عمر كوجري
“هم الناس همنا” هذا الشعار تصدّر واجهة مقر”برجاف” قبل أن ينتهي به المآل للدمار الكامل، مثله مثل كل منزل وشارع وحي، حيث ساهم الجميع في إمحاء ذاكرة كوباني، ووقف قلبها عن النبض.
ومازال هذا الشعار مؤطرا بعناية في صحيفة “برجاف” التي يرأس تحريرها زميلنا فاروق حجي مصطفى.
درجت العادة أن تتبى الصحف التي تملك قوة تأثير على الناس، والأقرب للشهرة شعاراً تسير على هديه أو تتبناه، وهي في العادة لا تغيّر هذا الشعار رغم التقادم الزمني للصحيفة، ورغم انتفاء الحاجة أو نفاد أهمية ودور ذاك الشعار.
كل من يعمل في مصلحة ما، وخاصة العاملين في الحقل الإعلامي يقولون إننا نمثل رأي الشعب، ونحن سلطة تمثل” الغلابة” من الناس، ونحن صوت من لاصوت لهم، كما أن ثمّة من يدّعي أن يعكس كل تطلعات المجتمع، وأنه تأسس بالأساس لخدمة الناس، وتمثّل همومهم ومشاكلهم، وتطلعاتهم نحو حياة أفضل.
وفي الحالة الكردية، حيث أن الصحافة قليلة التأثير على الوسط المجتمعي، كون الكرد أصلاً ليست أمة قرّاءة للصحف بالشغف الذي نعهده في العالم الغربي المتمدن والمتحضّر، والذي تهاب الحكومات والرؤوس الكبيرة من وخزات الصحافة والصحف، وتحسب لها كل الحساب.
في هذه الحالة الكردية، يغدو تمثل شعار كبير كالذي يتبناه “برجاف” شيئاً أقرب للعبث، ولكن يبقى للقائمين على المشروع مشروعية ما يطلبون، ويخططون لتنفيذه في قادم الأيام، ربما الشعار يغدو في حيّزه الحالي فضفاضاً قليل الحيلة أمام ضعف احتمالية تحقيقه على أرض الواقع الكردي، لكن أحقية الاحتفاظ بحلم التحقيق تبقى مطلوبة رغم كل التحديات.
أن ترصد هموم الناس يعني أن تكون هناك قوى مجتمعية تسمع نبض ما تقوله، وهناك سلطات تمتثل لإرادة الصحافة، وتعلم أن هناك من يراقب عملها، ويرصد الأخطاء المحتمل أن ترتكبها، وسيبادر الصحفيون لفتح ملفات الفساد والتحقيقات الرصينة الدقيقة، لهذا عليها الإحساس أن الصحافة لا تماري، ولا تنافق، ولا تهتم إلا لقول الحقيقة ونقلها للناس، ولاتخاف من فتح ملفات الفساد والإفساد، ولهذا هي حريصة على سلك الدرب الصحيح، ومعالجة الاخطاء والعثرات قبل استفحالها، وقبل أن تتسرب الأخبار للصحافة التي ” تشمشم” الأخبار كوظيفة أساسية لها، وعندها تقع الطامة، ولن يفلت أحد من المحاسبة.
ولكن كل هذه ” الأشياء الكبيرة” لن تكون من نصيب مجتمع كالمجتمع الكردي، إن صحت التسمية، حتى في جنوبي كوردستان، حيث الناس قريبون من نبض دولة مستقلة، وهناك صحافة كردية والأسماء بالعشرات، لكن لم نسمع أن تحقيقاً ما قد ساهم في إقصا وزير أو مسؤول كبير عن منصبه، وبصورة عامة الصحافة في ما يشبه الدولة الكردية بعيدة عن هموم الناس، ولاتعكس حاجاتهم وتطلعاتهم، وهي في معظمها تنحو نحو الجانب الحزبي الذي يمثل شريحة معينة صغرت أم كبرت، فيكف الحال بالمحيط الكردي في كوردستان سوريا؟
حيث الصحف في معظمها شحيحة التأثير، وقليلة الفائدة، وتفتقر للكوادر الصحفية التي يمكن التعويل عليها، والتي تستطيع فعل شيء أقرب للمهنية.
من هذه الوجهة من حقنا أن نسأل كم عدداً يطبع من “برجاف” أو غيرها من الصحف الكردية، مامساحة توزيعها؟ ماهي الشريحة التي تطلب الجريدة أكثر من غيرها؟ هل هي جريدة يومية أم ماذا؟ ما ذا سيكون الانطباع إن قلنا إنها نصف شهرية؟ هل تنطبق كلمة ” الصحيفة” على جريدة نصف شهرية، وتتأخر أحياناً لاكثر من شهر بسبب قل الدعم أو الوارد المالي.
هي أسئلة لها مشروعية، وتريد الإجابة لمن يريد الانضمام للناس وهموم الناس.