رمزية دماء شهداء بيشمركة روج الكوردستانية

عمر كوجري
لم تبخل دماء شباب كوردستان سوريا يوماً في إرواء أرض كوردستانية خارج حدود الجغرافية الكردية التي رسمها الأقوياء في لحظة ” دولية” بالغة التعقيد وتشابك المصالح، الشباب الكردي في هذه البقعة الصغيرة جغرافياً وفائقة الكبر كردياً وروحاً عابرة لحجم المكان في صغره لم يعترفوا يوماً بالخنادق التي نصبها وحفرها الآخرون، بل تجاوزوها، طاروا فوقها، ليصلوا إلى مرافئ الوطن.. الحلم الجميل.. كوردستان، كوردستان العصية على الموت رغم ملايين الجراح الناكئة.
كانت أرض جنوبي كوردستان المكان الأكثر حظاً لترتوى بدماء شهداء الشباب الكردي من غربي كوردستان ( كوردستان سوريا)
فمنذ أن وطئت أقدام داعش السوداء أرض كوردستان الطاهرة، والبيشمركة الكوردستانية، ومعهم بيشمركة روج يسطّرون ملاحم وبطولات فذة لمقارعة هذا التنظيم الإرهابي المجرم، وقد زاد عدد الشهداء عن الأربعين شهيداً، وكذا العديد من الجرحى، والعديد ممن أصيبوا إصابات بليغة من إعاقة دائمة إلى إعاقات ببتر الأرجل أو الأيدي.
قبل أيام معدودة روى أربعة شهداء من ضباط بيشمركة روج أرض كوردستان بدمائهم العطرة الزكية، وبهذا الإقدام، بهذا النبل العظيم أعلنوا أن كوردستان عابرة لموضوعة التحجيم” التاريخي والجغرافي” عابرة لقصص العجزة والمرضى الذين صدّقوا أو زعموا أن كوردستان مؤلفة من أربعة أحجار صلدة، من أربعة قلوب متنابذة.. متباعدة ومتباغضة، ولكن هيهات .. هيهات!!.
كانوا عائدين من معركة الموصل، وأبلوا فيها بلاء حسناً، قاتلوا داعش .. الوحش الذي تنكسر الأمم أمام جبروته ووحشيته.. هذه المعركة التي تتحشد لها الاساطيل والجيوش وإمداد بالسلاح، وتغطية جوية من أكثر من ستين دولة، ولا يشتغل على حسن إدارتها، والخوض فيها بصدق غير ” الأمة الكردية”
هؤلاء الأشاوس الأربعة، وفي طريق عودتهم، فاضت أرواحهم لعنان السماء، راحوا ليقاتلوا الموت، وانتصروا عليه، لكن ذلك الحديد ” المجرم” ترصّدهم، وفرم لحومَهم الطرية، وأوجع قلوب أهاليهم وقلوبنا جميعاً.
وفي طريق العودة للبلد الحزين.. الأم.. خرجت الجماهير الكردية لتعبر عن عظيم وفائها لدماء شهدائها.. خرج الكرد العظماء لتحية أرواح من قدّموا دماءهم رخيصة في سبيل عزة وطن كبير وجميل اسمه” كوردستان”
وكان يمكن أن يكون نهر الجماهير أغزر.. أكثر دفقاً لولا سياسات رعناء مارسها باتقان، ويمارسها ممّن يفترض به أن يكون أخاً.. وهو في أوج اندغامه مع الآخر الغريب، وربما الآخر الذي يناصب العداء لدماء الشباب الكردي، والعلم الكردستاني، والحلم الكردستاني.
كوردستان في جنوبها وباقي جهاتها تتعافى.. فدماء هؤلاء الأكارم لن تذهب سدى ..
وكوردستان.. الدولة .. قادمة .. رغم كل سيول الحقد الجارفة من البعيدين، ومن القريبين، وظلمهم الأخيرين أشد غضاضة وقسوة على القلوب.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…