د. ولات .ح. محمد
يبدو أن بعض الكتاب الكورد تأثروا قبل أسبوعين بالأجواء الديمقراطية للانتخابات الأمريكية فأراد أحدهم أن يضع أمام الكورد أكثر من خيار حتى لا يسيروا في اتجاه واحد ووحيد وكي يثبت للعالم أننا أيضاً نعرف لعبة الديمقراطية وأننا سائرون في درب الحضارة ولكن على طريقتنا الخاصة. ولكي يثبت تلك الخصوصية وَضَعَ الكورد أمام خيارين لا ثالث لهما: المستبد والجحش. ولأنه حريص على وقت الناخب الكوردي وفّرَ عليه التفكير وأعطاه الجواب النهائي قائلاً ما معناه: أن كوردياً مستبد أفضل من كوردي جحش. ولكي يكون القارئ على معرفة بموضوع المقال سأورد هنا منشور الزميل الكاتب كما ورد على صفحته الفيس بوكية إذ كتب:
“ نعم للاستبداد الكوردي ولا (للجحشنة الكوردية)؛ (…) مهما يكن الأمر فإن الاستبداد الكوردي يبقى أفضل من تلك الصفة التي كانت تطلق علينا في ظل الفكر البعثي العروبي؛ بأن الكوردي (جحش) !! “. الكاتب ذاته عاد وكتب في منشور لاحق ما يلي: ” بخصوص الاستبداد والجحشنة؛ لا أحد قال أقبل بالاستبداد، بل قلت بأنه أفضل من الجحشنة وبالمناسبة أن يكون الواحد (جحشاً) لأهله، أفضل من أن يكون جحش فاضي للجيران !! “. وفي منشوره الثالث قال: ” هناك من يطالب بالحريات والديمقراطية في واقع مجتمعي وثقافي بائس مثل مجتمعاتنا، طبعاً هي مطالب محقة وملحة ولكن لنكن واقعيين؛ بأننا سنحتاج ربما لنصف قرن لنقوم بثوراتنا الإجتماعية حيث الْيَوْمَ نحن مخيرين بين “جحشنة النظام وتكفير وذبح داعش” وأخيراً (إستبداد) الإخوة ولَك الخيار .. صحيح بقي خيار العثمنلية الأردوغانية الإخوانية !! “.
في المنشور الأول يستخدم الكاتب كلمة (جحش) بمعنى الغبي الجاهل، وفي الثاني والثالث بمعنى العميل والمرتزق كما يبدو. وسواء أكان المقصود هذا أو ذاك فإن النتيجة لن تختلف كثيراً. وعموماً يرتكب الكتاب في طرحه السابق مغالطات كثيرة أود التوقف عندها ليس من باب الرد عليه (فهذه ليست من عادتي) ولكن حتى لا يتم تمرير أفكار أراها أكثر من خاطئة إلى الجمهور؛ فقد انطلق الكاتب من مقدمتين وكأنهما من المسلمات، وظن أنه يمكن البناء عليهما. ولأن المقدمتين خاطئتان جاء استنتاجه خاطئاً ومشوشاً ومفاده أن الاستبداد الكوردي أفضل من الجحشنة الكوردية.
