أحمد حسن
Ahmed.hesen.714@gmail.com
استخدم مصطلح الشرق الأوسط لأول مرة في مكتب الهند البريطاني في خمسينيات القرن التاسع عشر إلا أن الخبير الاستراتيجي في البحرية الأمريكية ألفريد ثاير ماهان شهره على نطاق واسع عام 1902 حيث منطقة الشرق الأوسط تعتبر مهد الحضارات الإنسانية ومهد الديانات وهي المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب آسيا الى شمال أفريقيا والمطلة على البحر الأحمر، الخليج العربي، البحر الأبيض المتوسط وبحر العرب. غالبية دول الشرق الأوسط تقع في قارة آسيا، وهي كالتالي: سوريا – لبنان – العراق – الأردن – فلسطين – إسرائيل – ايران – تركيا – كردستان – اليمن – ودول مجلس التعاون الخليجي: السعودية – الإمارات – البحرين – سلطنة عمان – قطر – الكويت – وأخيراً في القارة الافريقية مصر.
يعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم سخونة وتوتراً أمنياً حيث شهد أكثر من 10 حروب منها الحروب العربية الإسرائيلية والحرب العراقية الإيرانية وغزو العراق للكويت وحرب التحالف الدولي على العراق 2003 والمشكلة النووية الإيرانية والمشكلة الإسرائيلية – الفلسطينية والحرب الإسرائيلية على لبنان وثورات ربيع شعوب المنطقة على أنظمتها الدكتاتورية والتي تحولت الى ما يشبه حرب عالمية ثالثة بحكم مشاركة قوى عالمية وإقليمية فيها ويبدو أن منطقة الشرق الأوسط لم ولن تجد الاستقرار والأمن والسلام حيث العديد من القضايا القومية وأولها قضية الشعب الكوردي كأكبر قومية في العالم حيث تعداد سكانه يفوق ( 50 000 000 ) الخمسين مليون دون إيجاد حل لها كذلك الأقباط والآشور والأرمن ……الخ إضافة الى التنوع الكبير في الأديان والمذاهب التي تصارعت عبر التاريخ والى الآن أضف الى ذلك أهمية المنطقة الاقتصادية والاستراتيجية حيث النفط والغاز وخزان كبير للمياه العذبة التي ستكون الحروب المستقبلية من أجلها كذلك تشكل صلة وصل بين آسيا وأوروبا وافريقيا كل ذلك إضافة الى عوامل أخرى تستقطب مصالح الدول الكبرى وتجعل من منطقة الشرق الأوسط تعيش على صفيح ساخن ومتحرك لا يعرف الاستقرار وهناك العديد من الأحداث والتطورات التي جرت وتجري هنا وهناك ستؤثر في مجريات الأحداث والتطورات في المنطقة ومنها :
1) انتهاء مئوية سايكس – بيكو وبالتالي انتهاء مفعولها في ( 2016 ) ومن ثم إعادة تموضع نتائجها وبالتالي عمليات القص واللصق هنا وهناك وما يرافقها من مخاضات عسيرة .
2) انتخاب الرئيس اللبناني ميشال عون: الفراغ الرئاسي الذي عاشه لبنان لفترة سنتين ونصف أحدث شللا في المؤسسات الرسمية وتوترات سياسية وطائفية وتراجعا في النمو الاقتصادي فكان انتخاب زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون في مجلس النواب في ( 31/10/2016 ) الذي عاد من منفاه فرنسا بعد قضاء ( 15 ) عاما ليكون الرئيس ( 13 ) للدولة اللبنانية كانعكاس لمعادلات إقليمية ( إيراني /سعودي ) ودولية وبعد تفاهمات مع حزب الله المدعوم إيرانيا وسوريا إضافة الى الدور الإسرائيلي الخفي وبالتالي فإن انتخاب الرئيس اللبناني سيؤدي الى ترتيب بقعة من بقع التوترفي منطقة الشرق الأوسط .
