سمير احمد
كان في مدينتنا (عامودا) رجلٌ مجنون يدعى إسماعيل (سمو) وهو بالاصل من سكان ريف منطقة الدرباسية ولكنه كان يمضي جل وقته في مدينة عامودا بسبب علاقة القرابة التي تربطه ببعض أبناء عامودا الكرام.
ذات مرة ذهب المرحوم سمو الى محل صوفي محمد عيشانه رحمه الله الذي كان يملك محلاً للألبسة القديمة (باله) من أجل أن يشتري معطفاً وكان المرحوم صوفي محمد رجلاً تقياً وورعاً يخاف الله وكان صادقاً في تعامله مع الناس واثناء بيع المعطف لسمو أخبره بأن المعطف فيه عيباً (فيه ثقباً واحداً) فقبل سمو بهذا العيب وإتفق الطرفان على السعر وتمت العملية , ولكن بعد فترة يبدو أن سمو ندم على الصفقة التي تمت بينه وبين صوفي محمد لأسباب خاصة به فجاء الى صوفي محمد من اجل إرجاع المعطف وإسترداد نقوده ولكنه فشل في إقناع صوفي محمد بالامر وكان سمو يعلم ويعرف طباع الصوفي وعصبيته, حاول سمو الالتفاف على الصوفي وإحراجه حيث إختار التوقيت المناسب (توقيت صلاة العصر) المكان المناسب الجامع الكبير القاضي والحاكم العادل (إمام الجامع) الشيخ الجليل سعدالدين سيدا إبن المرحوم العلامة ملا عبداللطيف سيدا.
وبعد الانتهاء من صلاة الجماعة كان سمو بإنتظار صوفي محمد ليتحاكما امام الامام في محاكمة مفتوحة وفي عقر دار الصوفي (الجامع) ليحرجه أمام الجميع ويلقي عليه الحجة لان سمو إستنفر كل قواه من أجل أن يسترد حقه الذي كان يؤمن به وما كان على الامام أن يصغي للطرفين المتخاصمين(سمو و صوفي محمد) الرحمة عليهم, حيث شرح الصوفي المعروف بصدقه ماتم الاتفاق بينه وبين سمو من ناحية السعر والعيب (الثقب الوحيد) الموجود على المعطف وجاء الدور على سمو حيث إعترف وصَدّقَ بكل ماقاله الصوفي في إفادته فتعجب الجميع من سمو بإعترافه هذا ولكن سمو فاجا الجميع عندما قال هل سمعتم يامعشر المصلين ماذا قال صوفي محمد بان المعطف فيه ثقبٌ واحد ولكن في الحقيقة أن المعطف الذي تم بيعه لي من قبل الصوفي فيه ثقبان وليس كما يدعي الصوفي بأن فيه ثقباً واحداً وحمل سمو المعطف وأشار الى الثقب الظاهر في المعطف من الخارج وقال هذه احدى الثقوب و مرة أخرى الى نفس الثقب من الداخل وقال هذه هي الثانية وليس كما يدعي الصوفي وضحك الجميع الى حد الدهشة والذهول من هذه المرافعة من رجلٍ مجنون كيف يدافع عن حقه وما كان على الامام أن يراعي وضع سمو وفصل في الامر لصالح سمو . سمو هذا لم يدرس في أي جامعة ولم يكن خبيراً في القانون ولم يكن سياسياً ولم يكن مرشحاً من أجل الدخول في دورة تدريبية في هذه العاصمة أو تلك من اجل تعلم إصول وقواعد المفاوضات والتمثيل ولكنه كان مخلصاً ومؤمناً بقضيته التي حاول المستحيل من اجل أن يكسبها وفعلاً كسبها عندما كان الاختيار الصحيح للزمان والمكان.
يبدو أننا نحتاج الى هؤلاء المجانين وإخلاصهم من اجل المرافعة عنا نحن الكرد والدفاع عن حقوقنا في هذا الزمن الكردي الرديء.