تشهد منطقة الشرق الأوسط حالة تهدئة وترقب بانتظار ما سيسفر عنه الحراك السياسي، على المستوى الإقليمي والدولي، فالسياسة الأمريكية لم تنطلق بعد بشكل عملي لترجمة توجّهات إدارة أوباما حول مختلف الملفات الحساسة، وهي رغم الانفتاح على أطراف كانت تسميها بالممانعة، ومنها إيران وسوريا، فإنها لا تزال في مرحلة الاختبار وجس النبض، بمعنى أنها لا تزال حذرة بسبب التعقيدات التي تركتها إدارة بوش، وكذلك بسبب خصوصية الإشكالات المحلية لكل ملف، إضافة إلى أن الأزمة المالية العالمية تركت آثاراً سلبية بشكل عام، واستقطبت اهتماما متزايداً من لدن الإدارة الجديدة، على حساب تلك الملفات، مما جعلها تضطر لتقديم بعض التنازلات لشركائها في هذه الأزمة، ومنهم الاتحاد الأوربي وروسيا والصين.
وتكاد اهتمامات هذه الإدارة الأمريكية تتوزع بين ملفات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تنطلق من كون القضية الفلسطينية هي المصدر الإيديولوجي الذي يتغذى عليه الإرهاب ويعمل تحت غطائه، في حين تعتبر فيه أفغانستان الساحة الرئيسية لمحاربته، بينما تعتبر إيران الراعية الأولى له دولياً، حسب المنظور الأمريكي.
وبالترابط بين الملفات الثلاث تحاول هذه الإدارة صياغة سياستها الجديدة التي سيعلنها الرئيس اوباما في زيارته لمصر في الخامس من حزيران 2009.
وتتلخص هذه السياسة في إجراء تعديلات على التحالفات الإقليمية، وعلى دور الحلفاء، في حين تبقى الأهداف ثابتة، لتطلب من الجميع التعاون في مواجهة المد الإيراني المتشعب، اعتباراًَ من تركيا وحتى دول الخليج ومصر، مقابل الضغط على حكومة نتنياهو اليمينية للقبول بمشروع الدولتين..
وفي حين تحاول فيه هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة التعامل مع مشروع إيران النووي أولا،ً وتقديم المسار السوري في المفاوضات على المسار الفلسطيني، في محاولة للتهرب من استحقاقاته ومن الضغوطات الدولية، خاصة بعد أن بدا لها أن الجولان لم يعد يشكل ضرورة دفاعية، مثلما كان سابقا،ً وأن التنازل عنه يعتبر أقل كلفة من حرب أخرى على حزب الله بدعم إيراني عن طريق سوريا، فإن إدارة أوباما تسعى للتحرك على مختلف المسارات وتفعيلها بحيث تكون غير قابلة للمساومة او المقايضة فيما بينها.
ولكي تحقق لها الاستقرار المطلوب، فإنها حزمت أمرها بالحوار مع إيران، لكن مع وقف التنفيذ لحين توفير الشروط والظروف المناسبة، ومنها نتائج الانتخابات الإيرانية، التي رغم كونها لن تحدث تغييراً كبيراً في السياسة الإيرانية المرهونة بإرادة مرشد الثورة آية الله خامنئي، فإنها قد تصلح لتكون فرصة لكسب الوقت وجمع الأوراق .
