من يثير البلبلة , و يسبب التفكك و الإنقسام ؟

زيور العمر

لو كان سكرتير البارتي عبد الحكيم بشار , حكيما ً سياسيا ً , كما في مهنته , لما أصدر توضيحه بهذا الشكل , لأنه , باختصار , زاد الطين بلة .

بل أنه كان بغنى عن التوضيح , لأنه كان من شأن توسيع دائرة النقاش و الحوارحول المواقف و الآراء التي وردت في مقالته , ان تفضي في نهاية المطاف الى بعض الإستنتاجات المهمة في أوضاع الحالة السياسية الكردية في سوريا.


و لكن , و تبعا ً للعرف السائد الذي كرسته الأحزاب الكردية نفسها , و هو التخوين و التشكيك في صاحب كل رأي , يخرج عن المألوف الكردي , و نظراً للإسطوانة المشروخة التي أعاد الدكتور تشغيلها على أسماعنا , كان من الممكن أن نذهب بعيدا ً في تفسيرنا لمقالته و لغتها الإنهزامية , و نرد على صاحبه بالمثل , فنقول أن الدكتور أعاد نشر مقالته , بعد تعديلها , في زمن لم يتجاوز الإسبوعين , و بحلة تستسيغها السلطة السورية حتى يجنب نفسه مغبة التساؤل و الإعتقال و السجن , كما حدث لبعض رفاقه الأخرين
و حاول بكل الوسائل , و هو المسؤول الأول في حزبه , ان يتبرأ في مقال مزيل بصفته الشخصية , من جميع القرارات الأساسية التي أقرته مؤتمر حزبه , أو المفردات و الإصطلاحات السياسية الجديدة التي تسللت الى أدبيات البارتي في الآونة الأخيرة .

أليس غريبا ً أن يعبر المسؤول الأول في حزب ما عن مواقف و سياسات تخالف قرارات مؤتمره الأخير ,  و التي لم تجف حبرها بعد ؟!
و لكن , إرتأينا النقاش الهادئ و الحوار الجاد , للإفادة و الإستفادة , و عبرنا عن رأي مخالف , بنية أنها لا تفسد للود قضية , و طرحنا بدورنا أسئلة حول مبررات و أسباب الإنتكاسات الخطيرة في سياسات الأحزاب الكردية , من موقع الغيرة و المسؤولية و حق المشاركة في مناقشة شأننا العام .


و لكن , و بسبب الإتهامات المغرضة من قبل عبد الحكيم بشار بحق الكتاب و المثقفين الكرد , الذين إختلفوا معه , و تعرضوا لمقالته بالتشريح و بالتحليل , لا بالتشهير , و كشفوا مراحل نشرها , و إعادة نشرها في صيغ و عبارات مختلفة , أقل ما يمكن القول بشأنها , أنها أثارت الشكوك و الريبة , وجدنا من واجبنا التعقيب على توضيحه , بعد أن جعل من الآراء المنتقدة لسياسة الأحزاب الكردية و مواقفها , و سلوكيات قياداتها , وسيلة من وسائل النظام من أجل زرع الفساد و البلبلة في صفوف الحركة الكردية .
و هنا نسأل بشار, و أعتقد أن ذلك أيضا ً من حقنا , من يزرع الفساد و البلبلة , و يسبب الإنقسام و التفكك  بين الشعب الكردي ؟ حتما سيقول أن النظام هو من يقوم بذلك , و عندما نسأله المزيد : كيف له أن ينجح في ذلك ؟ هل بإستطاعته القول أن المثقفين و الكتاب الكرد هم من يقسمون الأحزاب الكردية , اي أنهم يتسللون الى الأحزاب الكردية بإيعاز من المخابرات و أجهزة الأمن , فيقومون بإختلاق الذرائع و المشاكل ؟ أم أن قيادات الأحزاب الكردية هي من تثير المشاكل بهدف إضعاف أحزابها ؟
لا شك , ان عبد الحكيم بشار يعرف عدد الأحزاب الكردية في الوقت الراهن , و إلا لما تجرأ على الحديث بهذا الشكل الغريب و الفاضح في توضيحه .

أما فيما يتعلق بمبررات و اسباب التصعيد الأمني السلطوي بحق الشعب الكردي , فقد عبرنا في مقالنا ( لماذا الإستغراب من التصعيد ضد الشعب الكردي ؟) و التي جاءت ردا ً على مقالته , و قلنا بكل وضوح و جرأة , و نكررها مرة أخرى على مسامعه , ان النظام يصعد من قمعه , عقابا ً للشعب الذي تجرأ على الوقوف في وجه سلطة الطغيان و الإستبداد , و ممارساتها العنصرية و الشوفينية ضده .

فأنتم فعلتم كل ما في وسعكم لإضعاف شعبنا , و تقزيم قضيته , جراء ممارساتكم و تصرفاتكم و سلوكياتكم , و التي إن دلت على شئ , إنما تدل على فقدانكم لحس المسؤولية و عدم آهليتكم لقيادته , مع الإشارة الى أن صيغة الجمع هنا لا نقصد منه المقام , و إنما العدد.
24/05/2009

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…