أما وجوه الخطأ فسأبينها في النقاط الآتية:
1- المقدمة الأولى: الجحشنة الكوردية في ظل الفكر البعثي العروبي كما يقول الكاتب. وجه المغالطة في هذه المقدمة أن “الفكر البعثي العروبي” في سوريا لم يستخدم كلمة (جحش) في أدبياته للدلالة على غباء الكوردي أو عمالته في أي وقت. وإن كان قد حصل في مواضع معينة غير رسمية فإنها لا تتعدى كونها حالات فردية لم تبلغ حد انتشارها بين الناس لدرجةٍ تصبح فيها صفة ملازمة للكوردي وتسبب له معاناة، ما يستوجب التخلص منها بأي ثمن. أما الكاتب فقد افترض أنها صفة لاصقة بالكوردي وجعل من الاستبداد بديلاً منقذاً للكورد من تلك الكارثة (الصفة)، وكأنه يقول: إن هذه الصفة التي التصقت بالكوردي وصارت وبالاً عليه ومنغصاً لحياته قد جاء الاستبداد الكوردي وأنقذ الكورد منها، وبالتالي فإنهم أمام خيارين: فإما أن يقبلوا بالاستبداد الكوردي أو يظلوا (أو يعودوا) تحت وطأة تلك الصفة أو المعاملة من النظام البعثي. وهي مقاربة فاشلة بامتياز لسببين: الأول أن تجحيش (وليس جحشنة) الكورد في الفكر البعثي في سوريا لا يشكل ظاهرة أو صفة لاصقة بالكورد يجب التخلص منها بأي ثمن، بل وربما لم يسمع بها معظم الكورد إلا من خلال منشور الكاتب الذي أسس للفكرة وروّج لها وكأنه خلق شيئاً من لا شيء؛ فالكوردي السوري لم يمارس أبداً الجحشنة (أي العمالة وخدمة العدو). السبب الثاني لفشل هذه المقاربة أنه إذا قُدِّر للكورد أن يتخلصوا من هذه النظرة أو الصفة (المفترضة) فذلك لن يكون بسبب الاستبداد الكوردي، بل بسبب ضعف النظام صاحب تلك (النظرة) وبفضل ضعفه وعدم قدرته على العودة إلى ما كان عليه من قوة، وبالتالي ممارسة تلك النظرة (المفترضة) من جديد. لذلك لا يصح أن يقال للكوردي إما أن تقبل بالاستبداد الكوردي وإما أن تعود جحشاً، لأن الكوردي لم يكن جحشاً من الأساس ولأن النظام لن يعود كما كان، ولأن ذلك التغير أو التطور لم يحدث بسبب الاستبداد الكوردي حتى يقال إن رفضه يعني العودة إلى الوضع السابق أي الجحشنة.
2-المقدمة الثانية: الاستبداد بديل الجحشنة. أراد الكاتب أن يقول إن الشعب الذي يريد التحرر من (تجحيش) الآخر له يتوجب عليه القبول باستبداد الشقيق. وقد قال أحد ردوده” كل الشعوب مرت بظروف الإستعمار ومن ثم الاستبداد والكورد لن يكونوا الإستثناء وسيبقى الاستبداد الوطني أفضل من الاستعمار والإستحمار الأجنبي “... وفي المنشور أعلاه قدّرَ الكاتب للكورد خمسين سنة حتى ينهضوا في وجه الاستبداد الوطني مستنداً في ذلك التقدير – كما يبدو – إلى ما حصل للأنظمة العربية المستبدة التي ثارت عليها شعوبها بعد خمسين سنة من تحررها من الاستعمار. علماً أن تلك الشعوب عندما هبّت بعد خمسين سنة في وجوه مستبديها الوطنيين استعانت بالمستعمر (الذي مارس بحقها التجحيش) قبل خمسين سنة: العراق وليبيا وسوريا أنموذجاً !!. فهل يريد الكاتب أن يستعين الكورد بعد خمسين سنة بمجحشيهم ويدمروا بلادهم ويقتلوا بعضهم بعضاً من أجل تغيير حكامهم المستبدين آنذاك؟؟؟ هذا إذا كانت فكرته صائبة من الأساس طبعاً.