أما الحوار مع الجانب السوري، فإنه أيضا يمر بمرحلة اختبار رغم انه ليس مشجعاً، لأن المطلوب أمريكياً وعربياً معتدلاً، احتوائه لتسهيل الأمور في لبنان والساحة الفلسطينية اللتين تملك فيهما السلطة السورية ورقة التنظيمات الموالية لها، كما أن تحييد هذا الجانب يبقى مطلوباً في حال فرضت المواجهة العسكرية نفسها مع إيران بعد استنفاذ فرص الحوار… ويتريث كل من الجانبين السوري والأمريكي بانتظار نتائج الانتخابات اللبنانية التي قد تشكل المنعطف الذي يمكن أن يحدد موقع وتوجّه هذا البلد الذي بات الصراع عليه شديداً، باعتباره إحدى الساحات الأمامية لهذا الصراع بين المشروعين الأمريكي والإيراني، في حين يشكل للجانب السوري الورقة الأساسية إذا أراد العودة إلى الصف العربي المعتدل بدور ونفوذ، أو إذا استؤنفت المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل برعاية تركيا التي تنشط حكومتها في إطار الإستراتيجية الأمريكية لملئ الفراغ الذي يمكن أن يخلفه الأمريكيون، ودعم نفوذها في العراق لمواجهة التمدد الإيراني من خلال فتح القنوات مع مختلف المكوّنات العراقية، ومن هنا تأتي الزيارة التي قام بها السيد مقتدى الصدر لأنقرة وتحسين علاقاتها مع أكراد العراق، وانعكاس ذلك على فحوى تصريحات كبار المسؤولين في أنقرة حيال الملف الكردي في تركيا التي أعلن قائد هيئة أركانها الجنرال باشبوغ عدم تدخل الجيش في الشؤون السياسية، والإشارة إلى الأكراد بالإسم، مثلما صرح الرئيس عبد الله غول بأن القضية الكردية هي أهم وأبرز القضايا في تركيا وأكثرها إلحاحاً للحل، وقد يكون هذا التصريح السبب في تسجيل دعوى قضائية بحقه.
مما يعني أن الأجواء في هذا البلد باتت اليوم تتصف بمناخ إيجابي قابل للتطور ، على غرار ما حصل في عام 1993، عندما سعى الرئيس التركي الراحل توركوت أوزال لإيجاد حل لهذه القضية ، ولم تعد الدولة التركية متعنتة في إنكار الوجود الكردي ، وبدأت ولو بخطوات خجولة ومتعثرة بالبحث عن أشكال جديدة للتعامل مع هذه القضية..
وبالتوازي مع ذلك فإن الحكومة التركية تحرص على إقامة علاقات مباشرة مع حكومة إقليم كردستان للبحث معاً عن حلول لقضية معسكرات PKK في جبال قنديل وذلك بالتزامن مع مساعي إجراء حوارات مع الممثلين الكرد المنتخبين في البرلمان التركي وغيرهم.
أما في إقليم كردستان العراق التي تستعد لإجراء انتخابات المجالس البلدية ورئاسة الإقليم والبرلمان، فإن تصريحات رئيس الوزراء العراقي بدأت تثير القلق والسجالات بصدد التخلي عن مبدأ التوافق في العملية السياسية، مما يعني مخالفة الدستور الذي أقر هذا المبدأ، ويتعارض مع إصراره على مبدأ التوافق في مجلس محافظة كركوك على أساس 32 % لكل من الكرد والعرب والتركمان بالتساوي و 4 % للأخوة المسيحيين، كما يتعارض مع خصوصيات كل من المكونات الثلاث التي تشكل مرتكزات وحدة العراق.
وعلى الصعيد الداخلي يتوقع المراقبون أن تتفاقم الأزمة الاقتصادية ويتدهور الوضع المعاشي، فقد وصل حجم الدين العام إلى 750 مليار ل.س ، والعجز بالموازنة إلى 226 مليار ليرة عام 2009 ، وارتفعت معه معدلات البطالة، وتضاعفت موجات الهجرة، وانضمت طوابير جديدة إلى قافلة الفقر، بسبب التفاوت الكبير بين الأسعار والأجور التي لا تزيد عن 9 ألاف ليرة سورية بالنسبة لـ 62%من مجموع العاملين في القطاعين العام والخاص.
