الدولة التركية وسلام الطبول

  خليل كالو

 لننتظر يوم 10/11/2009 لنرى ماذا بعد في جعبة حكومة حزب العدالة والتنميةAkp   في ذكرى رحيل أتاتورك وعما سيتم مناقشته في البرلمان التركي بخصوص مسألة الكرد والتكهن المزمع لفتح الطريق أمام خيارات عديدة لحل هذه المشكلة المستعصية على الدولة التركية منذ زمن بعيد  وإلى ذلك الحين سوف ندلي بدلونا قياسا على منطق تاريخ السياسة الدولة التركية عبر كل مراحلها ومن خلال رؤى كافة أطيافها ومشاربها السياسية والثقافية والاجتماعية حيال الكرد منذ تأسيس الجمهورية وإلى يوم قريب.
 إن نظرة سريعة وغير فاحصة على مجمل المراحل التي كانت مليئة بالأحداث الدامية من صراع عنيف بين الكرد والترك وسياسة الصهر والاندماج القسري والإنكاري لحقوق قومية للكرد برمتها  لرميهم خارج التاريخ والجغرافيا سوف يخرج بالمرء من خلالها بانطباعات وتكهنات غير مشجعة ومنطقية و قول الجزم بأن الدولة التركية سوف لن تقدم على مصالحة أو اعتراف بحقوق الكرد كما يريده الكرد بل ربما ستكون أقل بقليل مما يسعون إليه وربما لن تتجاوز قليل من حقوق ثقافية مبتورة ترسم  بقوانين وتحددها بشروط وما كل سعيها من خلال مؤسسة المجلس المللي إلى تفتيت وتقسيم الصف الكردي بعد أن تعاظمت وتوسعت دائرة الكردايتي تحت قيادة حزب العمال الكردستاني والفعاليات الداخلية بقيادة حزب الشعب الديمقراطي الذي هو بمثابة الجناح السياسي المرخص له حسب الدستور التركي ونية الأتراك في انتهاج سياسة جديدة حيال المنطقة بعد حدوث فراغ فيها من تشتت الدول العربية والصراع الإسرائيلي العربي المزمن والاستفادة منه بفرض ذاتها كوسيط مفترض قادم والصراع الإيراني الغربي على ملفها النووي وتمادي إيران باتجاه الديار العربية باستغلالها ثقافة الدين والمذهب وضعف العرب  وتعاظم الاقتصاد التركي للبحث عن موطئ قدم  وأخذ مكان لها في أسواق المنطقة بعد أن ضاقت عليها أسواق أوربا وجنوب شرق آسيا.

ما تسعى له الدولة التركية هي حتى الآن تصريحات تخاطب الرأي العام التركي والكردي لتلطيف الأجواء وإزالة الاحتقان والتخفيف من حدة الطلاق النفسي للإقدام إلى خطوة هي من رسمتها من خلال سياسة المجلس القومي وهذه الخطوة هي داعية إلى السلم الأهلي والقومي بين المكونين الرئيسيين على الطريقة التركية في جو من التناقضات والعقد الكثيرة بين المكونات الأساسية في المجتمع التركي والكردي وخاصة الأركان الأساسية  للسياسة التركية ـ العسكر ـ الحكومة ـ المعارضة  هذه الثلاثية غير متفقة على رأي واحد بل متناقضة في الرؤى والحلول  والهدف مع غياب الرأي الكردي الأساسي المتمثل في قيادة pkk على أغلب الظن حيث يسعى العسكر ويحث الحكومة إلى إعطاء أدنى ما يمكن من حقوق للكرد ومن دون pkk وكذلك موقف المعارضة التركية التي ترفض مساعي الحكومة قبل الانتخابات المقبلة لما للحدث من تأثير على مستقبل تلك الأحزاب وتسعى إلى إثارة الرأي العام بعزقها على وتر القومية التركية واتهام أردوغان بالخيانة الوطنية أما الحكومة هي ليست جادة كما ينبغي وكما يتصورها البعض بل تسعى هي إلى حل يرضي ممن حولها من المواليين والمصوتين لها لتحافظ على مكتسباتها في كردستان إلى أبعد مدى وعزل حزب العمال الكردستاني بأسلوبها وذلك بإعطاء بعض من الحقوق الثقافية ودعوة كل التيارات السياسية والشخصيات المعارضة المعتدلين من الكرد حسب تصنيف الدولة التركية بالرجوع إلى تركيا والعمل في ظل القوانين والدستور التركي ويمكن أن تعدل بنود منها إذا ما نجحت حكومة أردوغان فيما تسعى إليها وكانت آخر دعوات أردوغان للفنان الكردي الكبير شفان برور بالرجوع إلى تركيا ومن خلال عدد من البرلمانيين الكرد من حزب العدالة بالإضافة إلى ما سيقدم عليه البرلمان يوم 10 /11 من نقاشات حول تلك المسالة حسب قول وكالات الأنباء التركية الأخيرة .

كل التوقعات والدلائل تشير على حقيقة خفية ومرة لن يقبلها الكرد بأي حال من الأحوال وهي نية التخلص من pkk وتنظيماتها أي الإبقاء على الكرد من دون قيادة  بعد أن استعملت الدولة التركية كل السبل والوسائل من الحرب القذرة والخاصة والنفوذ السياسي والدولي والاقتصادي على مدى أكثر من ثلاثين عاماً فلم تحصد نتائج ترضيها وقد فوجئت بما وصل إليه الكرد على الساحة الداخلية من تحقيق مكاسب قومية وتماسك اجتماعي وسياسي وقوة ميدانية من خلال تنظيمات المجتمع المدني وهذا هو أهم  انجاز يحققه الكرد خلال العمل السياسي منذ قرن وقد ترجمت تلك القوة خلال الانتخابات الأخيرة ومن خلال التعاظم الجماهيري  الكبير المؤيد من الكرد لقضيتهم خلال السنوات الأخيرة وكانت آخر هذه الرسائل الموجه للدولة التركية الاستقبال المليوني لرجال المقاومة من عناصر حزب العمال من الجبل بالرجوع إلى أرض الوطن كأحرار وأبطال قوميين من نقطة عبورهم من إبراهيم خليل إلى ديار بكر (آمد) مما أغاطت تلك اللوحة الجميلة الشوفينية التركية وأغضبت النخب التركية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حتى الحكومة ذاتها التي رخصت بالأمر ومن ثم رضوخ أردوعان  وحكومته إلى دعوات العنصرية التركية الذي هو صاحب فكرة ومبادرة السلام   فإذا بهم لا يتحملون مظاهر مشاهد الفرح والاستقبال تلك فكيف لنا أن نصدق ما تسعى إليه حكومته بأن يمنح الكرد حقوق قومية التي سوف تترتب عليها مظاهر فرح وبهجة أكثر بآلاف المرات عما حصل بالإضافة إلى انتزاع حقوق قومية وشراكة في الحكم وتقسيم الكثير من الامتيازات التي اغتصبها الأتراك دولة وشعباً على حساب الكرد منذ  نشوء الدولة الحديثة وتغيير الكثير من مبادئ وقوانين المواطنة وبنود الدستور في الدولة التركية على أسس السياسة الجديدة المفترضة .

على كل حال ستبقى الأمور والتطورات المزمعة رهناً بالمستقبل وقبول النخب التركية جميعها بالأمر الواقع وإدراك حقيقة لا لبس فيها وهي أن الكرد قوم وأمة وقومية على هذه الجغرافية لن ينصهروا كما خطط له من زمن السلطان ياووز وإلى أردوغان وعلى المدى المنظور فحري بهم أن يتحكموا للعقل ومنطق التاريخ فكل ما قام به الكرد من ثورات وانتفاضات من شرف خان البدليسي إلى حزب العمال الكردستاني هي ضمن نفس السياق والهدف والمسيرة فما لم يستطع عليه أجداد الأتراك الآن لن يقدر عليه أحفادهم غداً .وهذه هي حقيقة الكرد الذهبية التي تصدأ مع الأيام والسنين وتتحمل كل الظروف دون أن تفقد من قيمتها إلى تنال ما تريد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…