أما وجه المغالطة في هذه المقدمة الثانية فهو أن الاستبداد في تلك الدول وفي غيرها قد تَشكّلَ بعد التحرر الوطني من الاستعمار وليس في أثناء النضال من أجل التحرر كما يريد الكاتب أن يصور؛ فالنماذج القريبة منا في سوريا، العراق، مصر، ليبيا، الجزائر وتونس وغيرها نَبَتَ الاستبداد فيها بعد تحررها من الاستعمار وبناء دولتها الوطنية بسنوات، وتحديداً مع وصول الجيش إلى الحكم فيها وما فرضه من تغييب للحريات والآليات الديمقراطية. أما الحركات التي قامت لتحرير شعوبها (هنانو، العلي، الأطرش، العرابي، السنوسي …) فلم تمارس الاستبداد بحقها، بل على العكس حاولت استمالة أوسع قطاع ممكن من الناس وإقناعهم بحركتها لأن أية حركة لا يمكن أن تنجح بدون توفرها على حاضنة شعبية واسعة. لذلك لم يُخيّر أحد من هؤلاء شعبه بين استبداده والبقاء عبيدأ (جحوشاً) للاستعمار (مانديلا لم يفعل ذلك مثلاً)، بل كان التخيير الوحيد دائماً (في كل حركات التحرر في العالم) بين البقاء تحت إذلال وإهانة الاستعمار والتحرر منه وبناء الدولة الوطنية. من هنا يأتي خطأ المقدمة الثانية القائمة على تفضيل الاستبداد الوطني على الجحشنة، لأنها ضد طبيعة حركات التحرر في المنطقة والعالم، ولأن الاستبداد نشأ بعد التحرر وبناء الدولة وليس قبله أو في أثنائه. ولذلك كله كان استنتاج الكاتب ” الاستبداد الكوردي أفضل من الجحشنة الكوردية ” استنتاجاً خاطئاً لأنه مبني على مقدمتين خاطئتين كما سبق الحديث. فالكاتب يطرح استنتاجه وكأن الدولة الكوردية الوطنية قائمة، وكأن المشكلة الوحيدة هي استبداد الحاكم الكوردي، ولذلك ينصحه الكاتب بقبول مستبده الوطني حتى لا يعود “جحشاً ” عند الغريب كما كان من قبل !!!.
3- إن طرح هذه الفكرة تشجيع للاستبداد وتبرير له وتسويق. وهو كلام لا يليق عموماً بالمثقفين والكتاب الذين تعول عليهم الشعوب عادة ليكونوا دعاة الحرية والديمقراطية منددين بالاستبداد أياً كان موطنه ومنبعه؛ فلو كانت هذه الفكرة صائبة لرحّب كل شعب عبر التاريخ بمستبده المصنوع وطنياً، ولقَبِلتْ الشعوب العربية بمستبديها (العرب) بدلاً من كل هذه الانتفاضات التي باركها الكاتب نفسه لأنها قامت ضد مستبدين.
إن الدعوة إلى قبول المستبد تعني الدعوة لقبول قتل الحياة، وسواء أكان قتل الحياة على يد عربي أو فارسي أو تركي أو كوردي أو واقواقي فهو قتل للحياة، وإلا لرحّب العربي بمستبده لأنه عربي مثله، ولَقبل كذلك الإيراني بمواطنه (الشاه مثلاً) المستبد ولحذا التركي حذوهم لأن مستبده صناعة وطنية. إذا كانت هذه قناعة صاحب الرأي فلماذا المزايدة ليل نهار على الشعوب الأخرى من عرب وترك من خلال الدعوة إلى محاربة مستبديها (من غير الكورد) الذين قبلت بهم شعوبهم واختاروهم راضين قانعين؟! أليس غريباً بل وقمة في الغرابة أن يدعو الكوردي إلى رفض استبداد الآخرين بحق شعوبهم، بينما يقبل ويؤيد ويشجع المستبد الكوردي ويدعو الناس إلى قبوله والسير معه مدعياً أن البديل عنه هو الجحشنة حسب منطوقه هو؟؟؟. أليس في هذا إهانة للكوردي: أن يدعو أحدنا إلى محاربة المستبدين الغرباء لتخليص شعوبهم منهم، بينما يدعو أخاه الكورديَّ إلى اختيار مستبده وقبوله والتصفيق له وتقبيل يديه وحذائه أيضاً لأنه أفضل له من الجحش الكوردي كما يقول ؟؟!!!. إهانة للكورد أن يوضعوا أمام خياري الاستبداد والجحشنة؛ فإن لم يكن هذا الشعب قادراً على أن ينتج سواهما فهو غير جدير بالحياة ولا بدولة ولا بقرية حتى، وبالتالي فهو لا يحتاج إلى قيادة من الأساس، وليكن كلٌ من الجحش والمستبد قائداً على نفسه وأولاده أو مجموعته ..