فإذا علمنا أن معدل الزيادة السنوية للسكان يقارب 500 ألف نسمة، في ظل تراجع إنتاج الموارد الاقتصادية، فإن الأمن الغذائي في البلاد مهدّد بخطر حقيقي، خاصة بعد أن فشلت مئات القرارات والمراسيم التشريعية والزيادات الصغيرة على الأجور في تحسين الوضع المعاشي، بسبب كون الاقتصاد السوري مثقل بالنهب، وأجواؤه مشحونة بالقمع والفساد، إضافة إلى تراجع الثروات الباطنية، وخاصة البترول بنسبة 20% في الأشهر الأخيرة، وانخفاض أسعاره عالمياً، والذي كان يشكل الجزء الأكبر من الصادرات السورية.
وبنفس التردًي يأتي وضع القطاعات الأخرى التي ليست بأحسن حال، ومنها الصناعة التي تشهد أزمة حادة حيث خسرت 113 شركة أكثر من 6مليار ل.س عام 2008 في حين تعاني الزراعة إلى جانب الإهمال والخطط الفاشلة من ظروف بيئية قاسية مما يهدد 30%من القوى العاملة التي تعمل في هذا القطاع بالفقر والمجاعة، أضف إلى ذلك فإن الأزمة المالية العالمية بدأت تنعكس سلباً على التبادل التجاري السوري مما يجعل من عام 2009 عام أزماتٍ وصعوباتٍ جمة يعجز النظام عن التغلب عليها ، كونه يضع نصب أعينه الحفاظ على احتكار السلطة أولاً، قبل مصالح وقضايا الشعب والوطن .
مما يجعل من مساعي الإصلاح والتغيير الوطني الديمقراطي في البلاد، ليس مجرد شعار، بل حاجة ومهمة وطنية نبيلة ترتبط بحياة الناس ومستقبلهم.
ولكون النظام عاجزٌ عن القيام بهذا التغيير والإصلاح ، فهو يعمد إلى تشديد القبضة الأمنية لإرهاب الناس وإسكاتهم ومواجهة النتائج التي قد تترتّب على هذه الأزمة المركبة، ومنها حالات اليأس والإحباط الناجمة عن حدة التفاوت المعاشي والاجتماعي ، الذي يرمي يومياً بشرائح جديدة إلى عوالم الفقر والفاقة ، ويتسبّب في ضعف شبكة الأمان الاجتماعي، وتراجع حماية الدولة لكرامة وحقوق المواطن، ليصبح الشارع السوري مشحونا باحتقانات ، ولتزداد الممارسات والأعمال التي تقع خارج القانون والأعراف وتمهد الأجواء الموبوءة لتفشي الجريمة بمختلف أشكالها .
وفي ظل ضعف استقلالية القضاء وغياب الحريات الأساسية، وتفشي الفساد، تستنفر الأجهزة الأمنية لملاحقة واعتقال أصحاب الفكر والرأي الآخر والضغط على المهتمين بالشأن العام، وكان آخر دفعة منهم اعتقال كيفي بحق خمسة نشطاء سياسيين في مدينة السلمية سبق وأن أمضى كل واحد منهم أكثر من عشرة أعوام في سجون البلاد بسبب آرائهم السياسية ، ويتخذ التشدد الأمني في المناطق الكردية أشكالاً أكثر حدة وشوفينية، ويتراوح ضحاياه بين كوادر الحركة الكردية، ومحبي لغتهم الأم، وكتّاب ورواد الانترنيت، والمحتفلين بأعياد المرأة ونـوروز والصحافة والرحلات الربيعية، وليتحول الوسط الكردي إلى هدفٍ للقمع والإرهاب والحرمان، الذي شمل كذلك المعتقلين الذين انتهت مدة محكومياتهم مثل الأستاذ ميشيل كيلو الذي أطلق سراحه مؤخراً.
