواصل عربية – كردية.
يقتضي الإنصاف القول ان المكتبين تمكنا خلال مدة قصيرة نسبياً من تقديم جملة أعمال وبرامج حصدت نجاحاً مدوياً لدى شرائح واسعة من المشاهدين بعربهم وأكرادهم.
وتميز بعضها بطابع توثيقي متقن، ما فتح كوة في جدار التعتيم الإعلامي على جملة قضايا كانت مهملة ومجهولة بالنسبة الى المشاهد العربي حول القضية الكردية لعل أبرزها الحلقتان اللتان قدمهما مدير مكتب «الجزيرة» أحمد الزاويتي في برنامج «تحت المجهر» عن مسيرة الزعيم التاريخي الكردي مصطفى البارزاني النضالية إضافة إلى سلسلة التقارير والبرامج الميدانية التي قدمها من معاقل حزب العمال الكردستاني، لا سيما حلقة «دولة الجبل» من برنامج «تحت المجهر».
وكذلك تلك التي شرع مدير مكتب «العربية» أحمد الصالح في تقديمها وآخرها حلقة «مملكة الجبال» من برنامج «مهمة خاصة» في جبال قنديل وسط مواقع حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن عشرات التقارير والمقابلات والتغطيات والريبورتاجات المتميزة.
إلا أن الملاحظ على رغم كل هذه النجاحات أن ثمة نقطة ضعف واضحة في أداء هذين المكتبين تتمثل في التركيز على البعد السياسي مع إغفال تغطية الجوانب الحياتية الأخرى اقتصاداً وثقافة واجتماعاً… ما يمكنها في حال الاهتمام بها من توفير أرضية خصبة لكثير من المواد والتحقيقات والبرامج المعنية بتسليط الضوء على جوانب إنسانية وحياتية يومية عن واقع المجتمع الكردي وتفاعلاته وتطلعاته حيث يشهد الإقليم عملية بناء وتنمية متقدمة بشرياً ومادياً قياساً بالأجزاء الأخرى من العراق.
حتى في الجوانب السياسية، فإن الأولوية تعطى للقضايا والملفات الخلافية بين الإقليم والحكومة العراقية كالخلاف مثلاً على العقود النفطية بين بغداد وأربيل.
أما بقية الأحداث والتطورات السياسية ذات الطابع المحلي الخاص بالإقليم، فثمة إهمال إلى حد ما في الإضاءة عليها كما ينبغي.
فمثلاً ثمة حركة وفود ديبلوماسية وثقافية واقتصادية إقليمية ودولية مكثفة إلى الإقليم مترافقة مع افتتاح وتدشين عشرات القنصليات والممثليات الديبلوماسية والمكاتب التجارية والمشاريع الاستثمارية لكثير من دول العالم، لا سيما الأوروبية منها.
وفي مثل هذه الأيام يتدفق مئات آلاف المصطافين العرب العراقيين من محافظات الوسط والجنوب إلى مصايف كردستان التي تمتاز بجمال طبيعتها التي لا تشبهها في منطقتنا إلا طبيعة لبنان.
حتى الزيارات الرسمية التي قام بها أخيراً مسؤولون عرب إلى كردستان لم تحظ بأي اهتمام يذكر.
فمن لبنان وحده زار الإقليم خلال الأسابيع القليلة الماضية وزيرا السياحة ايلي ماروني والاقتصاد والتجارة محمد الصفدي ونائب رئيس الحزب التــقدمي الاشتراكي دريد ياغي.
والمدهش أن التجاهل انسحب حتى على الزيارة التاريخية اللافتة التي قام بها إلى كردستان العراق ولي عهد إمارة رأس الخيمة في دولة الإمارات الشيخ سعود بن صقر القاسمي.
فكل هذا الحراك الديبلوماسي والثقافي والاستثماري والتنموي والسياحي النشط لم تتناوله القناتان بما يتناسب مع حجمه وزخمه ربما لاعتبارات تحريرية تعطي الأولوية للقضايا العربية الساخنة كون المحطتين عربيتين في النهاية.
ولكن ينبغي ألا ننسى أن الأكراد في العراق وفي سورية أيضاً يشكلون مكوناً رئيساً في كلا البلدين ويتعايشون مع العرب فيهما جنباً إلى جنب، يؤثرون فيهم ويتأثرون بهم، ما يعني أن تغطية الشؤون الكردية والتركيز عليها في الإعلام العربي ضرورة ملحّة.
فنحن لا نتحدث هنا عن شعب يعيش في مجاهل أفريقيا أو في جزر نائية وسط المحيطات حتى يقال إن الأولوية هي لقضايا الساعة والمنطقة العربية، بل إننا حيال تجربة ديموقراطية في إقليم يشكل جزءاً محورياً من العراق سياسياً واقتصادياً وديموغرافياً… ومن الأهمية بمكان الإطلال على شؤونه وشجونه بما يظهر حقيقة الوضع الآمن والمستقر والمزدهر في هذا الجزء الحيوي من العراق وفق رؤية إعلامية عربية منفتحة ومتفهمة لخصوصية الشعب الكردي وعدالة قضيته.
وعلى رغم هذه الملاحظات التي سقناها أعلاه على أمل الأخذ بها ربما من جانب القيمين على قناتي «العربية» و«الجزيرة» بهدف الارتقاء أكثر وأكثر بدور وأداء مكتبيهما في أربيل اللذين وبالنظر إلى حجم القضية الكردية وعمق امتداداتها الإقليمية وتأثيراتها الدولية ينبغي النظر اليهما ليس كمجرد مكتبين وحسب، بل هما يشكلان جسراً ومرآة بين الشعبين العربي والكردي بخاصة ان القناتين، لا سيما «العربية»، تحظيان بمتابعة عالية بين المشاهدين الأكراد والعرب بطبيعة الحال.
ومن يدري؟ ربما ينجح الإعلام في ترميم ما خربته السياسة على صعيد العلاقات العربية – الكردية.
وهنا، فإن الرهان كبير على الدور المهني الايجابي الواضح لمكتبي «الجزيرة» و«العربية» وللزميلين الأحمدين الصالح والزاويتي.
—–
دار الحياة