لو رضيت الشعوب بمستبديها بسبب ما يجمعهم بها من عرق أو لغة لكان أصحاب هذا الرأي يعيشون الآن في ظل أنظمة استبدادية وليس في نعيم أنظمةٍ ديمقراطيةٍ لجؤوا إليها يوماً ما (وهم محقون) هرباً من الاستبداد ومخلفاته من تضييق على الرأي وملاحقة وتمييز وفقر وبطالة، وغير ذلك من بركات الاستبداد. أمّا أن يجلس أحدهم في نعيم الديمقراطية ويشجع الاستبداد ويؤيده ويبرره غير عابئ بما يعانيه أبناء جلدته وحارته وطفولته وعشيرته وقريته وبلدته، لأنه بعيد عنه أو لأسباب تخصه هو، فهذه هي الازدواجية في رؤية الأشياء، وأقل ما يقال عنه أنه كلام متسرع غير مفكَّر فيه وفي أبعاده ومؤثراته.
4- يبدو أن مسألة التصنيفات عند الكوردي باتت من الألعاب المسلية والمستهواة والمريحة للعقلية الاستعلائية والإقصائية حتى انجرَّ بعض المثقفين والكتاب إليها دون تردد أو تحسّب. وهنا أسأل: بأي حق ومن أي منطلق يعطي أحدنا نفسه الحق في وضع الناس في هذه الثنائيات الحادة والقاسية والمقسِّمة لوحدتهم؟. وكيف يسمح أحدنا لنفسه أن يجعل الناس فئتين سيئتين، فيكون من يختار إحداهما راضياً بها ومنتمياً لها وسيئاً؟. وبهذا المعنى – وفي النتيجة – الذي يقبل بالمستبد (السيئ) سيكون مثله وفي صفه، والذي لا يقبل به سيكون في صف الجحش (السيئ) وسيكون مثله وفي خانته. وإذا افترضنا أن نصف عدد الكورد في سوريا لن يقبلوا الاستبداد فهذا يعني أن مليونين من الكورد السوريين تقريباً جحوش في رأي الكاتب. وسواء أكان الكاتب يقصد بكلمة (جحش) العميل أم الغبي فالنتيجة واحدة، وهنا تكمن خطورة هذا الكلام الذي لا يليق بمثقف.
القول الثاني في هكذا تصنيف هو أنك عندما تخيّر الكوردي بين قبول الاستبداد والجحشنة فإنك تقول له إنه لا خيار ثالثاً أمامك. وأن تقول له ذلك فإنك تعني أنه ليس من بين الكورد أناس يتمتعون بالعقل والحكمة والإخلاص ويحبون شعبهم ويحرصون على حقوقه ويحترمون إنسانيته. وهذا يعني بدوره أنك تقول إن كل الحركات والثورات التي قام بها الكورد على مدى أكثر من قرن من الزمن لم يكن قادتها وثوارها وداعموها إلا أحد اثنين: مستبد أو جحش، وأن الذين قبلوا بهم وصفقوا لهم وساروا خلفهم هم أيضاً في إحدى الخانتين. قد يسارع قائل إليّ بالقول: إنك تبالغ ولقد كبّرتَ الموضوع، فأقول له: هذا جوهر الفكرة وتلك هي دلالاتها، فإن كان صاحب الكلام لا يعرف معنى مقوله ودلالاته (وأَستبعدُ ذلك) فتلك هي مشكلته هو، وإن كان يعلمه وقد نطق به وخطّه على صفحته (التي وفرتْها له الديمقراطية وليس الاستبداد) وهو على معرفة بأبعاده ومعانيه ودلالاته فعليه أن يتوقع ردود أفعال الناس الذين لا يرون أنفسهم مصنفين في إحدى خانتيه: المستبد والجحش.