مما يشكل حالة استثنائية لم تشهدها البلاد منذ عشرات السنين، ويستدعي وقفة جادة ومسوؤلة للبحث عن آليات تضمن تضافر كل الجهود المخلصة في إطار العمل الواعي من أجل بناء مرجعية وطنية كردية، تكتسب مصداقيتها من خلال مؤتمر وطني كردي، يعتمد برنامجاً سياسياً موضوعياً متزناً ، وأهدافاً واقعية محددة، بعيداً عن الشعاراتية، وذلك على طريق بلورة حقيقة الترابط العضوي للقضية الكردية بقضية التغيير الديمقراطي السلمي، وتسهيل مهمة انخراط مجموع الحركة الوطنية الكردية في النضال الديمقراطي العام، من خلال إطار وطني ديمقراطي منفتح يجسده ائتلاف إعلان دمشق بوثيقته ومبادئه الأساسية، وبتركيبته المتعددة الأطياف والأفكار واللونيات.
2952009
اللجنة السياسية
وبالترابط بين الملفات الثلاث تحاول هذه الإدارة صياغة سياستها الجديدة التي سيعلنها الرئيس اوباما في زيارته لمصر في الخامس من حزيران 2009.
وتتلخص هذه السياسة في إجراء تعديلات على التحالفات الإقليمية، وعلى دور الحلفاء، في حين تبقى الأهداف ثابتة، لتطلب من الجميع التعاون في مواجهة المد الإيراني المتشعب، اعتباراًَ من تركيا وحتى دول الخليج ومصر، مقابل الضغط على حكومة نتنياهو اليمينية للقبول بمشروع الدولتين..
وفي حين تحاول فيه هذه الحكومة الإسرائيلية الجديدة التعامل مع مشروع إيران النووي أولا،ً وتقديم المسار السوري في المفاوضات على المسار الفلسطيني، في محاولة للتهرب من استحقاقاته ومن الضغوطات الدولية، خاصة بعد أن بدا لها أن الجولان لم يعد يشكل ضرورة دفاعية، مثلما كان سابقا،ً وأن التنازل عنه يعتبر أقل كلفة من حرب أخرى على حزب الله بدعم إيراني عن طريق سوريا، فإن إدارة أوباما تسعى للتحرك على مختلف المسارات وتفعيلها بحيث تكون غير قابلة للمساومة او المقايضة فيما بينها.
ولكي تحقق لها الاستقرار المطلوب، فإنها حزمت أمرها بالحوار مع إيران، لكن مع وقف التنفيذ لحين توفير الشروط والظروف المناسبة، ومنها نتائج الانتخابات الإيرانية، التي رغم كونها لن تحدث تغييراً كبيراً في السياسة الإيرانية المرهونة بإرادة مرشد الثورة آية الله خامنئي، فإنها قد تصلح لتكون فرصة لكسب الوقت وجمع الأوراق .
أما الحوار مع الجانب السوري، فإنه أيضا يمر بمرحلة اختبار رغم انه ليس مشجعاً، لأن المطلوب أمريكياً وعربياً معتدلاً، احتوائه لتسهيل الأمور في لبنان والساحة الفلسطينية اللتين تملك فيهما السلطة السورية ورقة التنظيمات الموالية لها، كما أن تحييد هذا الجانب يبقى مطلوباً في حال فرضت المواجهة العسكرية نفسها مع إيران بعد استنفاذ فرص الحوار… ويتريث كل من الجانبين السوري والأمريكي بانتظار نتائج الانتخابات اللبنانية التي قد تشكل المنعطف الذي يمكن أن يحدد موقع وتوجّه هذا البلد الذي بات الصراع عليه شديداً، باعتباره إحدى الساحات الأمامية لهذا الصراع بين المشروعين الأمريكي والإيراني، في حين يشكل للجانب السوري الورقة الأساسية إذا أراد العودة إلى الصف العربي المعتدل بدور ونفوذ، أو إذا استؤنفت المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل برعاية تركيا التي تنشط حكومتها في إطار الإستراتيجية الأمريكية لملئ الفراغ الذي يمكن أن يخلفه الأمريكيون، ودعم نفوذها في العراق لمواجهة التمدد الإيراني من خلال فتح القنوات مع مختلف المكوّنات العراقية، ومن هنا تأتي الزيارة التي قام بها السيد مقتدى الصدر لأنقرة وتحسين علاقاتها مع أكراد العراق، وانعكاس ذلك على فحوى تصريحات كبار المسؤولين في أنقرة حيال الملف الكردي في تركيا التي أعلن قائد هيئة أركانها الجنرال باشبوغ عدم تدخل الجيش في الشؤون السياسية، والإشارة إلى الأكراد بالإسم، مثلما صرح الرئيس عبد الله غول بأن القضية الكردية هي أهم وأبرز القضايا في تركيا وأكثرها إلحاحاً للحل، وقد يكون هذا التصريح السبب في تسجيل دعوى قضائية بحقه.