3) انتخاب الرئيس الأمريكي: في فترة حكم الرئيس الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما (2008 – 2016 ) تحولت أمريكا من حيث ثقلها السياسي والعسكري والاستراتيجي من دولة قائدة للعالم ومؤثرة في كل تفاصيلها وصانعة للقرار ومهندس للسياسة العالمية الى دولة محدودة الدور فاقدة هيبتها ومكانتها العالمية بذريعة الازدهار والنمو الاقتصادي لكن بانتخاب الشعب الأمريكي الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في ( 8/11/2016 ) ستتغير السياسة الامريكية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وسيتبع سياسة الرؤساء الذين سبقوه من الجمهوريين أمثال رونالد ريغان وجورج بوش الأب وجورج بوش الأبن حيث التدخل العسكري المباشر كما فعلوها في لبنان وليبيا والعراق والكويت وأفغانستان ………الخ مدركة مصالحها ومصالح من يستطيع أن يتناغم معها والتعامل معها بحنكة ودبلوماسية على قاعدة ( السياسة الدولية مصالح ) وكورديا فإن المكتسبات التي حصل عليها الشعب الكوردي من اتفاقية الحكم الذاتي في كوردستان العراق ( 11 آذار 1970 ) الى الملاذ الآمن وانشاء منطقة حظر للطيران في 1991 ثم الاستفتاء على الدستور العراقي الفيدرالي في 2005 كل ذلك كان في عهد الجمهوريين ومن خلال التعامل والتجربة الطويلة أثبت الكورد أنهم حلفاء أمريكا وأوربا وأنه شعب منفتح على الثقافة والسياسة الأمريكية والأوربية ومن خلال جدلية العلاقة وتبادل المصالح على كافة الأصعدة فإن هذه العلاقة ستعزز وتستمر بشكل أفضل ربما تؤدي الى اعلان استقلال كوردستان العراق في عهد ترامب وبالتالي فإن منطقة الشرق الأوسط ستشهد تطورات وتغيرات كبيرة في قادمات الأيام .
4) تحرير الموصل والرقة: بانطلاق معركة الموصل صباح يوم الإثنين 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 بقيادة التحالف الدولي ومشاركة الجيش العراقي وقوات البيشمركة والحشد الوطني ….. الخ وبعد أيام قليلة وبالتزامن معها انطلاق معركة الرقة أيضا بقيادة التحالف الدولي ومشاركة قوات سورية الديمقراطية وغيرها
يكون قد اهتزت أركان دولة داعش المفترضة لأن هاتين المدينتين تشكلان ركنين أساسيين من أركان الوجود الداعشي داخل سوريا والعراق ففي الأولى أعلن على منابر أحد مساجدها أبو بكر البغدادي ولادة الخلافة والثانية تعتبر عاصمة دولة داعش الأولى وبخسارة داعش لهاتين المدينتين تكون قد خسرت أهم معاقلها في سوريا والعراق وخسارة لمخزونه الاقتصادي الذي يحصده من عائدات إنتاج النفط المتركز في منطقة القيارة التي سيطرت عليها القوات الحكومية كذلك المراكز النفطية الموجودة بالقرب من الرقة وبالتالي انحسار وجود داعش وتقلص نفوذها ومساحات سيطرتها وبالتالي انهيار دولتهم الوهمية والبحث عن بيئات أخرى لما لهاتين المدينتين من أهمية استراتيجية فالموصل تعتبر حلقة الوصل بين كل من تركيا وسوريا والعراق بما فيه إقليم كردستان أما الرقة عاصمة الخلافة في عهد هارون الرشيد ورمز الثقافة فهي تقع على حدود خمس محافظات الحسكة و دير الزور وحلب وحماه وحمص ، ولها حدود دولية مع كل من العراق وتركيا وبالتالي بانتهاء تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق يكون قد خمدت أكبر بؤر التوتر فيهما .
كل ذلك بالإضافة الى ما يجري في مناطق أخرى من الشرق الأوسط مثل ( اليمن وتركيا ومصر …….. ) ستجعل منها تعيش على صفيح متحرك لا تعرف الاستقرار والسكينة إلا تلك الدول والبقع التي تدرك وتستوعب المعادلات الإقليمية والدولية في دنيا الاقتصاد والمصالح والسياسة والتي تعرف التعامل مع صناع القرار في السياسة الدولية هنا وهناك.