5- عالم التعليقات
يبدو أن طبيعة المنشور ولغته فتحتا شهية بعض الحاقدين وحرضتهم عل كتابة تعليقات تنم عن حقد أو جهل أو كليهما معاً، وسأورد هنا نماذج منها للتدليل على نوعية الجمهور الذي قد يخلقه أي كاتب بكتابته: 1- ” كلام المفروض يكتب بماء الذهب “. 2- ” شو قصتك مع الجحشنة اقسم بالله عم تظلم الجحش بشرف الجحش اشرف واعقل من 75 بالمي من هال الشعب “. 3- ” والله ثم والله الجحوش الكرد فاضيين للجيران اكتر من انو فاضيين للكرد “. 4- ” على هذه الحالة … الواحد ينزل على سوريا و يبيع شعير اربح بيزنس “ . اللافت في هذه النقطة أن الكاتب لم يردّ على هذه الإساءات التي تخص الكورد عموماً ولم يحاول تصحيح فكرة لصاحبها، بل أكثر من ذلك سجل إعجابه بتلك التعليقات وغيرها، وهذا موضع سؤال كبير برسم الكاتب المثقف. الأمر الآخر أن معظم المعلقين عارضوا فكرة الكاتب ودعوه إلى التراجع عنها، وهذا مبعث فرح وتفاؤل بشبابنا الواعي الذي لم يعد يسلم بأي شيء يقرؤه إلا بعد غربلة وتنقيح. وقد ناقشه كثير من أولئك الشباب بشكل عقلاني ومنطقي وطرحوا عليه أسئلة لم تجد جواباً مقنعاً لدى الكاتب من قبيل: ” سؤالي لماذا قمت ضدد الاستبداد البعثي بل كان ابو الوطنية بل عليك ان تكون امينن لديهم “. وقال آخر: ” … في ظل الفكر البعثي حاشا ان يقال عن الاكراد جحش الا اذا ما جند نفسه لهذا الفكر البعثي على حد قولك،، واتمنى فالنهابة ان لانكون اداة للبعثيبن يعني(؟؟؟ ؟؟؟) كي لا يقال عنا؟؟؟؟ “ فردّ الكاتب: ” بل كانت الصفة تعمم على كل الكورد “. (ملاحظة: أوردتُ المشاركات كما هي ).
6- كلمة ختام
إن قبول الكوردي بالوضع الآني (مهما يكن) نابع من حكمته وشعوره بالمسؤولية تجاه نفسه وشقيقه وقضيته، ومن روحه الوطنية العالية التي تدفعه لتحمّل أي شيء لأن البديل هو محاربة شقيقه وإهدار دمه وتدمير بيته، وليس لأن البديل هو الجحشنة كما يطرح الكاتب. وهذا ما يجب أن يكون موضع فخر واعتزاز بالكوردي وبوعيه، لا سبباً لإهانته وإظهاره عاجزاً ومستكيناً لا يستحق سوى الجحشنة أو الاستبداد. كيف ذلك؟. عندما يقال له ليس أمامك إلا المستبد والجحش، فذاك يعني أنه عاجز مرتين: الأولى لأنه قابل بالمستبد (يعني مستسلم)، والثانية لأنه غير قادر على إنتاج خيار ثالث أو رابع … (يعني عاجز)، وهذا غير صحيح للأسباب التي ذكرتها آنفاً؛ فلا هو مستسلم ولا هو عاجز ولكنه واعٍ وحكيم وحريص وحذِر وصبور … وكل هذا يُسجل له وليس عليه يا عزيزي.
أن تؤيد فكرة أو منهجاً أو حزباً أو نظاماً وتدافع عنه وتروّج له بدافع من قناعة أو مصلحة فهذا شأنك الخاص، أما أن تخدع الناس وتهين شعباً بأكمله فهذا ليس شأناً شخصياً أو قناعة خاصة. الكورد شعب حيّ ومقاوم وعنيد بدليل أنه موجود ومستمر وباقٍ على الرغم من كل أنواع الاستبداد الذي مورس بحقه عبر التاريخ، وكذلك بدليل أنه لم يتوقف يوماً عن النهوض في وجه الظلم والاستبداد. وشعب يحمل كل هذه الروح والحيوية قادر على أن يخلق خياراً ثالثاً ورابعاُ وخامساً في الوقت الذي يراه مناسباً … وحينئذ سيترك المستبدَ والجحشَ خيارين وحيدين حصرياً لمن لا يستحق غيرهما !!!.
إن الشعب الذي لا يستطيع أن يلد سوى مستبد أو جحش شعب غير جدير بالحياة ..