مما يعني أن الأجواء في هذا البلد باتت اليوم تتصف بمناخ إيجابي قابل للتطور ، على غرار ما حصل في عام 1993، عندما سعى الرئيس التركي الراحل توركوت أوزال لإيجاد حل لهذه القضية ، ولم تعد الدولة التركية متعنتة في إنكار الوجود الكردي ، وبدأت ولو بخطوات خجولة ومتعثرة بالبحث عن أشكال جديدة للتعامل مع هذه القضية..
وبالتوازي مع ذلك فإن الحكومة التركية تحرص على إقامة علاقات مباشرة مع حكومة إقليم كردستان للبحث معاً عن حلول لقضية معسكرات PKK في جبال قنديل وذلك بالتزامن مع مساعي إجراء حوارات مع الممثلين الكرد المنتخبين في البرلمان التركي وغيرهم.
أما في إقليم كردستان العراق التي تستعد لإجراء انتخابات المجالس البلدية ورئاسة الإقليم والبرلمان، فإن تصريحات رئيس الوزراء العراقي بدأت تثير القلق والسجالات بصدد التخلي عن مبدأ التوافق في العملية السياسية، مما يعني مخالفة الدستور الذي أقر هذا المبدأ، ويتعارض مع إصراره على مبدأ التوافق في مجلس محافظة كركوك على أساس 32 % لكل من الكرد والعرب والتركمان بالتساوي و 4 % للأخوة المسيحيين، كما يتعارض مع خصوصيات كل من المكونات الثلاث التي تشكل مرتكزات وحدة العراق.
وعلى الصعيد الداخلي يتوقع المراقبون أن تتفاقم الأزمة الاقتصادية ويتدهور الوضع المعاشي، فقد وصل حجم الدين العام إلى 750 مليار ل.س ، والعجز بالموازنة إلى 226 مليار ليرة عام 2009 ، وارتفعت معه معدلات البطالة، وتضاعفت موجات الهجرة، وانضمت طوابير جديدة إلى قافلة الفقر، بسبب التفاوت الكبير بين الأسعار والأجور التي لا تزيد عن 9 ألاف ليرة سورية بالنسبة لـ 62%من مجموع العاملين في القطاعين العام والخاص.
فإذا علمنا أن معدل الزيادة السنوية للسكان يقارب 500 ألف نسمة، في ظل تراجع إنتاج الموارد الاقتصادية، فإن الأمن الغذائي في البلاد مهدّد بخطر حقيقي، خاصة بعد أن فشلت مئات القرارات والمراسيم التشريعية والزيادات الصغيرة على الأجور في تحسين الوضع المعاشي، بسبب كون الاقتصاد السوري مثقل بالنهب، وأجواؤه مشحونة بالقمع والفساد، إضافة إلى تراجع الثروات الباطنية، وخاصة البترول بنسبة 20% في الأشهر الأخيرة، وانخفاض أسعاره عالمياً، والذي كان يشكل الجزء الأكبر من الصادرات السورية.
