المهام الصعبة أمام المفاوض الكردي..!

دهام حسن
لا أشكّ مطلقا أن الأشهر أو السنين القليلة القادمة، لن تحسم مسألة نضال شعبنا الكردي سياسيا كما يتوهم بعض المتابعين ، ويتطلع إليه نفرٌ من سياسيينا العجولين، ربما لغيرة زائدة، أو جرّاء قراءة قاصرة، أو توهّم لدى اعتبار بعضهم من أن المواقف الدولية مساندة ومقّـرة بأحقية مطالبنا وشرعيتها، ومن أن الظروف الموضوعية مؤاتية، وبالتالي لابد من استثمارها وأخذها بالحسبان، أقول.. ربما نشهد مرحلة أشـبه بما مرّت بها مصر، حيث استلم الأخوان السلطة، فسرعان ما أزاحهم العسكر من جديد ملاقاة لتحرك الشارع المصري الذي لفظهم، لأن الإخوان حقيقة لا يملكون مشروعا وطنيا لا في مصر، ولا في سوريا، وهنا في سوريا  تبـرز بضمة الإسلام السلفي في الائ للانتتلاف واضحة، ناهيك عن المتعصب من القوميين العرب في تطلعاتهم السلطوية المستقبلية، وكأنهم جاؤوا للانتقام من النظام لا لتغييره، عندما يتقدمون بمشاريعهم لسوريا المستقبل، تغاضيا عن جغرافية سوريا وديمغرافيتها من حيث المساحة والسكان وسائر المكونات العرقية والمذهبية، دون أخذ كلّ هذا بالحسبان..
على المفاوض الكردي أن يتشيث بحقوقه القومية، وأن يسعى لكسب مزيدا من الدول كأصدقاء، وأن يتواصل مع الجانب العربي ويتفهم شعوره، وأن يبدي مرونة في علاقاته، وألا يبدو متعصبا في مواقفه وطروحاته، ويسعى دائما لكسب أصدقاء لمناصرة حقوقه العادلة..بالمقابل عليه أن يتفهم من أن الغرب ربما أكثر من سواهم متحسسون من النوازع العرقية في طروحات السياسيين الغربيين، لأنهم تجاوزا هذه الحقبة، ومسالة النازية، وهتلر، لا تبارح مخيلتهم، وماثلة أمام أعينهم..
وبالتالي على المفاوض الكردي، وعلى المجلس الوطني الكردي استيعاب المرحلة، لا التسرع والاستعجال بمطالب ومشاريع لن تتحقق على الأقل في هذه المرحلة، أو حتى المدى المنظور.. 
وهنا أقول حتى لا أتّـهم بالكوسموبوليتية، من حقّ شعبنا الكردي دعواه في حق تقرير المصير بما فيه تأسيس كردستان كبرى موحدة، لكنّي أسارع لأقول: هل هذا الحلم قابل للتحقيق في هذه الظروف.؟! هذا يجب أن نعيه ونفهمه، وهذا هو لبّ المسألة، وقد لاحظت  مخايل الغضب وعدم الرضا في ملامح وتصريحات وكتابات ممثلي المجلس في الائتلاف، وأقول هنا رغم هذا الرأي المتشدد قليلا في المسألة القومية، فمسألة الانسحاب من الائتلاف أراها خطأ فادحا، وخسارة أكيدة، وخطوة غير محسوبة، وغير عقلانية، لا تتوقع كما قلت في مطلع المقال، أن كل شيء يتحقق في أول مرحلة، هذا وهم، فمن المهام الأولى، يأتي تغيير بنية النظام، ثم التحاور في شكل النظام المقبل، والتأكيد على مسألة الديمقراطية..
في هذه النقطة علينا الإقرار بالواقع الكردي السياسي الرديء.. من جانب هذا التباعد والتنافر وهذا التشرذم، ومن جانب آخر، ترقّب الآخرين للحلول مكانكم، وليس بعيدا أن تؤتى بوجوه لتحلّ محلكم، وبأنهم ممثلو شعبنا الكردي، وليس بعيدا أن يفعل هؤلاء كما فعل (بطيحان) في مسلسله عندما قضى على خصومه من وجوه العشيرة، ثم جاء بصبية فألبسهم (شماخ،وعقال، وعباءة) وقال: (هدول وجوه العشيرة) فبخلاف المجلس الوطني الكردي، لا توجد جهة أخرى لتبني هكذا مشاريع  استراتيجية..
أما النقطة الأخرى التي أريد إثارتها، فما لم يتحقق في هذه المرحلة من أهداف، فليس أمام شعبنا الكردي سوى متابعة النضال في المرحلة القادمة، فمن الصبيانية أن نتصور أن كل شيء سيتحقق في المحطة الأولى، فلينين كان يرى أن تنظيف المكان من القمامة قد لا يتحقق في نقلها بالعربة الأولى، فلا بدّ إذن من عربة ثانية ونقلة أخرى للقمامة حتى ينظف الموقع تماما..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في المشهد السياسي الكردي السوري، الذي يتسم غالباً بالحذر والتردد في الإقرار بالأخطاء، تأتي رسالة عضو الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي، السيد سليمان أوسو، حيث نشرها على صفحته الشخصية ، بعد انعقاد “كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي “، كموقف إيجابي ، يستحق التقدير. فقد حملت رسالته اعتذاراً صريحاً لمجموعة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشخصيات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني،…

د. محمود عباس من أعظم الإيجابيات التي أفرزها المؤتمر الوطني الكوردي السوري، ومن أبلغ ثماره وأكثرها نضجًا، أنه تمكن، وخلال ساعات معدودة، من تعرية حقيقة الحكومة السورية الانتقالية، وكشف الغطاء السميك الذي طالما تلاعبت به تحت شعارات الوطنية والديمقراطية المزوّرة. لقد كان مجرد انعقاد المؤتمر، والاتفاق الكوردي، بمثابة اختبار وجودي، أخرج المكبوت من مكامنه، وأسقط الأقنعة عن وجوهٍ طالما تخفّت…

انطلاقاً من إيماننا العميق بوحدة الصف والموقف الكردي، وانسجاماً مع تطلعات شعبنا نحو مستقبل تسوده العدالة والكرامة، فإننا آل حاج خليل الشابصني – شوطي ، نعلن عن تأييدنا الكامل لما ورد في البيان الختامي لـكونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي، والرؤية السياسية الكردية المشتركة التي أُقرت ، في ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ ، وبرعاية كريمة من الرئيس مسعود بارزاني وقائد قسد مظلوم…

نحن أبناء قبائل الملية وحرصا منا على وحدة الصف وتمسكا بقيم وتضحيات أجدادنا التاريخية التي دأبت على توحيد الكرد، فإننا ندين ونستنكر بشدة زج اسم عشيرة الملية في البيان الصادر والمعنون ب بيان الكتل السياسية والعشائرية والمدنية الكردية برفض وثيقة مؤتمر القامشلي والذي نشر بتاريخ ٢٨-٠٤-۲۰۲٥- والذي يرفض وثيقة مؤتمر وحدة الموقف والصف الكردي المنعقد في قامشلو بتاريخ ٢٦ نیسان…