-1-
كنا قليل عديدنا في البداية, لم نكن نتجاوز عدد اصابع اليدين, كنا نحلم ونفكر في ايجاد عمل ما تخص الشأن الكوردي, السياسي والثقافي معا, واتفقنا العمل معا دون الالتفات الى الماضي الحزبوي المؤلم والذي قضينا فيه جل عمرنا, وانهالت فوق رؤوسنا لعنة الفاشلين من النجوم الكذابة, وتهنا ويا للاسف في ظلماتهم الرهيبة.
في بداية الاعلان عن ميلاد منتدى ثقافي كوردي, كانت ثمة حركة ايجابية مفاجئة عمت سوريا وقتئذ, حيث تعالت اصوات جادة في كافة المدن السورية, دعت الى المكاشفة والشفافية, وبذلنا معا لكي نكون جزء فعالا من المجتمع السوري وذات حضور قوي عبر هذا المنتدى الثقافي الرائع
وفي لحظة من اللحظات – اللاتاريخية – حيث اعلنت الكواكب الملعونة نكستها الأبدية على الشارع السوري كما هي العادة في بلداننا البائسة ودق ناقوس الموت من وعلى مدرج جامعة دمشق بقيادة عبدالحليم خدام محذرا كل الذين يودون الى جزأرة سوريا, وراح يتكلم عن الحرية والديمقراطية والمجتمع المدني, وأكد بأن (أخطر ما أنتجه الوضع الدولي الجديد هو تفكيك الوحدات الوطنية عبر طرح شعار تقرير المصير).
من اللحظة بلغت الشراسة بكافة الفروع الامنية وخاصة الامن السياسي, وفي القامشلي تحديدا اقدمت الامن السياسي بالضرب والاهانة لاثنين من مؤسسي منتدانا وهما الشهيد محمد امين جمال والسيد مروان عثمان.
-2-
لقد كنت أنت ايها الصديق من الآوائل في البحث عن ايجاد صيغة جديدة وحديثة في الخطاب الكوردي, وحاولت الكثير مخاطبة العقل الكوردي, ونقده دون هوادة, وألبسته صفات عنيفة وقاسية في التكلس,التبعية, الابوية, الذكورية, والعائلية……
لقد كنا في كثير من الآحايين نقف على الجانب الأخر, لنهدأ من روعك وعجالتك في امور كثيرة, على الرغم في فهمنا وقرائتنا جيدا ما يدور في خلدك من فكر وطرح وطموح, ولكننا كنا ندرك تمام الادراك مدى خطورة ما تقدم اليه من مغامرة, والسير في نفق مظلم.
لقد كنت شاهدا كيف برزت في سمائنا نجوم كثيرة, وصار كل واحد منا يتغنى لنجمه المنشود, حيث كنا لانستطيع الاكل والشرب والنوم من دون نجمنا, في كل بيت من بيوتنا بل في كل غرفة بحيطانها الاربعة كانت النجمة, كنا عشاق النجوم, لم نكن بحاجة الى القراءة والكتابة والتفكير, كنا نكره الحوار والسلام والامان كنا منشغلون طوال وقتنا في حرب النجوم, لم نكن نبالي بنجوم السماء, ولم نتطلع اليها أبدا, ولم نكلف اعيننا النظر بعيدا اليها.
-3-
في الثاني عشر من آذار عام 2004 بدأ الانسان الكوردي يتعلم من جديد, وانتصر على الكابوس الجاثم على صدره منذ عقود عديدة, وعادت الثقة وعلمتنا تلك اليقظة المفاجئة والعنيفة جدا باننا شعب مقاوم ومسالم في آن واحد.
ولكننا أخطأنا مرة اخرى وأخطأت ايضا بعض اطراف الحركة الكوردية في تداول هذا الانتصار الرائع وتوظيفها في خدمة المصالح القومية, وذهب كل بمفرده يضع النقاط على الحروف حسب هواه, وبدأت الخطابات الارتجالية تشق عنان السماء, وخرجت من منحاها وعن سياقها المراد, وبقيت مجرد شعارات آنية خدمة للمصالح الحزبوية الساذجة.
كانت للحدث رسالة واضحة لكل المعنيين من دون استثناء, المزيد من التكاتف وتوحيد الكلمة والاتحاد, لأن لاقيمة لاي حدث مهما كان عظيما ان لم نقم في احترام وتقديس اهدافه النبيلة.
الوضع كما هو وكذالك القناعات, والشرخ يزداد طولا وعرضا, وما زلنا نعيش في زمن الانشقاقات والتنافرات وننشد (بدون خجل) الحان الانشقاق (التاريخي) الاول والمزهل بمآسيها ولعنتها الابديتان, اربعة واربعون عاما نهلل ونغني في وضع اللبنة الاولى في شق الصف الكوردي وما زلنا نفكر بحتمية الصراع الكوردي-الكوردي, ومانزال متمسكين بتعاليم نبينا زرادشت على مبدأ الصراع الازلي الذي لاينطفئ مطلقا, ومن بعده علمنا لينين -العظيم- بصراع الشعب الواحد والقوم الواحد, وان الامة امتان واحدة ظالمة والاخرى مظلومة.
وهكذا عبثت بنا الاقدار واستسلمنا جميعا امام ثقافة الحقد والتخوين والغاء الآخر.
هناك امور كثيرة وقضايا ملحة يجب النظر فيها من جديد, ونحن جميعا في انتظار فك اسرك ايها الصديق المعتقل والمؤمن الصابر بقضيته العادلة, لكي نعقد معا ندوات وحوارات ومنتديات لا نهاية لها, و ختاما اقول, جميعنا في انتظار نجمة الصباح الاصيلة يا ابا فارس.