نفسيه وعقلية وتفكير المواطن السوري قبل وبعد الاحداث:

خالد بهلوي

الاحداث المستمرة منذ ثلاثة عشر عاما  دفع ضريبتها كل أسرة على امتداد ساحة الوطن  ولا زالت اثارها على الانسان السوري تتصاعد ولكن  بنسب مختلفة ؛  حيث تبدلت نفسية وعقلية الكثير وتغيرت نظرتهم وافكارهم ومواقفهم وتجلى ذلك واضحا في ممارسات  حياتهم اليومية وتعاملهم مع المجتمع  ؛

احد  نجوم التمثيل :  قال كل انسان ممثل بشكل وبآخر فتجد سلوكه في المدرسة يختلف عن سلوكه في مطعم ؛ويختلف  عن طباعه  في ندوة مثقفين ؛ ويمارس دوره في الاسرة بشكل مختلف عن دوره في العمل  ؛حتى مع الاصدقاء ؛الصديق المثقف غير الجاهل غير الشرير وهكذا يتعامل مع كل حاله بشكل مختلف الحقيقة هو  يمثل دوره على مسرح الحياة .

بشكل واضح اختلف مزاج وطباع أي شخص قبل وبعد الاحداث لان الانسان مجموعه من العلاقات الاجتماعية يؤثر ويتأثر بالواقع والمحيط والظروف التي يعيش فيها والتي تجبره أحيانا  اتباع نمط محدد من المواقف والسلوك .

أي فرد كان يعيش هادئا مع كل افراد المجتمع دون تمييز؛  يؤمن قوت يومه ومعيشه اطفاله بكل يسر ؛ ولم يكن يخاف على مستقبل أولاده ولا على  اختيار شريكة حياتهم او مستقبلهم بالدراسة في معاهد وجامعات القطر .

اصبح اكبر ما يشغل باله وتفكيره تامين مستلزمات الحياة اليومية خبز-غاز- مازوت – ماء  ؛ وتعليم أطفاله وتأمين مستقبلهم والعيش بأمان ونسيان الماضي رغم قساوته  خاصة الظلم الذي كان يمارس على الكثير من الابرياء.

واكثر ما يقلق كل مواطن هو الانتقام او النظرة الدونية المتبادلة والتي زرعت في عقول البعض من افراد الشعب ؛ هؤلاء ينتظرون فرصة ينتقمون فيها من الاخرين ؛ اكيد سيكون عواقبها وخيمة اذا غاب دور النزيهين والمثقفين والمخلصين والوطنيين الغيورين على  الوطن والشعب دون تمييز  .

للأسف اصبح فكرة الثأر والانتقام التي يغذيها البعض لمصالحه الخاصة ويستغل ما حدث بين من يملك القيادة والقوة والسلاح و بين  ضحاياهم ؛ او من قبل اشخاص تم غسل دماغهم وتحريضهم على إيذاء وقتل الابرياء دون ذنب ؛ لهذا كان تأثير الاحداث على نفسية وعقلية الانسان السوري قاسيا

واكثر قساوة كانت ولا زالت على عقلية وتفكير الشباب وخاصة من كبر ودخل سن المراهقة وهو يعيش يوميات القتل والتدمير والتهجير والتشريد والفقر والجوع والحرمان من التعليم .

اذا طلبت من أي طفل ان يرسم لوحه مباشرة سيرسم دبابه او رشاش او سيف  او مسدس  لان هذه الأسلحة تجوب الشوارع ليل نهار على مراى من الأطفال ولان معظم المحلات تبيع هذه المنتجات لأنها الأكثر رواجا وهذه الثقافة الرائجة في المجتمع .للأسف هذه الحالات والمفاهيم  وكأنها حالة صحيه  ؛ بالحقيقة هو واقع فرض نفسه بقوة السلاح والمال على الشعب  ؛ اما في الدول الاوربية لا يعرف الطفل الدبابة ولا السيف ولا المسدس الا من خلال الأفلام المسموح عرضها . .

الكثير من الشباب  ترك الدراسة واتجه نحو الغربة والهجرة الى أوروبا بحثا عن الأمان ومستقبل أفضل . من استقر في الأردن – لبنان – تركيا لم يتوفر له عمل ؛ ومن عمل لم يستطع ان يوفر ابسط مستلزمات معيشته ولا استطاع ان يتزوج ويبني اسرة او مستقبل علمي او يساعد اسرته  .

ومن بقي في البلد يعاني الكثير في تأمين لقمة خبزه او مصروفه  بعض الشباب  أنضم للفصائل المسلحة بحثا عن راتب  ومركز وسطوة على الاخرين لينتقم ما حدث له ولأسرته وأبناء حارته او قريته ؛  أصبحت  صورة الحياة  قاتمة  لغالبية الشعب ؛ حيث استحال على أي انسان ان يعيش بهدوء و يحقق أحلامه وما كان يفكر ويخطط له قبل الاحداث .

بالمقابل البعض اصبح لديه رصيد مالي ومرآب اليات وفيلات فاخرة  ؛ ويتمنى ان تستمر الاحداث ليبقى مستفيدا ولو كان على حساب سعادة وكرامة الاخرين ,

الحقيقة ان الاحداث اثرت على الانسان السوري من جميع النواحي الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية . والأخطر على نفسيته ونظرته وطريقه تعامله مع الواقع ومع المستقبل .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…