وبنفس التردًي يأتي وضع القطاعات الأخرى التي ليست بأحسن حال، ومنها الصناعة التي تشهد أزمة حادة حيث خسرت 113 شركة أكثر من 6مليار ل.س عام 2008 في حين تعاني الزراعة إلى جانب الإهمال والخطط الفاشلة من ظروف بيئية قاسية مما يهدد 30%من القوى العاملة التي تعمل في هذا القطاع بالفقر والمجاعة، أضف إلى ذلك فإن الأزمة المالية العالمية بدأت تنعكس سلباً على التبادل التجاري السوري مما يجعل من عام 2009 عام أزماتٍ وصعوباتٍ جمة يعجز النظام عن التغلب عليها ، كونه يضع نصب أعينه الحفاظ على احتكار السلطة أولاً، قبل مصالح وقضايا الشعب والوطن .
مما يجعل من مساعي الإصلاح والتغيير الوطني الديمقراطي في البلاد، ليس مجرد شعار، بل حاجة ومهمة وطنية نبيلة ترتبط بحياة الناس ومستقبلهم.
ولكون النظام عاجزٌ عن القيام بهذا التغيير والإصلاح ، فهو يعمد إلى تشديد القبضة الأمنية لإرهاب الناس وإسكاتهم ومواجهة النتائج التي قد تترتّب على هذه الأزمة المركبة، ومنها حالات اليأس والإحباط الناجمة عن حدة التفاوت المعاشي والاجتماعي ، الذي يرمي يومياً بشرائح جديدة إلى عوالم الفقر والفاقة ، ويتسبّب في ضعف شبكة الأمان الاجتماعي، وتراجع حماية الدولة لكرامة وحقوق المواطن، ليصبح الشارع السوري مشحونا باحتقانات ، ولتزداد الممارسات والأعمال التي تقع خارج القانون والأعراف وتمهد الأجواء الموبوءة لتفشي الجريمة بمختلف أشكالها .
وفي ظل ضعف استقلالية القضاء وغياب الحريات الأساسية، وتفشي الفساد، تستنفر الأجهزة الأمنية لملاحقة واعتقال أصحاب الفكر والرأي الآخر والضغط على المهتمين بالشأن العام، وكان آخر دفعة منهم اعتقال كيفي بحق خمسة نشطاء سياسيين في مدينة السلمية سبق وأن أمضى كل واحد منهم أكثر من عشرة أعوام في سجون البلاد بسبب آرائهم السياسية ، ويتخذ التشدد الأمني في المناطق الكردية أشكالاً أكثر حدة وشوفينية، ويتراوح ضحاياه بين كوادر الحركة الكردية، ومحبي لغتهم الأم، وكتّاب ورواد الانترنيت، والمحتفلين بأعياد المرأة ونـوروز والصحافة والرحلات الربيعية، وليتحول الوسط الكردي إلى هدفٍ للقمع والإرهاب والحرمان، الذي شمل كذلك المعتقلين الذين انتهت مدة محكومياتهم مثل الأستاذ ميشيل كيلو الذي أطلق سراحه مؤخراً.
مما يشكل حالة استثنائية لم تشهدها البلاد منذ عشرات السنين، ويستدعي وقفة جادة ومسوؤلة للبحث عن آليات تضمن تضافر كل الجهود المخلصة في إطار العمل الواعي من أجل بناء مرجعية وطنية كردية، تكتسب مصداقيتها من خلال مؤتمر وطني كردي، يعتمد برنامجاً سياسياً موضوعياً متزناً ، وأهدافاً واقعية محددة، بعيداً عن الشعاراتية، وذلك على طريق بلورة حقيقة الترابط العضوي للقضية الكردية بقضية التغيير الديمقراطي السلمي، وتسهيل مهمة انخراط مجموع الحركة الوطنية الكردية في النضال الديمقراطي العام، من خلال إطار وطني ديمقراطي منفتح يجسده ائتلاف إعلان دمشق بوثيقته ومبادئه الأساسية، وبتركيبته المتعددة الأطياف والأفكار واللونيات.
2952009
اللجنة السياسية
لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي)